«حكواتيون شعراء»... فرجة شعرية وفنية بمراكش

تمزج بين الشعر والمسرح والأداء

«حكواتيون شعراء»... فرجة شعرية وفنية بمراكش
TT

«حكواتيون شعراء»... فرجة شعرية وفنية بمراكش

«حكواتيون شعراء»... فرجة شعرية وفنية بمراكش

أطلقت «دار الشعر» بمراكش فقرة شعرية وفنية، يلتقى خلالها التراث الشفاهي الإنساني مع الشعر، تحت عنوان «حكواتيون شعراء»، أَريدَ لها أن تشكل «فضاء لتلاقي التعبير الإبداعي، في أرقى تجلياته، حيث يمتزج الشعر بالمسرح والأداء الفني والفرجة الشعبية بفنون القول الإبداعي».
وتأتي هذه الفقرة الجديدة، المنظمة تحت إشراف وزارة الثقافة والرياضة والشباب (قطاع الثقافة)، التي تبث على قنوات التواصل الاجتماعية للدار، ليلة غد (الجمعة)، في ظل حرص على «تجسير التباعد الاجتماعي، بين الشعراء والنقاد والفنانين والمتلقي شعرياً»، عبر إطلاق العديد من الفقرات الشعرية والندوات النقدية، من بوابة المنصات التفاعلية لـ«دار الشعر»، لـ«تواصل من خلال هذه البرمجة، فتح منافذ جديدة لتداول الشعر بين جمهوره، احتراماً للتدابير والظرفية الاستثنائية التي يعيشها العالم اليوم».
ويقدم المنظمون فقرة «حكواتيون شعراء»، التي تجمع أحد رواد فن الحلقة بساحة جامع الفنا، الفنان عبد الرحيم المكوري، المعروف باسم «عبد الرحيم الأزلية»، وابنته الفنانة حجيبة، وإلى جانبهما الفنان المسرحي والسينمائي الشاعر السعيد بوخالد، كـ«فقرة استثنائية، يلتئم خلالها أنماط القول الشعري والفني ضمن قوالب أدائية فنية»، حيث «يصبح فضاء (دار الشعر) بمراكش، ساحة جامع الفنا مصغرة، ومسرحاً صغيراً للأداء الشعري الفني».
وبالنسبة للمنظمين، فإذا كان الفنان الأزلية، من الحكواتيين الذين كرّسوا حياتهم لفن الحكاية، ولازموا فضاء ساحة جامع الفنا، التي ألهمت العديد من الكتاب العالميين الكبار، هذا التراث اللامادي الإنساني والذي كان يشكل مشتلاً للعديد من الشعراء والفنانين المسرحيين والموسيقيين كما صنفته (اليونيسكو) تراثاً شفوياً للإنسانية، فإن تجربته مع الشعر والنظم لم تفارقه، فأبعد من السيَر والحكايات، خاض الفنان الأزلية تجارب عالمية مع عدد من الفنانين، ومن ذلك تجربته مع الإسباني هكتور أورين، إلى جانب انفتاحه على تجربة الإبداع المغربي كما فعل مع نصوص أحمد بوزفور وحسن نجمي وغيرهما.
وتشارك الفنانة الحكواتية حجيبة، إلى جانب والدها، في تجربة فريدة. حيث يعود عنترة بن شداد إلى جانب شعراء وشخصيات تاريخية ومتخيلة، لتنسج الفنانة «من (شعرية») الحكايات والحس الأدائي الرفيع، لحظة شعرية وفنية رفيعة».
فيما يستعيد الفنان المسرحي والشاعر السعيد أبو خالد «صوت الشاعر الذي سكنه فترة زمنية طويلة»، حين كان ينشر في الملاحق الثقافية للصحف المغربية، وهو الذي شارك في عروض «بشار بن برد»، و«عائد إلى حيفا»، و«رحلة الرجل الطيب» و«منطق الطير»، إلى جانب مشاركته السينمائية العديدة والمسلسلات الدرامية، حيث «اختار أن يكون (الممثل الشاعر)، في تناغم مع فقرة (حكواتيون شعراء)».
ويقول المنظمون إن «إعادة الاعتبار للحكواتيين في نسيجنا الثقافي، ظلت حلماً يراود العديد من المثقفين والفاعلين الجمعويين والشعراء والكتاب والإعلاميين، واليوم في لفتة شعرية وثقافية تفتح (دار الشعر) بمراكش، نافذة على هذا التراث الشفاهي الغني إلى جانب إعادة الاعتبار لوظيفة الشاعر والفنان، داخل منظومتنا المجتمعية»، حيث تأتي الفقرة الجديدة لتنضاف إلى فقرات أخرى تم إطلاقها، في انتظار «نوافذ استثنائية»، تأخذ شكل «حوار مفتوح بين الشعر والأجناس التعبيرية الإنسانية».



كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
TT

كتاب مصري جديد يحتفي بشكري سرحان في مئوية ميلاده

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)
شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

في ظل الجدل الذي أثير مؤخراً حول «موهبته»، احتفى مهرجان الأقصر السينمائي في دورته الـ14 بذكرى مئوية ميلاد الفنان المصري الكبير شكري سرحان (13 مارس «آذار» 1925 - 19 مارس 1997)، وأصدر المهرجان بمناسبة ذلك كتاب «شكري سرحان... ابن النيل» للناقد المصري سامح فتحي، ويضم الكتاب فصولاً عدة تستعرض مسيرة الفنان منذ مولده وحتى أصبح نجماً من كبار نجوم السينما المصرية، متوقفاً عند أهم أفلامه التي وصلت إلى 161 فيلماً، بدءاً من أول أفلامه «نادية» 1949 للمخرج فطين عبد الوهاب، وحتى آخرها «الجبلاوي» 1991 للمخرج عادل الأعصر.

وكان قد أثير جدل حول انتقادات وجهها الممثل الشاب عمر متولي، نجل شقيقة عادل إمام، في برنامج يبثه عبر «يوتيوب» استضاف خلاله الممثل أحمد فتحي، تناولا خلاله سيرة الفنان الراحل شكري سرحان، حيث اتفقا على أنه «حقق نجومية أكبر من موهبته الحقيقية»؛ ما دفع أسرة الفنان الراحل لتقديم شكوى لنقابة الممثلين، حيث قدم نقيب الممثلين الفنان أشرف زكي اعتذاراً لأسرة الفنان الراحل، مهدداً كل من يتجاوز في حق الرموز الفنية بالشطب من النقابة. وفي المقابل اعتبر نقاد وفنانون الهجوم على فتحي ومتولي بمنزلة «تضييق على حرية إبداء الرأي على الأعمال الفنية ونجومها».

شكري سرحان في أحد أدواره (أرشيفية)

أعمال هادفة

ووصف المؤلف مسيرة شكري سرحان الفنية التي امتدت على مدى نصف قرن بأنها تميزت بـ«اختيار الأعمال الهادفة والجادة، وعدم الابتذال أو السقوط في حب الظهور وشهوة المال»، حيث شارك في «مئات الأدوار بالمسرح والسينما، وأمتع الملايين، وأثرى الحياة الفنية بكل ما هو مفيد وهادف».

فيما عَدّه الناقد سعد القرش في مقدمة كتاب «ابن النيل» بأنه الأكثر حظاً، وأنه من بين نجوم السينما المصرية الذي «كان الأقرب إلى الملامح النفسية والجسدية لعموم المصريين في جيله، رغم أنه لم يكن في وسامة محمود مرسي أو كمال الشناوي وعمر الشريف ورشدي أباظة، ولا يتمتع ببنية جسدية تنقله إلى الفتوات مثل فريد شوقي، حيث كان للنجوم صورة ذهنية لدى المشاهدين يشبهون أو يتشبهون بنجوم هوليوود من حيث تسريحة الشعر ولمعانه والشارب».

الناقد المصري سامح فتحي (الشرق الأوسط)

يستعرض سامح فتحي بدايات سرحان، الذي وُلد بالإسكندرية لكنه ينتمي لقرية «الغار» بمحافظة الشرقية، وكان الأوسط بين شقيقيه صلاح وسامي، وقد أثرت فيه حياة القرية، كما ذكر هو بنفسه، فقد أكد أن النشأة الدينية كانت إحدى سمات حياته منذ طفولته، فقد اعتاد على ارتياد المساجد وحفظ القرآن الكريم، وكان والده يعمل أستاذاً للغة العربية، ويحرص على أن تمضي الأسرة شهور الدراسة بالمدينة ثم تنتقل للقرية في الإجازة.

وبدأت علاقة سرحان بالفن من خلال شقيقه الأكبر صلاح، فحينما افتتحت دار سينما بالقرب من منزلهما، كان وشقيقه، حسبما روى، يتوقفان بجوارها ليستمعا لأصوات الممثلين، ويؤديان بعض الأدوار في حجرتهما حتى لا يشعر بهما والدهما، والتحق مثل شقيقه بفريق التمثيل بمدرسة الإبراهيمية، ثم التحق كلاهما بمعهد الفنون المسرحية في أول دفعة به، وكان من زملائه بالمعهد فريد شوقي وصلاح نظمي.

