المغرب... العقل الاجتماعي وحركة الأفكار

في ظل تنامي النقاش حول تغير البنيات الثقافية

محمد عابد الجابري
محمد عابد الجابري
TT

المغرب... العقل الاجتماعي وحركة الأفكار

محمد عابد الجابري
محمد عابد الجابري

شأنه شأن البلدان العربية الأخرى، يشهد المغرب نقاشاً متنامياً حول تغيّر البنيات الثقافية المشكلة لوعيه الجَمْعي، في ضوء التحولات التي يشهدها المجتمع اقتصادياً وسياسياً. ويحتدّ هذا النقاش أكثر، حين تحضر الثقافة كعنصر محدد لبنية التفكير السائد، أو كمؤشر لاختلاف العقليات واطّراد درجات الوعي الاجتماعي والإدراك الثقافي مع تعاقب الأجيال، فضلاً عن عوامل التنشئة ودور المؤسسات في صنع السلوك الاجتماعي وفق معادلة التأثير والتأثر. يتقاطع ذلك تماماً مع التعريف الذي قدّمه عالم الأنثروبولوجيا رالف لينتون للثقافة باعتبارها صورة عن الحياة التي يعيشها الأفراد داخل المجتمع، وباعتبارها أيضاً كتلة من الأفكار والعادات التي تعلَّموها وساهموا في خلقها بشكل أو بآخر ثم نقلوها من جيل إلى جيل، عبر سلسلة سوسيوثقافية وسلوكية متواترة.
اليوم، يُطرحُ سؤال كبير عن الثقافة والعقل الاجتماعي في المغرب، هل لا تزال الثقافة المفكّرة حاضرة باعتبارها شأناً نخبوياً خالصاً كما كان عليه الحال خلال فترة الصراع بين النخب السياسية الصاعدة والدولة المركزية؟ أم أنّ الثقافة في بُعدها السوسيولوجي العام هي نفسُها مع اختلاف منطقي في الموجات المكتسبة من جيل لآخر ومن حقبة تاريخية لأخرى؟ إذا كان الأمر كذلك فأين يقف العقل المغربي اليوم من مجمل التحولات التي يعيشها المجتمع؟ هل غاب تماماً أم حضر بصيغ جديدة غير مألوفة؟ وهل تطورت فيه البنيات التحليلية للظواهر أم أن الوعي بما يجري لا يتعدى حاجز الوعي اللحظي التفاعلي غير المؤثِّر؟ وهل نحن أمام حس نقدي حقيقي يتنامى في الواقع مع اتساع دائرة التعبير مؤسساتياً، وفي ظل هذا النطاق التفاعلي الضخم الذي تضمنه شبكات التواصل المزدحمة، أم أنّ الأمر برمّته جزء من تداعيات حالة الضجيج والصدمة الحضارية التي تحدث عنها عالم الإنسانيات كالفيرو أوبيرغ، والناجمة أصلاً عن عاصفة الإعلام الجديد والوسائط الرقمية التي قلبت الطاولة على المرئي والمقروء والمسموع دفعة واحدة، دون أن تُحدِث بالضرورة تجانساً منطقياً في موجات التلقّي وردّات الفعل؟
الواضح هو أن هذه الصيرورة تشكل في مجملها ومن منطلقات مختلفة نمطاً ثقافياً جديداً وعقلاً اجتماعياً قائماً بذاته يؤثر ويتأثر، لكن وفق معادلة مغايرة لما كان موجوداً في السابق وبدرجات تفاعلية غير منتظمة.
لقد تميز المغرب دائماً بحالة فكرية نشطة، إذ لم يغب الفكر يوماً عن مؤسساته وبنياته المدنية، بشكل صريح أو ضمني، فبين التوافق تارة والصراع المحتدم تارة أخرى تشكّلت علاقة من نوع خاص بين المثقف والحاكم في إطار توازنات ضرورية صاحبت مسار بناء الدولة الحديثة في المغرب. لم يغب تيار الأفكار أبداً عن هذا المسار، حتى إن ظل في أحيان كثيرة متمركزاً في دوائر نخبوية ضيقة، لكنها واسعة التأثير\لقد واكبت الكتابات النقدية والرؤى الاجتماعية الحيّة حركية المجتمع، وساهمت في رسم ملامح المرحلة، بل كانت محدّداً رئيساً لعدد كبير من أحداثها الكبرى سياسياً واقتصادياً وثقافياً. يكفي أن نتوقف مثلاً عند المرحلة التي أعقبت الاستقلال أواخر الخمسينات من القرن الماضي وصولاً إلى «التناوب التوافقي» نهاية عقد التسعينات، لنلحظ حجم الدينامية الكبرى التي عاشها المشهد السياسي والاجتماعي في المغرب، ونرى حالة التجاذب الحادّ بين النخب والسلطة، تجاذبٌ نبع من زوايا ثقافية تأثرت بالتجارب الأخرى خارج البلاد، واستوحت جانباً آخر من تفاصيل عملها، من صلب المنظومة الثقافية المحلية.
