شجرة انتشار الوباء في الخليل تستنفر الحكومة

جانب من جنازة لأربعيني نال منه فيروس «كورونا» في الخليل (أ.ف.ب)
جانب من جنازة لأربعيني نال منه فيروس «كورونا» في الخليل (أ.ف.ب)
TT

شجرة انتشار الوباء في الخليل تستنفر الحكومة

جانب من جنازة لأربعيني نال منه فيروس «كورونا» في الخليل (أ.ف.ب)
جانب من جنازة لأربعيني نال منه فيروس «كورونا» في الخليل (أ.ف.ب)

أصدر الرئيس محمود عباس، أمس الأحد، مرسوماً بتمديد حالة الطوارئ لثلاثين يوماً أخرى، لمواجهة استمرار تفشي فيروس «كورونا».
وجاء في المرسوم: «تستمر جهات الاختصاص في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لمواجهة المخاطر الناتجة عن فيروس (كورونا)، وحماية الصحة العامة وتحقيق الأمن والاستقرار».
وتمديد حالة الطوارئ جاء في وقت تخشى فيه السلطة من فقدان السيطرة على الوباء الذي سجل السبت 528 حالة؛ وهو رقم غير مسبوق منذ تسجيل أول حالة بفلسطين في 5 مارس (آذار) الماضي.
وأعلنت وزيرة الصحة مي الكيلة، أمس، وفاة سيدة سبعينية من مخيم الفوار في محافظة الخليل، إثر إصابتها بفيروس «كورونا»، وهي ثالث حالة وفاة تسجل الأحد بعد وفاة مواطنين اثنين؛ أحدهما سبعيني والثاني أربعيني، في محافظة الخليل، ما يرفع حصيلة الوفيات في فلسطين إلى 20 وفاة.
وسجلت وزارة الصحة، أمس، 208 إصابات جديدة بفيروس «كورونا» حتى الساعة 9:00 صباحاً، ليرتفع عدد الإصابات إلى 4458. وهي أرقام مرشحة للارتفاع كثيراً بعد إعلان نتائج الفحوصات المسائية.
وحافظت الخليل على أعلى نسبة في الإعلان الصباحي بواقع 185 في محافظة الخليل، و11 في محافظة بيت لحم، وإصابتين في محافظة طولكرم، و10 إصابات في محافظة نابلس.
وقالت وزيرة الصحة إن المؤشر الوبائي مقلق في فلسطين وفق معيار «الوقت المضاعف» ومعيار (‏(R - not أي عدد الأشخاص الذين يتم نقل العدوى لهم من مصاب واحد.
ووفق هذين المعيارين؛ أصبحت الخليل أعلى من نيويورك في شجرة انتشار الوباء، فكل شخص في الخليل يقوم بنقل العدوى إلى 3 أشخاص، وهم بدورهم ينقلون العدوى إلى 9 أشخاص... وهكذا؛ وهذا ما يفسر الارتفاع الواسع في أعداد المصابين بسبب المخالطات. وأضافت الكيلة: «إذا لم يتعاون أهلنا في محافظة الخليل مع طواقم وزارة الصحة، فسيخرج الوضع الوبائي عن السيطرة».
ويوجد في الخليل نحو 3 آلاف إصابة من أصل 4 آلاف و400 في الضفة وغزة.
والخوف من فقدان السيطرة في الخليل أصبح هاجساً حكومياً.
وأرسلت الحكومة وفداً وزارياً، أمس، للخليل التي تعاني من نقص حاد كذلك في إمكان علاج المصابين وأجهزة التنفس، وهي مشكلة عامة.
وعقد الوفد الوزاري المكون من 5 وزراء، هم وزراء: الصحة مي الكيلة، والاقتصاد خالد العسيلي، والحكم المحلي مجدي الصالح، والعدل محمد الشلالدة،  والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إسحاق سدر، سلسلة اجتماعات في محافظة الخليل، لمتابعة الوضع الصحي فيها وتقديم تقرير شامل لمجلس الوزراء.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتية إن الحكومة ستناقش توصيات الوفد الوزاري وتعمل كل ما بوسعها لرفع قدرة القطاع الصحي في المحافظة لتمكينه من السيطرة على الوباء.
وشددت الكيلة على أن «هناك سيناريوهات (سيئة) و(أسوأ)، بالتالي يجب أن تكون لدى المواطن قناعة بأن يلتزم خوفاً من أن تنتشر العدوى بين المواطنين»، متوقعة تمديد الإغلاق بسبب الحالة الوبائية.
وبناء عليه؛ رفعت وزارة الصحة توصية بتمديد الإغلاق الذي بدأ يوم الجمعة ويفترض أن ينتهي يوم الأربعاء.
وقالت الكيلة إن 5 أيام غير كافية.
لكن الناطق الإعلامي باسم وزارة الداخلية العميد غسان نمر، قال إن المسألة ما زالت قيد الدراسة.
وأضاف: «الإعلان الجديد لحالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس، لا يعني بالضرورة تمديد الإغلاق الحالي». وتابع: «تمديد الإغلاق الحالي الذي ينتهي مساء الثلاثاء، يعتمد على تقارير لجنة الطوارئ العليا، واجتماع مجلس الوزراء الاثنين، وتقارير اللجنة الوزارية المكلفة دراسة الوضع الوبائي في محافظة الخليل».
ويفترض أن يجتمع أشتية اليوم بلجنة الطوارئ العليا وقيادة الأجهزة الأمنية، ويترأس جلسة مجلس الوزراء الأسبوعية، وبعدها يقرر تمديد الإغلاق الحالي من عدمه.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.