واشنطن وطهران تتقاسمان تسليح عشائر الأنبار لمحاربة «داعش»

مجلس المحافظة لـ («الشرق الأوسط») : لا علاقة لنا بزيارة وفد إلى أميركا وآخر إلى إيران قريبا

واشنطن وطهران تتقاسمان تسليح عشائر الأنبار  لمحاربة «داعش»
TT

واشنطن وطهران تتقاسمان تسليح عشائر الأنبار لمحاربة «داعش»

واشنطن وطهران تتقاسمان تسليح عشائر الأنبار  لمحاربة «داعش»

نفى مجلس محافظة الأنبار أن تكون الوفود العشائرية السنية التي تزور الولايات المتحدة الأميركية لأغراض التسليح، أو تلك التي تروم زيارة إيران للغرض ذاته، قد نسقت مواقفها معه بهذا الشأن.
وقال عضو مجلس محافظة الأنبار عذال الفهداوي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «مجلس المحافظة سمع بهذه الزيارات سواء التي تمت إلى واشنطن أو تلك المرتقبة إلى إيران عبر وسائل الإعلام، وبالتالي نحن لسنا معنيين بها لأنه لم يجر التنسيق معنا كحكومة محلية فيما يتعلق بالأنبار تحديدا، لأن الوفد العشائري الذاهب إلى أميركا يضم شيوخا ومسؤولين محليين من عدد من المحافظات الغربية لا سيما الأنبار ونينوى».
وأضاف الفهداوي أن «مجلس المحافظة كان قد طالب الولايات المتحدة الأميركية بتسليحه لكن عبر الحكومة المركزية، حيث كان الطلب الذي تقدمنا به إلى البرلمان العراقي بوصفه السلطة التشريعية العليا في البلاد لأن هدفنا في النهاية هو تحرير المحافظة ولكون الأسلحة والمعدات التي تملكها الحكومة غير كافية وبالتالي لا بد من رفدنا بأسلحة وبأقصى سرعة»، مبينا أن «مجلس المحافظة لا علم له بأي ترتيبات خارج سقف الأطر الرسمية لأن من شأن ذلك خلق مشاكل نحن في غنى عنها في مناطقنا، لأننا جميعا نواجه عدوا واحدا يستهدف الجميع مثلما هو واضح».
وفي الوقت الذي لا يزال فيه الوفد العشائري السني الذي ذهب إلى الولايات المتحدة الأميركية يثير جدلا في الأوساط العشائرية والرسمية العراقية، فإنه طبقا لما أعلنه رئيس مجلس أبناء العراق محمد الهايس سيتوجه وفد عشائري سني إلى إيران من أجل دعم العشائر السنية في المحافظات الغربية ضد تنظيم داعش.
وقال الهايس في تصريح إن «الوفد سيبحث في زيارته إلى طهران الأسبوع المقبل مع المسؤولين الإيرانيين سبل مساعدة أبناء العشائر في مواجهة عصابات (داعش) الإرهابية ودعمهم في مجال التسليح». وأضاف أن «الوفد سيؤكد في إيران حرصه على وحدة العراق وأهمية التصدي للطائفية ودعوات التقسيم».
بدوره، اعتبر محمد الصيهود النائب عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، أن هدف الولايات الأميركية من استقبالها للشخصيات السنية وبعض العشائر ومحاولة تسليحهم إقامة إقليم سني يؤوي المطلوبين للقضاء. وأضاف الصيهود أن «مسعى أميركا إذا نجح، وفعلا أقيم الإقليم السني، فسيوفر هذا الإقليم الحماية لجميع المطلوبين للقضاء العراقي كطارق الهاشمي ورافع العيساوي كما فعل إقليم كردستان من حمايته لكثير من المطلوبين للقضاء العراقي».
وأوضح الصيهود أن «الولايات الأميركية إذا أرادت فعلا محاربة (داعش) فمحاربته لا تتم بتسليح العشائر السنية، إنما يجب أن يمر أي تسليح لأي جهة عن طريق الحكومة الاتحادية فقط»، مشيرا إلى أن «تنظيم داعش أصبح ذريعة لتمرير المشاريع التآمرية على البلد».
من جانبه، أبلغ قائد «صحوة العراق»، الشيخ وسام الحردان «الشرق الأوسط» بأن «من ذهب إلى واشنطن لأغراض التسليح ليسوا المقاتلين على الأرض برغم أن عملية البحث عن السلاح في ظل عدم قدرة الحكومة على تأمينه ليس أمرا منكرا»، مشيرا إلى أن «الصحوات وأبناء العشائر الذين يقاتلون (داعش) فعلا على الأرض لم تتم استشارتهم، ولم يُؤخذ رأيهم ولم يذهب أحد منهم إلى هناك، الأمر الذي ربما يعني أن الهدف من الزيارة أمر آخر يتعدى حدود البحث عن السلاح»، مشيرا إلى أن «بعض ممن عرفنا أنه ذهب إلى هناك هم ممن كان لهم دور في ضرب الجيش وقوات الصحوة ومقاتلتها في وقت من الأوقات، وبالتالي فإن العملية ربما تكون مصيدة».
وبشأن الوفد العشائري الذي سيزور إيران بهدف التسليح أيضا، قال الحردان إن «المبدأ في كلتا الحالتين صحيح، فإننا في النهاية نريد سلاحا لمحاربة (داعش) سواء من أميركا أو إيران، ولكن من خلال معرفتنا بتركيبة الوفدين فإن الغاية تختلف وتثير الشبهات»، موضحا أن «من سيذهب إلى إيران هم قادة الصحوات وهم يقاتلون على الأرض فعلا، وبالتالي فإن الحاجة باتت ماسة للتسليح في وقت لم تتمكن فيه الدولة من رفدنا بما يكفي من أسلحة». من جانبه، أكد عضو البرلمان العراقي عن محافظة الأنبار، فارس طه الفارس، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «محافظة الأنبار تتعرض إلى حرب إبادة حقيقية من قبل (داعش)، وهو أمر ربما لا يعرفه الكثيرون». وأضاف الفارس أن «علينا الاعتراف بأن الحكومة ضعيفة وغير قادرة على حمايتنا وهي ليست بحجم التحدي الذي نواجهه، وسبق لمجلس المحافظة أن ناشد البرلمان ضرورة تسليحه من أي جهة كانت في وقت تم تدمير البنى التحتية وتهجير أكثر من 70 في المائة من أبناء المحافظة». وأكد أنه «لم يعد أمام أبناء العشائر سوى التوجه إلى أي دولة يمكن أن تقدم لهم الدعم والسلاح».وسام الحردان



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.