الحكومة الفرنسية الجديدة مزيج بين القديم والجديد

TT

الحكومة الفرنسية الجديدة مزيج بين القديم والجديد

رأت الحكومة الفرنسية الجديدة النور في وقت قياسي، مما يعكس رغبة السلطة التنفيذية في عدم إضاعة الوقت، وتنكب المسؤوليات الاستثنائية المنوطة بها سريعاً، في إطار وضع اقتصادي واجتماعي ومالي وسياسي وصحي بالغ التعقيد. وكان الرئيس إيمانويل ماكرون قد اختار يوم الجمعة الماضي لرئاستها جان كاستكس، وهو شخصية من اليمين الكلاسيكي لم يسبق له أن تسلم أي منصب وزاري أو دخل الندوة البرلمانية.
وحتى آخر لحظة قبل الإعلان عن التشكيلة الجديدة، استمرت المشاورات بين رأسي السلطة التنفيذية للتوافق حول الأسماء التي أعلنها من قصر الإليزيه أمينه العام ألكسي كوهلر. وهذه الحكومة هي الأخيرة لفترة العامين، وبالتالي، فإن ماكرون الراغب في الترشح لولاية ثانية في الانتخابات الرئاسية عام 2022، يريد منها أن تكون أحد الأركان التي سيعتمد عليها لتحقيق رغبته. وثمة توافق بين المحللين والمتابعين على أن اختيار كاستكس، وهو موظف كبير ولكن غير معروف شعبياً، يعكس رغبة ماكرون في أن يكون في الواجهة وأن تكون الأضواء كافة له. كذلك؛ فإن كثيرين يرون أن التخلي عن رئيس الوزراء السابق إدوار فيليب أحد أسبابه شعبيته المتنامية التي تفوقت على شعبية ماكرون. وثمة سبب آخر للاستعجال الرئاسي؛ وهو رغبة «الإليزيه» في قلب صفحة الانتخابات المحلية التي اتسمت بهزيمة الحزب الرئاسي وتحقيق «الخضر» نجاحات بارزة في المدن الفرنسية الرئيسية، وكذلك استعادة اليمين والحزب الاشتراكي أنفاسهما بعد فترة من الغياب والانقسامات تلت انتخاب ماكرون رئيساً للجمهورية ربيع عام 2017.
والبارز في التشكيلة الجديدة أن ثلاثاً من الحقائب الخمس المسماة «سيادية» حافظت على وزرائها؛ إذ بقي جان إيف لودريان في وزارة الخارجية، وفلورنس بارلي في الدفاع، وبرونو لومير في الاقتصاد. وبالمقابل، أخرج كريستوف كاستانير من وزارة الداخلية، وهذا كان متوقعاً. كذلك خرجت وزيرة العدل نيكول بلوبيه. وحل محل كاستانير وزير المال السابق جيرالد درامانان الذي حظي بترقية استثنائية بالنظر لما تمثله هذه الوزارة. ويعد المحامي أريك دوبون موريتي، الذي أسندت إليه وزارة العدل، أبرز الواصلين إلى الحكومة الجديدة. وكما كان متوقعاً، فقد بقي وزير الصحة أوليفيه فاران في منصبه، وكذلك وزير التربية جان ميشال بلانيكير الذي جرى تداول اسمه وزيراً للداخلية وهو مقرب من بريجيت ماكرون؛ عقيلة رئيس الجمهورية.
وأعطيت الوزيرة السابقة روزلين باشلو؛ المنتمية إلى حزب «الجمهوريون» اليميني، وزارة الثقافة. وباشلو شغلت مناصب وزراية عدة في السابق إبان عهدي الرئيسين جاك شيراك ونيكولا ساركوزي. وعينت باربرا بومبولي وزيرة للبيئة، وهي قريبة من «الخضر»، ويعكس تعيينها رغبة رئاسية في إرسال رسالة واضحة لهذا الحزب الذي حقق اختراقاً انتخابياً رئيسياً وسيكون بلا شك حاضراً في المنافسة الرئاسية المقبلة. كذلك تتعين الإشارة إلى إسناد حقيبة التجارة الخارجية لوزير الثقافة الأسبق لكن برتبة وزير مفوض؛ نظراً لما يعد غيابه السياسي وعجزه عن فرض نفسه في الحقيبة التي شغلها، والمحافظة عليه في الوزارة تعود لحساسيات سياسية؛ إذ إنه يأتي من اليمين الذي يحتاج ماكرون لناخبيه في الاستحقاقات المقبلة. وثمة أسماء جديدة من المجتمع المدني يمكن أن تصح لها تسمية «الدماء الجديدة» التي أرادها ماكرون؛ لكنها لا تنطبق على باشلو.
ومنذ يوم الأحد، سارع ماكرون، في تغريدات متعاقبة، إلى رسم «خريطة الطريق» التي يتعين على الحكومة السير على هديها، عادّاً إياها «حكومة (تنفيذ) مهام وتحقيق الإجماع». وهذه المهام حددها بخمس: «إعادة إطلاق الاقتصاد، والاستمرار في بناء الحماية الاجتماعية؛ والبيئية، وإعادة فرض النظام الأمني الجمهوري، والدفاع عن السيادة الأوروبية».
واليوم يُعقد مجلس الوزراء الأول للحكومة الجديدة برئاسة ماكرون في قصر الإليزيه. ومن المنتظر أن تطلب الحكومة الثقة في النصف الثاني من الشهر الحالي لإفساح المجال أمام رئيس الجمهورية لعرض خططه للعامين المقبلين بمناسبة «العيد الوطني الفرنسي» في 14 يوليو (تموز) الحالي.



إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يتحدث عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.