قلق أمني في لبنان على خلفية إعدام جندي مختطف.. وظهور مسلح وطرقات مقطوعة

الأحزاب منعت اتخاذ التوتر طابعا مذهبيا

بيروت تنزلق نحو الفوضى
بيروت تنزلق نحو الفوضى
TT

قلق أمني في لبنان على خلفية إعدام جندي مختطف.. وظهور مسلح وطرقات مقطوعة

بيروت تنزلق نحو الفوضى
بيروت تنزلق نحو الفوضى

عاش اللبنانيون منذ لحظة إعلان «جبهة النصرة» إعدام الجندي المختطف لديها علي البزال ليل الجمعة الماضي، على وقع أحداث أمنية متلاحقة بدأت بانتشار مسلح نفذه أهالي بلدة البزالية، شرق البلاد، مسقط رأس البزال، تبعه توقيفات على الهوية وإقفال لعدد كبير من الطرقات في مجمل الأراضي اللبنانية.
ولم تنجح ساعات الليل في احتواء الاحتقان، إذ صعد باقي أهالي العسكريين المختطفين من تحركاتهم صباح يوم أمس السبت بعد تلقيهم أكثر من رسالة تهديد بتصفية باقي العسكريين، فقطعوا أوصال العاصمة بيروت وبالتحديد المداخل الشمالية، كما عزلوا مناطق الشمال اللبناني عن العاصمة وقطعوا طرقات شرق البلاد وأبرزها الطريق إلى بلدة عرسال حيث أكبر تجمع للاجئين السوريين في لبنان.
وقالت مصادر ميدانية في البقاع شرقا إن «المنطقة شهدت ليلا عاصفا حيث أقيمت الحواجز وتم التدقيق بالهويات وتوقيف 3 أشخاص من بلدة عرسال من عائلتي الأطرش والحجيري تم تحريرهم صباحا بعد تسليمهم لـ(حزب الله) الذي سلمهم بدوره للأجهزة الأمنية اللبنانية». وأوضحت المصادر في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه تم ليل الجمعة أيضا «إطلاق النار على لاجئ سوري يعيش في عرسال صودف مروره على الطريق».
ونجحت فعاليات بلدة عرسال السنية والبلدات الشيعية المتاخمة وبالتحديد اللبوة والبزالية بالتعاون مع الأحزاب المعنية في احتواء التوتر الذي كاد يتخذ طابعا مذهبيا.
وأعرب رئيس بلدية عرسال علي الحجيري عن تفهمه لرد فعل أهالي البزالية بعد إعدام البزال، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «قطعوا الطريق لأنهم غاضبون بعد ما حصل، ونحن نتفهم ذلك، لا شك أنهم سيفتحونها قريبا... لقد اعتدنا على ذلك».
وشدد الحجيري على أن لا علاقة لأهالي عرسال بما حصل للبزال وبما يحصل للجنود، لافتا إلى أنهم بين مطرقة الأهالي الغاضبين وسندان اللاجئين السوريين الذين تخطى عددهم داخل البلدة الـ70 ألفا. وأضاف: «نحن كنا نفضل ألا نستضيف كل هذه الأعداد من النازحين وأن يتم نقلهم إلى مخيمات على الحدود».
وشن آل البزال هجوما عنيفا على اللاجئين السوريين في بلدة عرسال معتبرين أنهم «ليسوا نازحين، بل حفنة من التكفيريين انقضوا على الجيش»، معلنين «عدم السماح لأي جهة محلية أو دولية بإيصال المساعدات إلى بلدة»، ولافتين إلى أن «قطع الطرق في أي بلدة بحجة التضامن مع إرهابيي عرسال هو تأييد لهم».
وطالبوا في مؤتمر صحافي الحكومة اللبنانية بـ«تنفيذ أحكام الإعدام بحق الإرهابيين الموقوفين في سجن رومية، بدءا من الموقوفة جمانة حميد والموقوف عمر الأطرش»، محملين الشيخ مصطفى الحجيري المعروف بـ«أبو طاقية» مسؤولية مقتل البزال ودعوا لإلقاء القبض عليه.
وكانت «الوكالة الوطنية للإعلام» أفادت يوم أمس بأن الجيش اللبناني استهدف تجمعات المسلحين في جرود الديب في عرسال بالمدفعية الثقيلة، بينما استهدفت طائرة سورية مراكز قيادية لهذه المجموعات في وادي ميرا - الزمراني، بصواريخ موجهة جو - أرض، ما أدى إلى وقوع إصابات في صفوفهم.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.