ملف المعتقلين الألمان في تركيا يزيد تعقيد علاقات برلين وأنقرة

ماس وجاويش أوغلو خلال لقائهما في برلين الخميس الماضي (أ.ب)
ماس وجاويش أوغلو خلال لقائهما في برلين الخميس الماضي (أ.ب)
TT

ملف المعتقلين الألمان في تركيا يزيد تعقيد علاقات برلين وأنقرة

ماس وجاويش أوغلو خلال لقائهما في برلين الخميس الماضي (أ.ب)
ماس وجاويش أوغلو خلال لقائهما في برلين الخميس الماضي (أ.ب)

تزيد الاعتقالات المستمرة لمواطنين ألمان في تركيا من تعقيد العلاقات المعقدة أصلاً بين برلين وأنقرة. فلدى السلطات التركية الآن 61 مواطناً ألمانياً معتقلاً، بحسب وزارة الخارجية الألمانية، يخضع معظمهم لمحاكمات بتهم تتعلق بـ«العمالة» و«الإرهاب»، إضافة إلى عدد ممن يحاكمون باتهامات جنائية.
وعندما حل وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ضيفاً غير مدعو على برلين، الخميس الماضي، لـ«المطالبة» بإزالة حظر السفر المستمر على تركيا بسبب وباء «كورونا»، كان في أذهان المسؤولين الألمان مواضيع أكثر إلحاحاً لمناقشتها. وعندما سُئلت الخارجية الألمانية عن الزيارة قبل أيام من موعدها، رفضت تأكيدها، رغم أن الجانب التركي كان قد أعلن عنها، وبدأ يروج للزيارة على أن هدفها إنقاذ الموسم السياحي التركي الذي يعتمد بشكل كبير على ملايين السياح الألمان سنوياً. فبرلين كانت قد مددت حظر السفر لتركيا لأنها تعد أن الحكومة لم تسيطر بعد على انتشار الوباء.
لكن المتحدث باسم الخارجية قال حينها إنه في حال أراد جاويش أوغلو الحضور إلى برلين، فهو بالطبع «مرحب به» لأن ألمانيا لديها كثير من القضايا لمناقشتها معه، بينها التصعيد المستمر لتركيا في ليبيا، والتوتر الحاصل بينها وبين فرنسا، وتدخلها في سوريا، وكذلك استمرار اعتقال مواطنين ألمان.
وفي اليوم التالي للزيارة، أصدرت محكمة تركية قراراً بتبرئة مواطن ألماني من تهم «إرهاب» وجهت إليه قبل 3 سنوات، واعتقل على أثرها قيد المحاكمة لمدة 4 أشهر، في بلد يمكن أن تصل فيه فترة الاعتقال الاحتياطي قبل المحاكمة إلى خمس سنوات. حينها، وقبيل إطلاق سراح الألماني بيتر شتويدتنر، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، سافرت ميركل مصحوبة بوزير اقتصادها بيتر ألتماير إلى أنقرة لـ«مفاوضات سرية» لإطلاق سراح شتويدتنر، وعدد آخر من المعتقلين الألمان، بينهم صحافيون. ونقلت حينها مجلة «دير شبيغل» أن «التزامات ألتماير لتركيا أدت إلى الانفراجة في قضية شتويدتنر».