عثرات ونجاحات

واجه شكري سرحان عثرات في بداية طريقه الفني، حين اختاره منتج فيلم «هارب من السجن» لدور البطولة، حيث كاد يطير من الفرحة ثم قرر المخرج استبداله بالفنان فاخر فاخر، فحزن حزناً كثيراً خصوصاً بعد أن طالع خبراً بإحدى المجلات الفنية بأن الممثل الشاب شكري سرحان أثبت فشله في السينما، ما أصابه باكتئاب لفترة طويلة، لم ينقذه منه إلا خبر آخر كتبه الصحافي صلاح ذهني بمجلة «آخر ساعة»، حيث نشر صورة له وكتب أسفلها «فتى أول ينقصه مخرج»، فاتصل به المخرج حسين فوزي، ومنحه دوراً في فيلم «لهاليبو» مع نعيمة عاكف، ثم شارك في أدوار صغيرة بأفلام عدة من بينها «أفراح» و«بابا عريس».

مع سعاد حسني في أحد الأعمال (أرشيفية)

لكن الفرصة الكبرى والأهم جاءت حين اختاره المخرج يوسف شاهين لبطولة فيلمه «ابن النيل» ليكون هذا الفيلم البداية الحقيقية لشكري سرحان في السينما، وقال الفنان عن ذلك: «منحني الله هذا الشرف العظيم بأن أُمثل (ابن النيل) في هذه القصة، وفي وجود فريق قوي من الممثلين مثل يحيى شاهين ومحمود المليجي وفاتن حمامة».

وأشاد به يوسف شاهين بعد أحد المشاهد التي أداها، قائلاً له: «أنت برعت في أداء هذا المشهد مثل أعظم نجوم هوليوود، وأنا أمنحك أوسكار على ذلك».

انطلاقة كبرى

ويرى سامح فتحي مؤلف الكتاب أن فيلم «شباب امرأة» 1951 قد مثَل انطلاقة كبرى في مسيرة شكري سرحان، وكانت قد رشحته الفنانة تحية كاريوكا للمخرج صلاح أبو سيف لأداء دور «القروي الساذج إمام بلتاجي حسنين»، وقد ساعده على أداء الشخصية جذوره الريفية ليصبح الفيلم المأخوذ عن رواية الأديب أمين يوسف غراب في مقدمة الأفلام الواقعية المهمة في تاريخ السينما المصرية.

شكري سرحان في أحد مشاهد فيلم «ابن النيل» (أرشيفية)

وتعد شخصية «سعيد مهران» بطل رواية نجيب محفوظ «اللص والكلاب» من أبرز الشخصيات التي أداها شكري سرحان، حيث كتب في مذكراته أنه حينما قرأ الرواية جذبته عبارة «خرج من السجن وفي جوفه نار»، ما يوحي بسخونة أحداثها وأنه أطلق لخياله العنان لتجسيد أحداثها التراجيدية، ومَثّل الفيلم الذي أخرجه كمال الشيخ السينما المصرية في مهرجان برلين 1964، وأشاد به النقاد الألمان الذين رأوه «فيلماً مصرياً متكاملاً يرقى إلى مستوى العالمية».

ويشير الكتاب الجديد إلى تقديم الفنان الكبير لتجارب مهمة في السينما العالمية، من بينها فيلم «ابن كليوباترا»، وسلسلة أفلام «قصة الحضارة بين العصور» للمخرج العالمي روسليني، وفيلم «أسود سيناء» مع المخرج الإيراني فريد فتح الله، كما يتوقف عند أعماله المسرحية التي برزت بشكل أكبر بعد نكسة 1967.

غلاف الكتاب الجديد (الشرق الأوسط)

وحاز شكري سرحان جوائز عدة خلال مسيرته، فقد حصل على جائزة أفضل ممثل عن أدواره في أفلام «اللص والكلاب»، و«الزوجة الثانية»، و«رد قلبي»، و«شباب امرأة»، و«ليلة القبض على فاطمة»، كما تم اختياره «أفضل ممثل في القرن العشرين» بعد تصدره قائمة «أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية» بعدد 15 فيلماً في استفتاء مهرجان القاهرة السينمائي 1996، الذي كرمه قبل عام من رحيله.