المهم هو أن الحراك المجتمعي في تلك الفترة المفصلية من تاريخ المغرب الحديث عبّر بوضوح عن الأصول العريقة للعقل الاجتماعي في المغرب ولتقاليد الفكر المغربي الفاعل، والذي لم يبدأ مع الاستقلال في الواقع، بل كان تراكماً طويل الأمد ما فتئ ينضج ويتفتح مرحلة بعد أخرى، حتى أصبح جزءاً أساسياً من «مجتمع الدولة» بتعبير بيير بورديو.
وبالعودة إلى الأدبيات المرجعية لمحمد عابد الجابري، فإن العقل المغربي لا يعدو أن يكون جزءاً من بنية العقل العربي كله، لكن الجابري نبّه مراتٍ كثيرة إلى استفادة هذا العقل العربي الكُلّي من منهجية العقل المغربي وقواعد اشتغاله ومهاراته المُجرَّبة في تحليل الظواهر داخل التراث الإسلامي خصوصاً، وفي تعاطيه العام مع المستجدات الحضارية والقضايا الطارئة. إن تميُّز العقل المغربي جاء من انفتاحه وتنوع المشارب التي نهل منها، لكن ذلك لم يمنعه من الوقوف أيضاً أمام عتبة الهوية المتسائلة عن ذاتها، والتي تختصم فيها الأنا بين سؤال الوجود وحتمية الكينونة، فهذا العقل الاجتماعي الراسخ يمتح من صلب الموروث الثقافي العربي الإسلامي مع كل ما يربط المغرب بالمشرق حضارياً في الماضي والحاضر. وهو في الوقت ذاته، يستند إلى حركة الأفكار القادمة من الخارج، بحكم القرب الجغرافي وعوامل الانفتاح والتماس الحضاري والاجتماعي المباشر، ومن باب التأثر الواضح بالمسار الأوروبي والفرنسي تحديداً، نظراً لأبعاده الكونية الملهِمة أولاً، ولما يربط المغرب بفرنسا ثانياً من معطيات ثقافية وسياسية لا يمكن القفز عليها في التاريخ الحديث على الأقل.
كما أن هذا العقل الاجتماعي المغربي يبقى ذا خصوصية سوسيولوجية عميقة ببعد تاريخي ومجالي واسع الأفق، فهو يستوحي من الجذور الأمازيغية قواعد أخرى للتفكير وروافد مختلفة تماماً تمنحه نوعاً من الاستثناء في علاقته مع النسق الفكري السائد داخل المحيط العربي. ومن غير الممكن كذلك إغفال ما حدث خلال القرون الخمسة التي أحكَمتْ فيها الآلة السياسية العثمانية قبضتها على الثقافة في العالم العربي، وما خلّفه ذلك المدّ الإقصائي من كساد في التفكير العربي وهضمٍ تام للقوميات وخصوصياتها الثقافية وكبح لحراكها المعرفي والمؤسساتي، حدث ذلك في وقت كان فيه المغرب يعيش فصلاً مهماً من فصول الدولة المستقلة بمنأى عن هذا الواقع العنيف. لقد كان العقل الاجتماعي المغربي خلال تلك الفترة منشغلاً بمراكمة مزيد من التجارب الذاتية في «تمرين الدولة» الطويل والمعقد سياسياً وثقافياً. من هذا المنطلق كان للعقل الاجتماعي المغربي دائماً ما يميّزه وما يثريه من روافد ومسارات خدمت رأسماله المعرفي كثيراً وأعطته زاداً معتبراً من مؤونة الإدراك والممارسة.
لكن كل هذه المعطيات، قد تلخص، من جهة أخرى، ما يعيشه العقل الاجتماعي المغربي اليوم من أزمات ذاتية وموضوعية متعددة الأوجه، فتنوع المشارب خلق له أزمة ذاتية أعادته من جديد لسؤال الهوية، وعطّلت بعض النقاشات الجانبية عمله الخلّاق عبر إلهائه بسجالات «عصبية» غير منتجة.
كما أن رياح التشدد القادمة من نقط التوتر في المشرق أربكت خطى هذا العقل الاجتماعي، وحجبت السحُب النصّية ملامح فلسفته الروحية المتسامحة والمتسائلة، إضافة إلى أن التراجع التعليمي الواضح وتقهقر المعرفة داخل المنظومة الاجتماعية لهذا العقل قوّض عمل آلته الفكرية، وحرمه من نزهة الاطلاع، مع تراجعٍ ملحوظ في منجز الترجمة والأبحاث العلمية كمّاً وكيفاً، ومع تراجع آخر تعيشه الجامعة التي ابتعدت عن دائرة القرار والتغيير. وقد يكون ذلك متصلاً، ربما بأزمة موازية يعيشها العقل السياسي المغربي الذي لم يواكب كما ينبغي زخم التحولات المؤسساتية الكبيرة، وظلت فيه الممارسة دون سقف الرؤية، مع تعطيل غير مفهوم لدور الفكر المتجدد وتغليب للعقل السياسي «الفقهي» الذي يكرّس المأثور وينحاز للثابت النمطي فكراً وممارسة.

- كاتب وشاعر مغربي



رحيل إبراهيم أبو سنة... شاعر الرومانسية العذبة

الشاعر محمد أبراهيم أبو سنة
الشاعر محمد أبراهيم أبو سنة
TT

رحيل إبراهيم أبو سنة... شاعر الرومانسية العذبة

الشاعر محمد أبراهيم أبو سنة
الشاعر محمد أبراهيم أبو سنة

حياة حافلة بالعطاء الأدبي، عاشها الشاعر محمد إبراهيم أبو سنة الذي غيّبه الموت صباح أمس عن عمر يناهز 87 عاماً بعد معاناة طويلة مع المرض.

ويعد أبو سنة أحد رموز جيل شعراء الستينات في مصر، واشتهر بحسه الرومانسي شديد العذوبة، وغزلياته التي تمزج بين الطبيعة والمرأة في فضاء فني يتسم بالرهافة والسيولة الوجدانية. كما تميزت لغته الشعرية بنبرة خافتة، نأت قصائده عن المعاني الصريحة أو التشبيهات المباشرة؛ ما منح أسلوبه مذاقاً خاصاً على مدار تجربته الشعرية التي اتسعت لنصف قرن.

ترك أبو سنة حصاداً ثرياً تشكل في سياقات فنية وجمالية متنوعة عبر 12 ديواناً شعرياً، إضافة إلى مسرحيتين شعريتين، ومن أبرز دواوينه الشعرية: «قلبي وغازلة الثوب الأزرق» 1965، و«أجراس المساء» 1975، و«رماد الأسئلة الخضراء» 1985، و«شجر الكلام» 1990.

عاش صاحب «قلبي وغازلة الثوب الأزرق» طفولة قروية متقشفة تركت أثراً لافتاً في شعره؛ إذ ظل مشدوداً دائماً إلى بداهة الفطرة وواقعية الحياة وبساطتها.

وبحسب الموقع الرسمي للهيئة المصرية العامة للاستعلامات، وُلد أبو سنة بقرية الودي بمركز الصف بمحافظة الجيزة في 15/3/1937، وحصل على ليسانس كلية الدراسات العربية بجامعة الأزهر عام 1964. عمل محرراً سياسياً بالهيئة العامة للاستعلامات في الفترة من عام 1965 إلى عام 1975، ثم مقدم برامج ثقافية بالإذاعة المصرية عام 1976 من خلال «إذاعة البرنامج الثاني»، كما شغل منصب مدير عام البرنامج الثقافي، ووصل إلى منصب نائب رئيس الإذاعة.

وحصد الراحل العديد من الجوائز منها: «جائزة الدولة التشجيعية» 1984 عن ديوانه «البحر موعدنا»، وجائزة «كفافيس» 1990 عن ديوانه «رماد الأسئلة الخضراء»، وجائزة أحسن ديوان مصري في عام 1993، وجائزة «أندلسية للثقافة والعلوم»، عن ديوانه «رقصات نيلية» 1997، فضلاً عن «جائزة النيل» في الآداب التي حصدها العام الجاري.

ونعى الراحل العديد من مثقفي مصر والعالم العربي عبر صفحاتهم على منصات التواصل الاجتماعي، ومنهم الشاعر شعبان يوسف الذي علق قائلاً: «وداعاً الشاعر والمبدع والمثقف الكبير محمد إبراهيم أبو سنة، كنتَ خيرَ سفيرٍ للنبلِ والجمالِ والرقةِ في جمهورية الشعر».

وقال الشاعر سمير درويش: «تقاطعات كثيرة حدثت بين الشاعر الكبير محمد إبراهيم أبو سنة وبيني، منذ بداياتي الأولى، فإلى جانب أنه صوت شعري صافٍ له تجربة طويلة وممتدة كان لي شرف الكتابة عنها وعنه، فهو إنسان حقيقي وجميل وطيب ومحب للآخرين، ولا يدخر وسعاً في مساعدتهم».

ويضيف درويش: «حين كان يقرأ الشعر بصوته في برنامجه الإذاعي، كنت أحب القصائد أكثر، فمخارج الحروف وإشباعها وتشكيلها، وليونة النطق، إلى جانب استعذاب الشعر... كلها مواصفات ميزته، كما ميزت فاروق شوشة والدكتور عبد القادر القط... ثمة ذكريات كثيرة لن أنساها يا أستاذنا الكبير، أعدك أنني سأكتبها كلما حانت فرصة، وعزائي أنك كنتَ تعرف أنني أحبك».

ويستعيد الكاتب والناقد الدكتور زين عبد الهادي ذكرياته الأولى مع الشاعر الراحل وكيف أحدث بيت شعري له تغييراً مصيرياً في حياته، قائلاً: «ربما في سن المراهقة كنت أقرأ الشعر حين وقع في يدي ديوان صغير بعنوان (قلبي وغازلة الثوب الأزرق) لمحمد إبراهيم أبو سنة حين قررت الهجرة خارج مصر عام 1981، كان الديوان الصغير وروايات (البلدة الأخرى) لإبراهيم عبد المجيد، و(البيضاء) ليوسف إدريس، و(حافة الليل) لأمين ريان، و(ميرامار) لنجيب محفوظ... هي شهود انتماءاتي الفكرية وما أتذكره في حقيبتي الجلدية».

