«حماس» و«فتح» بصدد التوافق على «تفاصيل المقاومة الشعبية»

احتجاجات شعبية في رفح بقطاع غزة ضد مخطط ضم الضفة (أ.ف.ب)
احتجاجات شعبية في رفح بقطاع غزة ضد مخطط ضم الضفة (أ.ف.ب)
TT

«حماس» و«فتح» بصدد التوافق على «تفاصيل المقاومة الشعبية»

احتجاجات شعبية في رفح بقطاع غزة ضد مخطط ضم الضفة (أ.ف.ب)
احتجاجات شعبية في رفح بقطاع غزة ضد مخطط ضم الضفة (أ.ف.ب)

قال عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» حسام بدران، إن حركته بصدد الاتفاق مع حركة فتح على تفاصيل «المقاومة الشعبية الجماهيرية الشاملة، لإيصال رسالة إلى الاحتلال بأن شعبنا موحد، وأن من حق شعبنا أن يقاوم».
وأضاف بدران في ظهور نادر جدا لأحد قيادي حماس على تلفزيون فلسطين الرسمي، أن «المقاومة الشعبية الشاملة فكرة تستحق التطبيق والمتابعة، ونحن في حماس مستعدون لها، وقلنا سابقا بأن هذا النوع من المقاومة يحتاج إلى تطبيق فعلي ومشاركة شعبية واسعة». وأضاف: «نريد أن نرى تطبيقا في الميدان لهذه الأفكار في الضفة الغربية محط الصراع الحالي، كما نسعى للتوافق على خطوات في غزة والشتات».
ويشكل إعلان بدران عبر تلفزيون فلسطيني الرسمي الاتفاق على مقاومة شعبية شاملة مع حركة فتح، تحولا مهما في سياسة الحركة التي طالما رفضت التسليم بالمقاومة الشعبية نهجا وحيدا.
ويعزز إعلان بدران من جدية الاتصالات بين فتح وحماس بعد إعلان الحركتين وضعهما الخلافات جانبا وإطلاق مرحلة جديدة في مواجهة مشروع الضم الإسرائيلي لأجزاء من الضفة الغربية، في خطوة بدت مفاجئة. وقال جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح في مؤتمر صحافي مشترك مع نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري عبر الفيديو كونفرانس الأسبوع الماضي «إن الحركتين اتفقتا على تبني موقف فلسطيني موحد ضد مخطط الضم الإسرائيلي».
وشكل المؤتمر الذي أعلن عنه قبل ساعات قليلة فقط من انعقاده، مفاجأة للفلسطينيين وكذلك الإسرائيليين، بعد محاولات عديدة للتقارب لم تسفر عن نتائج. وقال بدران الذي شاركه اللقاء التلفزيوني، عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» أحمد حلس: «إن المؤتمر المشترك لم يكن صدفة بل هناك العديد من الاتصالات واللقاءات اليومية سبقته حتى وصلنا بهذه الصورة الوطنية التي ظهرت لشعبنا الفلسطيني». وأضاف «هذه الخطوات نتيجة استحضار وإدراك من قبل قيادة حركتي فتح وحماس بخطورة هذه المرحلة، وأنه لا بد من اتخاذ خطوات حقيقية وجدية». أكد بدران أن حركته مستعدة فعلا للوصول إلى «توافق وطني فلسطيني على برنامج نضالي كفاحي لمواجهة لخطط والمؤامرات وفق آليات يتم التوافق عليها في مختلف الساحات». وأردف «نحن ندرك أن شعبنا لديه الكثير من التشكك بخصوص موضوع الوحدة الوطنية بسبب التجارب السابقة التي لم تجد تطبيقا حقيقيا على الأرض، لكننا مصممون في هذه المرة على أن لا تكون هناك قفزات في الهواء، وأن يكون هناك تدرج في الخطوات، ونسعى لبناء الثقة مع شعبنا على الأرض وفي الميدان سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة». وتعهد بدران بأن تقف حماس إلى جانب فتح في مواجهة الاحتلال «وألا نتركه يستفرد بحركة فتح أو الضفة الغربية، وهذا واجبنا وليس منة منا على أحد».
وفيما تشكل هذه التطورات منعطفا مهما في معركة الفلسطينيين ضد الضم، وهو منعطف حاز على اهتمام واسع في إسرائيل، من غير المعروف ما إذا كانت الوحدة الميدانية ستقود إلى اتفاق أشمل ينهي الانقسام. وقال حلس من جهته: «بدأنا مع حركة حماس بالقضية المتفق عليها، وهي كيف نواجه خطة صفقة القرن والضم، ولنا طموح للوصول لوحدة فلسطينية كاملة، ونحن نستطيع العمل معا عبر اللجان المشتركة لمواجهة مخططات الاحتلال».
وتابع مشددا على أنه «لن يحقق أي طرف فلسطيني إنجازا عبر الانقسام. وثمن المصالحة مهما بلغ لن يكون أغلى من ثمن الانقسام، ونقول للجميع إن الشعب الفلسطيني موحد في وجه الاحتلال». لافتا إلى أن «شعبنا دفع ثمن الانقسام ويجب أن يكون رقيبا على الحركتين في المصالحة».



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».