«الدستوري الحر» يطعن في شرعية «النهضة» التونسية

عبير موسي قالت إنها ستقاضي كل من سهّل وشارك في منح الترخيص للحركة

عدد من المؤيدين لعبير موسى التي تتهم «النهضة» بتنفيد أجندة الإخوان (إ.ب.أ)
عدد من المؤيدين لعبير موسى التي تتهم «النهضة» بتنفيد أجندة الإخوان (إ.ب.أ)
TT

«الدستوري الحر» يطعن في شرعية «النهضة» التونسية

عدد من المؤيدين لعبير موسى التي تتهم «النهضة» بتنفيد أجندة الإخوان (إ.ب.أ)
عدد من المؤيدين لعبير موسى التي تتهم «النهضة» بتنفيد أجندة الإخوان (إ.ب.أ)

شككت عبير موسي، رئيسة «الحزب الدستوري الحر» التونسي المعارض، في الترخيص القانوني الممنوح لحركة النهضة (إسلامية) منذ يناير (كانون الثاني) 2011. وأكدت في مؤتمر صحافي عقدته أمس أن «النهضة» حزب «تشكل على خلاف الصيغ القانونية»، وقدمت وثيقة وقعها راشد الغنوشي، رئيس حركة، يعود تاريخها إلى 28 من يناير 2011، قالت إنها تتضمن تصريحا بتأسيس الحزب، في حين أن الغنوشي لم يكن آنذاك في تونس، وهو ما يجعل «الطعن في شرعية الترخيص للحركة في النشاط السياسي ممكنا» على حد قولها.
وأوضحت موسي أنه بعد التقدم بطلب نفاذ للمعلومة إلى وزارة حقوق الإنسان والهيئات الدستورية، وتمكنها من الحصول على الملف القانوني لتكوين حزب حركة النهضة، تبين أن الملف «غير قانوني وغير مستكمل الوثائق». مؤكدة أنها ستتقدم بطعن في الإلغاء أمام القضاء الإداري (المحكمة الإدارية) من أجل إلغاء ترخيص تكوين حزب النهضة، مع حفظ الحق في اللجوء إلى المتابعات القانونية في حق كل من سهّل وشارك في منح الترخيص للنهضة. كما أكدت أنها ستقاضي أيضا فرحات الراجحي، وزير الداخلية الأسبق، بحجة مخالفته للقانون بمنحه الرخصة القانونية لحزب «النهضة»، رغم مخالفتها للشروط القانونية، على حد تعبيرها.
يذكر أن حركة النهضة كانت ممنوعة من النشاط السياسي خلال فترة حكمي الرئيسين الحبيب بورقيبة، ومن بعده زين العابدين بن علي، قبل أن تستعيد موقعها في المشهد السياسي بعد ثورة 2011، وتصبح من بين الأطراف الأكثر حضورا وتأثيرا في المشهد السياسي المحلي.
وكان الحزب «الدستوري الحر» قد تقدم مؤخرا بلائحة إلى البرلمان، اقترح فيها تصنيف «الإخوان» تنظيما إرهابيا، وهو تصنيف يستهدف بالأساس، حسب مراقبين، حركة النهضة التي تتهمها موسي بأنها لم تتخل عن علاقتها بتنظيم «الإخوان»، وأنها ما تزال تمثل فرعا من هذا التنظيم الذي صنفته بعض الدول تنظيما إرهابيا. لكن تم إسقاط هذه اللائحة على مستوى الكتل البرلمانية.
على صعيد آخر، قال منجي الحرباوي، القيادي في حركة نداء تونس، إنه مثل أمس أمام فرقة مكافحة جرائم تكنولوجيا المعلومات بصفته متهما، على خلفية تصريحاته بخصوص ما يسمى «الجهاز الأمني السري» لحركة النهضة، استنادا إلى الوثائق التي نشرتها هيئة الدفاع عن شكري بلعيد ومحمد البراهمي، والمستخرجة من حاسوب مصطفى خذر، المتهم بالإشراف على هذا الجهاز السري.
وكانت عدة أطراف سياسية، من بينها تحالف الجبهة الشعبية اليساري المعارض، قد اتهمت حركة النهضة بتأسيس جهاز أمني سري، يقف وراء عمليات الاغتيال وإخفاء جزء كبير من الملفات الخاصة باغتيالات وقعت سنة 2013، وبإشرافها على «غرفة سوداء» بمقر وزارة الداخلية وهو ما نفته قيادات الحركة النهضة، ودعت الأطراف التي تتهمها بتقديم وعرض أدلتها على القضاء، وتوعدت في المقابل بمقاضاة من اتهمها «باطلا» في عدد من القضايا والملفات.
من جهة أخرى، شارك أمس المئات من حاملي شهادات الدكتوراه في تونس في احتجاج بساحة القصبة أمام مقر الحكومة بالعاصمة، وذلك في تحرك جديد للمطالبة بفرص عمل، في بلد تزداد فيه أعداد العاطلين ضمن صفوف حاملي الشهادات العليا.
ووصل إلى ساحة القصبة قرابة ألفين من المحتجين الدكاترة المتخصصين في عدة دراسات، من ولايات بعيدة للمشاركة في الوقفة الاحتجاجية، مرددين شعار «شغل، حرية، كرامة وطنية»، ورفعوا لافتات تنادي بالحق في العمل في وظيفة عمومية.
ونشر المحتجون على مواقع التواصل الاجتماعي قبل وقفة أمس هاشتاج «تشغيل حاملي شهادة الدكتوراه قضية وطنية».
وبحسب «تنسيقية حاملي شهادة الدكتوراه المعطلين عن العمل»، المشاركة في الوقفة الاحتجاجية، فقد بلغ عدد الحاصلين على الدكتوراه من بين العاطلين نحو ستة آلاف شخص، فيما يزاول قرابة 13 ألفا تعليمهم في هذه المرحلة الجامعية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم