تمام سلام في زيارة رسمية إلى باريس الأسبوع المقبل

فرنسا تسعى لتنشيط وساطتها لبنانيا مستفيدة من بوادر انفتاح إيراني

تمام سلام
تمام سلام
TT

تمام سلام في زيارة رسمية إلى باريس الأسبوع المقبل

تمام سلام
تمام سلام

تستضيف باريس هذا الأسبوع رئيس الوزراء اللبناني تمام سلام، في زيارة رسمية تستمر ثلاثة أيام (من 10 إلى 12 الحالي) ستتشعب محاورها بين الوضع اللبناني بأبعاده السياسية والعسكرية والأمنية والإنسانية (ملف اللاجئين السوريين)، فضلا عن بعده الإقليمي سوريا وعراقيا. كما سيكون ملف الإرهاب وما يشكله من تهديد مباشر على أمن وسلامة لبنان حاضرا بقوة خلال لقاءات سلام مع المسؤولين الفرنسيين.
وأعدت باريس برنامجا حافلا للرئيس سلام، إذ سيلتقي رأسي السلطة التنفيذية (الرئيس فرنسوا هولاند ورئيس الحكومة مانويل فالس)، والتشريعية (رئيسي مجلس الشيوخ ومجلس النواب جيرار لارشيه وكلود برتولون)، فضلا عن وزير الدفاع جان إيف لودريان. أما وزير الخارجية لوران فابيوس فلن يلتقيه بسبب سفره إلى بيرو لحضور مؤتمر حول المناخ.
تقول مصادر فرنسية رسمية رفيعة المستوى إن باريس «حريصة على دعم الرئيس سلام»، لكونه يشكل اليوم «ركيزة السلطة التنفيذية» في لبنان وللدور الدستوري والمؤسساتي والسياسي الذي يلعبه بالنظر لموقعه على رأس هذه السلطة واستمرار الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية. وتضيف هذه المصادر أن فرنسا «تريد، من جهة، الاستمرار في مساعدته عبر توجيه رسائل والقيام بوساطات.. كما أنها تقوم، من جهة ثانية، بما تستطيعه من أجل إيجاد المناخ الإقليمي والدولي الذي من شأنه تسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية»، ربما في إطار صفقة متكاملة تشمل بلورة قانون انتخابي جديد يفتح الباب لحكومة توافقية.
سيكون للرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الكثير مما سيقوله للرئيس سلام بالنظر للتحركات والاتصالات المتلاحقة التي تقوم بها فرنسا مع كل الأطراف الداخلية والإقليمية لتوفير أرضية مشتركة تفضي إلى وضع حد للفراغ الدستوري في لبنان. ووفق أكثر من مصدر فرنسي ولبناني، فإن «العامل المشجع الجديد» الذي يدفع فرنسا لمضاعفة جهودها هو التقاطها لـ«مؤشرات مشجعة» من طهران لجهة قبولها بأن تلعب «دورا مسهلا» في لبنان يسهم في استرخاء الأجواء والتحضير للخروج من الفراغ. وتربط مصادر رسمية لبنانية رفيعة المستوى تحدثت إليها «الشرق الأوسط» بين هذه المؤشرات وبين رغبة طهران في توجيه رسالة سياسية إيجابية جديدة باتجاه الغرب تضاف إلى الرسالة السابقة المتمثلة بدور طهران في الحرب على «داعش»، والتي كانت آخر تجلياتها مشاركة الطائرات الحربية الإيرانية في قصف مواقع لتنظيم الدولة شرق العراق، وهو ما عده وزير الخارجية الأميركية جون كيري في المحصلة النهائية «أمرا إيجابيا». ومن التطورات الإيجابية «الداخلية» التي لا يمكن فصلها عن تأثيرات طهران اقتراب قيام حوار بين تيار المستقبل و«حزب الله» يراد له أن «يبرد» الأجواء الداخلية، وربما أفضى إلى إيجاد أرضية مشتركة لتفاهمات حول الملفات الأساسية. ورغم أن الغربيين يرفضون الربط بين ملف إيران النووي والبؤر الساخنة في الشرق الأوسط، فإن أوساطا دبلوماسية على اطلاع تام بالاتصالات والتحركات، تؤكد أن لإيران اليوم «نهجا جديدا» في التعاطي مع الملف اللبناني.
وتريد باريس أن تلعب دور «صلة الوصل» بين الأطراف الفاعلة على الساحة اللبنانية، الأمر الذي يبرر الجولة الجديدة التي ينوي مدير دائرة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في الخارجية الفرنسية القيام بها، والتي تشمل طهران والرياض والفاتيكان وبيروت، بينما قام السفير فرانك جوليه، الموكل بالملف السوري، مؤخرا بزيارة لموسكو تركزت خصوصا على الوضع السوري لكن مع امتداداته اللبنانية. وتريد باريس إدخال الفاتيكان في دائرة الوساطات لما تراه من قدرته على التأثير على القادة المسيحيين اللبنانيين وحثهم على تسهيل انتخاب رئيس جديد للجمهورية.
بيد أن أوساطا وزارية لبنانية تطرح علامات استفهام حول ما إذا كانت باريس قد حصلت على «تفويض دولي» للتعاطي مع أزمة الفراغ الرئاسي وتحديدا من الجانب الأميركي يكون شبيها بالتوكيل الذي أعطي لها لتسهيل ولادة حكومة الرئيس سلام.
وهذه هي المرة الأولى التي يزور فيها سلام باريس بصفته رئيسا للوزراء، وثاني مرة يلتقي الرئيس هولاند بعد اجتماع أول في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي. ومن المنتظر أن يبحث سلام الذي يرافقه وزير الدفاع والخارجية سمير مقبل وجبران باسيل الملف العسكري مع فرنسا على ضوء الاتفاق الذي تم بشأن الأسلحة التي ستسلمها فرنسا للبنان في إطار هبة المليارات الثلاثة المقدمة من المملكة السعودية. ويتوجب على لبنان أن يكون قد ذيل الاتفاق بتوقيعه النهائي ليصبح نافذا. ولهذا الغرض علم أن الأميرال السابق أدوار غيو الذي يرأس مجموعة «أوداس» المكلفة بتنفيذ بنود العقد كطرف وسيط بين الدولتين اللبنانية والفرنسية موجود في بيروت. وينتظر أن يبدأ تسليم السلاح للجيش اللبناني في الفصل الأول من عام 2015. كذلك سيحظى الملف الأمني باهتمام كبير، إذ لا تخفي باريس قلقها الشديد من تزايد انعكاسات الحرب في سوريا على الوضع في لبنان.
ولا شك أن الرئيس سلام سيشدد على حاجة لبنان للدعم من أجل تحمل تبعات اللاجئين السوريين إلى لبنان خصوصا بعد إعلان برنامج الغذاء الدولي عن عزمه وقف تقديم المساعدات بسبب فقدان التمويل اللازم. وتتفهم باريس عجز لبنان عن مواجهة العبء الإنساني السوري، كما أنها تتفهم التبعات المترتبة على اقتصاده وبناه التحتية، فضلا عن المشاكل الأمنية والاجتماعية التي يتسبب بها.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.