ويضيف عبد الهادي: «كان الغريب في هؤلاء الشهود هو ديوان محمد إبراهيم أبو سنة، فبقدر حبي للعلم كان الأدب رحيق روحي، كنت أقرأ الديوان وأتعلم كيف يعبّر الشعر عن الحياة المعاصرة، إلى أن وصلت لقصيدة رمزية كان بها بيت لا أنساه يقول: (البلاد التي يغيب عنها القمر)، في إشارة لقضية ما أثارت جدلاً طويلاً وما زالت في حياتنا المعاصرة، كان هذا البيت أحد أهم دوافع عودتي من الغربة، فمهما كان في بلادي من بؤس فهو لا يساوي أبداً بؤس الهجرة والتخلي عن الهوية والجذور».

أما الشاعر سامح محجوب مدير «بيت الشعر العربي» بالقاهرة فيقول: «قبل 25 عاماً أو يزيد، التقيت محمد إبراهيم أبو سنة في مدرجات كلية (دار العلوم) بجامعة القاهرة، وأهداني وقتها أو بعدها بقليل ديوانه المهم (قلبي وغازلة الثوب الأزرق)، لأبحث بعد ذلك عن دواوينه الأخرى وأقتني معظمها (مرايا النهار البعيد، والصراخ في الآبار القديمة، ورماد الأسئلة الخضراء، ورقصات نيلية، وموسيقى الأحلام)، وغيرها من الدواوين التي قطع فيها أبو سنة وجيله من الستينيين في مصر والوطن العربي مسافة معقولة في توطين وتوطئة النص التفعيلي على الخط الرأسي لتطور الشعرية العربية التي ستفقد برحيله أحد أكبر مصباتها».

ويضيف: «يتميز نص أبو سنة بقدرته الفائقة على فتح نوافذ واسعة على شعرية طازجة لغةً ومجازاً ومخيلةً وإيقاعاً، وذلك دون أن يفقد ولو للحظة واحدة امتداداته البعيدة في التراث الشعري للقصيدة العربية بمرتكزاتها الكلاسيكية خاصة في ميلها الفطري للغناء والإنشادية. وهنا لا بد أن أقرّ أن أبو سنة هو أجمل وأعذب مَن سمعته يقول الشعر أو ينشده لغيره في برنامجه الإذاعي الأشهر (ألوان من الشعر) بإذاعة (البرنامج الثاني الثقافي) التي ترأسها في أواخر تسعينات القرن المنصرم قبل أن يحال للتقاعد نائباً لرئيس الإذاعة المصرية في بداية الألفية الثالثة؛ الفترة التي التحقت فيها أنا بالعمل في التلفزيون المصري حيث كان مكتب أبو سنة بالدور الخامس هو جنتي التي كنت أفيء إليها عندما يشتد عليّ مفارقات العمل. كان أبو سنة يستقبلني بأبوية ومحبة غامرتين سأظل مديناً لهما طيلة حياتي. سأفتقدك كثيراً أيها المعلم الكبير، وعزائي الوحيد هو أن (بيت الشعر العربي) كان له شرف ترشيحك العام الماضي لنيل جائزة النيل؛ كبرى الجوائز المصرية والعربية في الآداب».

عاش صاحب «قلبي وغازلة الثوب الأزرق» طفولة قروية متقشفة تركت أثراً لافتاً في شعره

وفي لمسة احتفاء بمنجزه الشعري استعاد كثيرون قصيدة «البحر موعدنا» لأبو سنة التي تعد بمثابة «نصه الأيقوني» الأبرز، والتي يقول فيها:

«البحرُ موعِدُنا

وشاطئُنا العواصف

جازف

فقد بَعُد القريب

ومات من ترجُوه

واشتدَّ المُخالف

لن يرحم الموجُ الجبان

ولن ينال الأمن خائف

القلب تسكنه المواويل الحزينة

والمدائن للصيارف

خلت الأماكن للقطيعة

من تُعادي أو تُحالف؟

جازف

ولا تأمن لهذا الليل أن يمضي

ولا أن يُصلح الأشياء تالف

هذا طريق البحر

لا يُفضي لغير البحر

والمجهول قد يخفى لعارف

جازف

فإن سُدَّت جميع طرائق الدُّنيا أمامك

فاقتحمها

لا تقف

كي لا تموت وأنت واقف».