لكن قرار التبرئة هذا جلب مزيداً من الانتقادات لأنقرة، لأن زملاءه الذين اعتقلوا معه، خصوصاً الأتراك منهم، ما زالوا في السجن، وقد صدرت بحقهم أحكام سجن طويلة. فشتويدتنر، وهو ناشط في مجال حقوق الإنسان وصانع أفلام وثائقية، كان قد اعتُقل في أثناء مشاركته في ندوة في تركيا مع ناشطين حقوقيين أتراك. وفيما صدر حكم بتبرئة الناشط الألماني، أدين زميله التركي تانر كيليك، المدير العام الفخري لمنظمة «العفو الدولية» في تركيا، بالسجن لمدة 6 سنوات و3 أشهر، بتهم الانتماء إلى منظمة إرهابية، في إشارة إلى جماعة رجل الدين فتح الله غولن. وصدرت أحكام بالسجن لعامين على 3 من أصل 11 متهماً، بينهم المدير السابق لمنظمة «العفو الدولية» في تركيا، إيديل إيسر، فيما تمت تبرئة 6، بينهم شتويدتنر، وزميله السويدي الذي رافقه لحضور الندوة واعتقل معه.
ورغم أن المتحدثة باسم الخارجية الألمانية، ماريا أديبار، رحبت، أول من أمس، بقرار تبرئة شتويدتنر، فإنها انتقدت قرار إدانة زملائه، وقالت إن «وضع حقوق الإنسان في تركيا وحرية الصحافة ما زالا مشكلة نناقشها مع أنقرة».
وتأمل ألمانيا في أن تلتزم تركيا بالقرارات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان الأوروبي الذي يدعوها إلى إطلاق سراح معتقلي الرأي، الألمان والأتراك، وإلا فإنها قد تلجأ إلى طردها من المجلس الأوروبي لحقوق الإنسان خلال رئاستها الدورية للاتحاد الأوروبي، كما أبلغت مصادر ألمانية «الشرق الأوسط».
وعندما سُئلت أديبار، في المؤتمر الصحافي الدوري الذي تعقده إلى جانب المتحدث باسم الحكومة الألمانية، عما إذا كان منع السفر لتركيا سببه المخاوف من حقوق الإنسان، وليس فقط وباء «كورونا»، قالت المتحدثة باسم الخارجية: «تحذير السفر لتركيا على خلفية جائحة كورونا، ولكن إذا اطلعت على مواضيع أخرى في معلومات السفر والسلامة إلى تركيا، فهناك معلومات حول كيفية التصرف هناك… على سبيل المثال، عندما يتعلق الأمر بالنشر على الوسائط الاجتماعية، يجب وضع هذا الأمر في الحسبان لدى السفر إلى تركيا». وأشارت إلى أنه في تركيا حالياً 61 معتقلاً ألمانياً، و65 ألمانياً ممنوعون من مغادرة البلاد.
وفيما قال المتحدث باسم الحكومة الألمانية، شتيفان زايبرت، إن الحكومة «تشعر بالارتياح لتبرئة شتويدتنر»، عبر عن أمله في «التوصل لحل بسرعة لمسألة المحاكمات الأخرى المستمرة ضد مواطنين ألمان في تركيا، معتقلين أو ممنوعين من السفر»، وأضاف: «نتوقع من تركيا أن تلتزم حكم القانون، وتنهي الإجراءات الجارية بسرعة»، مشيراً إلى «قلقه» من الأحكام بالسجن التي صدرت بحق زملاء شتويدتنر.
وحتى شتويدتنر نفسه انتقد الحكم، وقال إن «دوافعه سياسية»، مضيفاً أن تركيا «تجرم عمل حقوق الإنسان بشكل كبير»، وتعهد باستمراره في العمل لإطلاق سراح زملائه. ودعا مدير عام منظمة «العفو الدولية» في ألمانيا، ماركوس بيكو، الحكومة الألمانية إلى ممارسة الضغوط على أنقرة لإطلاق سراح العاملين في مجال حقوق الإنسان.



كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

TT

كندا: ترودو يستقيل من زعامة الحزب الليبرالي

ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)
ترودو متأثراً خلال إعلان استقالته في أوتاوا الاثنين (رويترز)

أعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو (53 عاماً) استقالته من منصبه، الاثنين، في مواجهة ازدياد الاستياء من قيادته، وبعدما كشفت الاستقالة المفاجئة لوزيرة ماليته عن ازدياد الاضطرابات داخل حكومته.

وقال ترودو إنه أصبح من الواضح له أنه لا يستطيع «أن يكون الزعيم خلال الانتخابات المقبلة بسبب المعارك الداخلية». وأشار إلى أنه يعتزم البقاء في منصب رئيس الوزراء حتى يتم اختيار زعيم جديد للحزب الليبرالي.

وأضاف ترودو: «أنا لا أتراجع بسهولة في مواجهة أي معركة، خاصة إذا كانت معركة مهمة للغاية لحزبنا وبلدنا. لكنني أقوم بهذا العمل لأن مصالح الكنديين وسلامة الديمقراطية أشياء مهمة بالنسبة لي».

ترودو يعلن استقالته من أمام مسكنه في أوتاوا الاثنين (رويترز)

وقال مسؤول، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن البرلمان، الذي كان من المقرر أن يستأنف عمله في 27 يناير (كانون الثاني) سيتم تعليقه حتى 24 مارس، وسيسمح التوقيت بإجراء انتخابات على قيادة الحزب الليبرالي.

وقال ترودو: «الحزب الليبرالي الكندي مؤسسة مهمة في تاريخ بلدنا العظيم وديمقراطيتنا... سيحمل رئيس وزراء جديد وزعيم جديد للحزب الليبرالي قيمه ومثله العليا في الانتخابات المقبلة... أنا متحمّس لرؤية هذه العملية تتضح في الأشهر المقبلة».

وفي ظل الوضع الراهن، يتخلف رئيس الوزراء الذي كان قد أعلن نيته الترشح بفارق 20 نقطة عن خصمه المحافظ بيار بوالييفر في استطلاعات الرأي.

ويواجه ترودو أزمة سياسية غير مسبوقة مدفوعة بالاستياء المتزايد داخل حزبه وتخلّي حليفه اليساري في البرلمان عنه.

انهيار الشعبية

تراجعت شعبية ترودو في الأشهر الأخيرة ونجت خلالها حكومته بفارق ضئيل من محاولات عدة لحجب الثقة عنها، ودعا معارضوه إلى استقالته.

ترودو وترمب خلال قمة مجموعة العشرين في هامبورغ 8 يوليو 2017 (رويترز)

وأثارت الاستقالة المفاجئة لنائبته في منتصف ديسمبر (كانون الأول) البلبلة في أوتاوا، على خلفية خلاف حول كيفية مواجهة الحرب التجارية التي تلوح في الأفق مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وهدّد ترمب، الذي يتولى منصبه رسمياً في 20 يناير، بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 في المائة على السلع الكندية والمكسيكية، مبرراً ذلك بالأزمات المرتبطة بالأفيونيات ولا سيما الفنتانيل والهجرة.

وزار ترودو فلوريدا في نوفمبر (تشرين الثاني) واجتمع مع ترمب لتجنب حرب تجارية.

ويواجه ترودو الذي يتولى السلطة منذ 9 سنوات، تراجعاً في شعبيته، فهو يعد مسؤولاً عن ارتفاع معدلات التضخم في البلاد، بالإضافة إلى أزمة الإسكان والخدمات العامة.

ترودو خلال حملة انتخابية في فانكوفر 11 سبتمبر 2019 (رويترز)

وترودو، الذي كان يواجه باستهتار وحتى بالسخرية من قبل خصومه قبل تحقيقه فوزاً مفاجئاً ليصبح رئيساً للحكومة الكندية على خطى والده عام 2015، قاد الليبراليين إلى انتصارين آخرين في انتخابات عامي 2019 و2021.

واتبع نجل رئيس الوزراء الأسبق بيار إليوت ترودو (1968 - 1979 و1980 - 1984) مسارات عدة قبل دخوله المعترك السياسي، فبعد حصوله على دبلوم في الأدب الإنجليزي والتربية عمل دليلاً في رياضة الرافتينغ (التجديف في المنحدرات المائية) ثم مدرباً للتزلج على الثلج بالألواح ونادلاً في مطعم قبل أن يسافر حول العالم.

وأخيراً دخل معترك السياسة في 2007، وسعى للترشح عن دائرة في مونتريال، لكن الحزب رفض طلبه. واختاره الناشطون في بابينو المجاورة وتعد من الأفقر والأكثر تنوعاً إثنياً في كندا وانتُخب نائباً عنها في 2008 ثم أُعيد انتخابه منذ ذلك الحين.

وفي أبريل (نيسان) 2013، أصبح زعيم حزب هزمه المحافظون قبل سنتين ليحوله إلى آلة انتخابية.

وخلال فترة حكمه، جعل كندا ثاني دولة في العالم تقوم بتشريع الحشيش وفرض ضريبة على الكربون والسماح بالموت الرحيم، وأطلق تحقيقاً عاماً حول نساء السكان الأصليين اللاتي فُقدن أو قُتلن، ووقع اتفاقات تبادل حرّ مع أوروبا والولايات المتحدة والمكسيك.