المقايضة مقابل الطعام... وسيلة صمود اللبنانيين

الأزمة الاقتصادية فرضت التضامن وتبادل الخدمات

رغيف الخبز أحد اسباب احتجاجات اللبنانيين على الوضع الاقتصادي
رغيف الخبز أحد اسباب احتجاجات اللبنانيين على الوضع الاقتصادي
TT

المقايضة مقابل الطعام... وسيلة صمود اللبنانيين

رغيف الخبز أحد اسباب احتجاجات اللبنانيين على الوضع الاقتصادي
رغيف الخبز أحد اسباب احتجاجات اللبنانيين على الوضع الاقتصادي

منذ نهاية العام الماضي، وفي ظل تدهور الوضع الاقتصادي، وعجز القوى السياسية عن التدخل السريع، يحاول اللبنانيون إيجاد حلول بديلة تقوم على التكافل الاجتماعي، وتساعدهم على الصمود بوجه الأزمات المتلاحقة.
وفي هذا الإطار، ظهرت في الآونة الأخيرة مبادرات عمادها دعم الأفراد بعضهم لبعض، منها مبادرات تجمع حصصاً غذائية وتوزعها على العائلات، وأخرى تربط من فقدوا عملهم بأفراد أو شركات تعرض فرص عمل، فضلاً عن كثير من الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي التي تنصح بشراء سلع غذائية من علامة تجارية معينة، رخيصة نسبياً، أو من محال تبيع السلع بسعر أقل من غيرها، ولو بقليل.
ولكن مع تسارع الأزمات، وارتفاع سعر صرف الدولار بشكل كبير، وازدياد عدد من فقدوا أعمالهم، باتت حتى مثل هذه المبادرات عصية على الاستمرار، فما كان من بعضهم إلا اللجوء إلى المقايضة أملاً بالصمود، ولو لأسبوع إضافي تحت وطأة «أصعب الأزمات التي يمكن أن يشهدها بلد ما، المتمثلة باجتماع البطالة مع التضخم»، كما يقول أستاذ الاقتصاد في الجامعة الأميركية في بيروت، جاد شعبان.
«لبنان يقايض» هو اسم مجموعة ظهرت أخيراً على «فيسبوك»، تقوم فكرتها على تبادل السلع والخدمات، وقد استطاعت أن تضم أكثر من 13 ألف عضو خلال أسبوع، فضلاً عن زيارة أكثر من 7 آلاف شخص لها بشكل يومي.
والأعضاء في هذه الصفحة يعرضون سلعاً موجودة في بيوتهم لا يحتاجون إليها، أو يمكن الاستغناء عنها مقابل أمور أخرى أكثر إلحاحاً. إلا أن اللافت كان عرض كثير من الناس ملابس وأحذية مستعملة مقابل حليب وحفاضات أطفال، أو حتى قنينة زيت، الأمر الذي يمكن أن يترجم حال العوز التي وصل إليها بعض اللبنانيين، كما يقول شعبان أستاذ الاقتصاد الذي عد في حديث مع «الشرق الأوسط» أن الوصول إلى مرحلة المقايضة يعني العودة ألفي سنة إلى الوراء، وهو من علامات الانهيار التام للاقتصاد الوطني، والخرطوشة الأخيرة بالنسبة للناس، كونها وسيلة صمود مرحلي لا يمكن أن تصمد بدورها كثيراً، لأن الناس تقايض مقابل الطعام، ولن تجد ما تقايضه لاحقاً.
وفي هذا السياق، أوضح أن المقايضة نتيجة لما وصلنا إليه، وليست بأي شكل من الأشكال هي الحل، كون الحلول عادة ما تكون شاملة، ويجب أن تأتي من المسؤولين الذين لم يضعوا خططاً اقتصادية، وهربوا الأموال إلى خارج البلاد حتى فقدت العملة الوطنية قيمتها، وفقد المجتمع الثقة بها، فضلاً عن خسارة الناس قيمة رواتبهم، أو رواتبهم كاملة بسبب البطالة.
ولا يدعي صاحب فكرة صفحة «لبنان يقايض» المسؤول عنها، حسن حسنة، أنه يقدم حلاً اقتصادياً، ولكنه يحاول إيجاد وسيلة متاحة لتخطي الأزمة الاقتصادية، ومساعدة الناس على الصمود قدر الإمكان.
وشرح حسنة، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أنه كان يعمل العام الماضي مع مجموعة لدعم الأفراد وجمع التبرعات، ولكن بعد شح المساعدات العينية والنقدية والسيولة لدى الغالبية، كان لا بد من المقايضة، موضحاً أن مبدأ المقايضة عبر الصفحة لا يقتصر على السلع، بل يشمل الخدمات أيضاً، فهناك على سبيل المثال نجار أصلح باب حلاق، مقابل قص هذا الثاني شعر أبناء الأول.
وفي حين يشدد حسنة على أن هذه الصفحة ليست صفحة تسول، ولا تبغى الربح، وأنه لا عيب في أن يلجأ أي شخص إلى المقايضة، لم يستبعد أن يصل الأفراد إلى مرحلة لا يملكون فيها ما يقايضونه، لا سيما عندما نرى أن بعضهم بدأ يقايض على أمور يحتاج إليها مقابل أمل الحصول على ما هو أكثر إلحاحاً، أي الطعام.



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.