ترحيب لبناني بدعوة الراعي إلى «فك الحصار عن الشرعية»

حديث عن اجتماع للمعارضة المسيحية... و«الكتائب» وحرب للقاء وطني جامع

TT

ترحيب لبناني بدعوة الراعي إلى «فك الحصار عن الشرعية»

تلقى مواقف البطريرك الماروني بشارة الراعي الأخيرة، لا سيما التي توجه بها مباشرة إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، صدى إيجابياً في أوساط الجهات اللبنانية، خصوصاً المسيحية المعارضة منها، وتحديداً دعوته، أول من أمس، رئيس الجمهورية إلى فك الحصار عن الشرعية وإعلان حياد لبنان.
وفي وقت ترفض فيه مصادر رئاسة الجمهورية التعليق على كلام الراعي، تؤكد مصادر مقربة منها لـ«الشرق الأوسط» أن التواصل دائم بين «بعبدا» و«بكركي»، مذكرة باللقاء الذي حدث منذ فترة قصيرة بين الراعي وعون «الذي وضع البطريرك في الصورة الكاملة والحقيقية للأوضاع». وتضيف المصادر: «يدرك الراعي تماماً كيف يبذل الرئيس جهداً لإيجاد حلول للمشكلات الحالية في لبنان، والصعوبات التي يواجهها في هذا الإطار، إضافة إلى الضغط الذي يمارس لعدم التوصل إلى هذه الحلول».
في المقابل؛ يتفق كل من «حزب القوات اللبنانية» و«حزب الكتائب» والوزير والنائب السابق بطرس حرب، على تأييد كلام الراعي، فيما يكشف النائب في «القوات» جورج عقيص عن زيارة سيقوم بها اليوم الثلاثاء وفد من حزبه إلى «بكركي» لدعم مواقف البطريرك الراعي، في ظل حديث عن لقاء للمعارضة المسيحية. ويقول عقيص لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما اعتدنا أن تستخدم (بكركي) قوتها المعنوية في الأزمات لتصويب الرهانات الخاطئة ودرء المخاطر، وهو ما يقوم به اليوم البطريرك الراعي بكلامه العالي السقف، بعدما بات لبنان مهدداً ويحاول البعض تغيير بوصلته نحو الشرق». وأضاف: «لكن، وعلى أهمية كلام الراعي، يبقى الأهم في ردة فعل الجهة التي يوجه لها كلامه؛ وتحديداً رئاسة الجمهورية، وعدم اعتبار ما يقوله استهدافاً لها أو لأي طائفة بعينها؛ بل الاستفادة منه وعدم الالتفاف عليه».
بدوره؛ يعدّ النائب إلياس حنكش (حزب الكتائب) أن الراعي وضع النقاط على الحروف بتأكيده أن «العزلة التي يعيشها لبنان لا تشبهه ولا تشبه مواطنيه؛ عكس كل التصريحات التي صدرت عن البعض والكلام عن التوجه شرقاً». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «في وقت نرجو فيه صندوق النقد الدولي للحصول على المساعدات، هناك جهات لبنانية تواجه دولاً أساسية فيه، من هنا نعود لنؤكد على نقطة أساسية وهي الحياد الذي لطالما دعونا إليه، وهو ما ارتأوا تسميته (النأي بالنفس)، ولم يلتزموا به يوماً».
كذلك، مع تأييده وإثنائه على كلام الراعي، يعدّ الوزير والنائب السابق بطرس حرب أن الوضع اللبناني يحتاج إلى «مواقف أكثر حدة، بغية إنقاذ البلد قبل فوات الأوان». ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «من الطبيعي أن يصدر هذا الكلام عن البطريرك الماروني، وهو ما سمعناه أيضاً على لسان رجال دين آخرين مسيحيين ومسلمين للتعبير عن معاناة الشعب ومطالبهم ودعوة المسؤولين للقيام بواجبهم». ويضيف: «حتى إنني أنتظر من الراعي أن يصعد أكثر بمواقفه بعيداً عن مسايرة أي فريق حفاظاً على موقعه، لأن كل المواقع تسقط أمام الجوع».
وفي الإطار نفسه؛ كان هناك موقف لـ«الرابطة المارونية» التي أيدت كلام الراعي ومواقفه الداعية إلى «تحرير الشرعية»، لكنها أكدت في الوقت نفسه أن «كلامه ليس موجهاً ضد رئيس الجمهورية، بل هدفه تحصين هذا الموقع»، مضيفة: «(بعبدا) و(بكركي) تتكاملان في التوجه الوطني والعمل معاً لمصلحة لبنان السيد، الحر والمستقل».
وفي حين يكشف النائب عقيص عن بدء الحديث داخل «حزب القوات» للعمل باتجاه عقد لقاء للأحزاب والمعارضة المسيحية تحت سقف مواقف «بكركي»، يرى حنكش أن «الأولية اليوم هي للقاء وطني موسع»، فيما يؤكد حرب أن أي لقاء إذا عقد، فإنه «يجب أن يكون لمواجهة الجهات التي أوصلت لبنان إلى هذه المرحلة وليس لتعزيز المواقع السياسية».
ويلفت عقيص إلى «كلام داخلي في (القوات) ومع بعض الجهات، باتجاه السعي للوصول إلى توافق ولقاء بين الأحزاب والشخصيات المسيحية المعارضة، وذلك تحت سقف مواقف (بكركي) ودعماً لها».
وفي رد على سؤال عما إذا كان هذا اللقاء، إذا حدث، سيؤدي لاحقاً إلى التصعيد والدعوة لاستقالة رئيس الجمهورية بعدما كان «القوات» يعارض الخطوة، يقول عقيص: «نحن مع الجمهورية ومتمسكون ببقائها وفق الأسس التي قامت عليها، وبالتالي سنعارض ونقف في وجه كل من يعرضها للخطر انطلاقاً من حرصنا عليها».
وعن رأي «الكتائب» في عقد لقاء مسيحي، يقول حنكش: «ندعم عقد لقاء وطني وليس فقط مسيحياً، لأن إعادة لبنان إلى موقعه الطبيعي وأصدقائه التاريخيين هو مطلب لبناني جامع، وليس العمل على مناصرة إيران بوجه أميركا، واليمن بوجه الخليج، فيما نحن غير قادرين على إطعام شعبنا». والموقف نفسه يعبر عنه الوزير السابق بطرس حرب، قائلاً: «الجوع ليس مسيحياً أو مسلماً، ولا مشكلة في عقد لقاء مسيحي تمهيداً للقاء وطني موسع، لكن الأهم يبقى في ألا يكون الهدف منه البحث عن مصلحة خاصة أو تولي السلطة مكان السلطة الحالية أو لتعزيز موقع سياسي، بل لإعادة التنظيم في وجه من أوصلوا لبنان إلى هذه المرحلة».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.