نازحون من مدينة دير الزور ينتظرون «تأشيرة خروج» من «الهول»

20 ألف سوري في المخيم... 90 % منهم نساء وأطفال

نازحون في مخيم الهول في ريف الحسكة (الشرق الاوسط)
نازحون في مخيم الهول في ريف الحسكة (الشرق الاوسط)
TT

نازحون من مدينة دير الزور ينتظرون «تأشيرة خروج» من «الهول»

نازحون في مخيم الهول في ريف الحسكة (الشرق الاوسط)
نازحون في مخيم الهول في ريف الحسكة (الشرق الاوسط)

في أواخر عام 2018، وعلى وقع المعارك الدائرة في مسقط رأسها، فرت عائلة سلطان من بلدتها «الباغوز» التابعة لريف دير الزور الشمالي نحو بادية الجزيرة، ومنها توجهوا نحو مخيم الهول بمدينة الحسكة المجاورة. وفي خيمته التي لا تقي من ارتفاع درجات الحرارة وقد جاوزت 45 درجة مئوية، جلس سلطان (50 سنة) وزوجته وأبناؤهم الأربعة يفترشون الأرض.
وقال سلطان، الرجل الخمسيني: «مضى على وجودنا هنا قرابة عام و10 أشهر، فالمعارك في الباغوز انتهت، لكن لا يسمحون لنا بالعودة. وعندما أسال إدارة المخيم، يقال لنا: تحتاجون إلى كفيل من شيوخ المنطقة». أما زوجته سعدية التي تبلغ من العمر 40 سنة، فأخبرت بأن أبرز التحديات التي تواجه معيشتهم في المخيم تنحصر بارتفاع درجات الحرارة وقلة مياه الشرب. فعند حديثها، مسحت بيدها العرق الذي تسلل إلى وجهها وعينيها، وكانت تلبس غطاءً أزرق اللون مطرزاً بنقوش سوداء، لتقول: «الحرارة بالخارج موت، والخيمة عبارة عن شادر؛ لا تحمينا لهيب الشمس، ونحتاج لكميات كبيرة من المياه، وأطفالي يمرضون، وننتظر ساعات طويلة حتى يأتي المساء».
وفي الخارج، اقتربت من خيمتهم زوبعة غبار دوامية الشكل تقذف غباراً حاراً وأنقاضاً، وتسمع صرخات الأطفال وهم يلعبون أمام الزوبعة وقد تناثرت الأتربة على وجوههم وملابسهم. وعند دورات المياه، انتظرت العشرات من السيدات والفتيات أمام خزانات حمراء رسم عليها شعار «اللجنة الدولية للصليب الأحمر» دورهن ليحصلن على كمية من المياه الصالحة للشرب.

«غياب الخصوصية»
تقول عبلة ذات الثلاثين عاماً، وتسكن بجانب عائلة سلطان، إنهم يفتقدون إلى الخصوصية لأن معظم الخيم مهترئة غير قابلة للسكن، وتضيف: «لا تفصل بيننا سوى قطعة قماش؛ كيف أخرج للحمامات، وأعود منها، ثم أنشر الغسيل أو أطبخ في مساحة لا تتجاوز 50 متراً، بالأخص النوم؛ لا يوجد خصوصية لنا أنا وبناتي».
وبعد انتهاء العمليات العسكرية في ريف دير الزور الشمالي، ينتظر أكثر من 20 ألف نازح سوري بمخيم الهول للعودة إلى ديارهم، مع تشديد القيود بسبب تفشي فيروس «كورونا». ويأتي عبد الرواي (55 عاماً)، المنحدر من بلدة «السوسة»، منذ 15 يوماً ليراجع إدارة المخيم للانتهاء من معاملة إخراج زوجته وأبنائه بعد فرارهم منها قبل عام ونصف. وفي أثناء وقوفه في طابور طويل أمام مكتب السجلات، قال بصوت غاضب: «مناطقنا تحررت وخالصين، إذا كنا محكومين، أرجو إعطائنا نسخة، وإبلاغنا المدة سنة أو أكثر لقضاء المحكومية. أما إذا كنا أحرار، فليسمحوا لنا بالخروج، وإعطائنا الأوراق الشخصية».
في حين نقل علي مطر العلي (60 عاماً)، المنحدر من بلدة «البوبدران» التابعة للسوسة، أنهم يوجدون في المخيم منذ قرابة عامين، وأنه اضطر للهروب بسبب الحروب الدائرة بالمنطقة، وقال: «طلبنا من إدارة المخيم السماح لنا بالخروج دون أن نلقى جواباً شافياً؛ في كل مرة يطلبون إجراءات جديدة، وأنا أنتظر منذ 3 أشهر للخروج من هنا. يجب مراعاة ظروفنا». وبحسب القيمين على إدارة مخيم الهول، يبلغ تعداده نحو 68 ألفاً، من بينهم 20 ألف نازح سوري، وهم 9 آلاف عائلة، معظمهم ينحدرون من دير الزور، وهو يعج بالنساء والأطفال، إذ يشكلون 90 في المائة من قاطنيه، بحسب «اللجنة الدولية للصليب الأحمر».
وتدخل وجهاء عشائر وشيوخ عرب، وطالبوا بالسماح بإخراج العائلات، لا سيما المنحدرين من مناطق «الإدارة الذاتية في شمال وشرق» سوريا. وأخبرت مديرة المخيم، ماجدة أمين، أنهم بدأوا العمل بنظام «الكفالة»، وأخرجوا المئات على دفعات، مضيفة: «هناك قوائم كثيرة ستخرج قريباً، فنحن ملتزمون بحسب القوائم المرسلة من العشائر العربية». وتعزو التأخر في إجراءات الخروج إلى الجهات الأمنية التي تدرس عودة كل عائلة على حدة.
وقبل يومين، أضرمت نساء مهاجرات متشددات من زوجات عناصر «داعش» النيران في خيم اللاجئين العراقيين بالفيز الخامس داخل المخيم. وكشفت مصادر أمنية أن مجموعة من زوجات عناصر التنظيم أضرمن النار في 4 خيم تعود للاجئين عراقيين دون وقوع خسائر بشرية، وأضافت: «هؤلاء النسوة كتبن شعارات مؤيدة للتنظيم. وكل فترة يشهد المخيم حالات كهذه، وقد تعرض بعض للقتل وآخرون للطعن».
وفي شهر مارس (آذار) 2019، تدفقت آلاف العائلات من مدن وبلدات ريف دير الزور الشمالي، تحمل كل عائلة معها قصص النجاة والهروب، وتحت خيمة واحدة تسكن عائلة أو أكثر من دون خدمات أحياناً، ونقص بمياه الشرب وقلة الحمامات. ورغم ذلك، فتلك الخيمة كانت حلماً قد تحقق بعد الفرار من نيران المعارك التي أجبرت كثيرين منهم على البقاء أياماً حتى وصلوا للمخيم.
وتروي فاطمة (43 سنة) كيف مزقت الحرب شمل عائلتها، حيث وصلت برفقة زوجها وثلاثة أطفال صغار إلى مخيم الهول قبل 22 شهراً، فيما هرب أبناؤها الكبار إلى لبنان خشية اعتقالهم أو إشراكهم في المعارك، أما بناتها فتزوجن وسافرن إلى مدينة حمص، وقالت: «أتصل بهم يومياً عبر خدمة (واتساب)، وأرسل لهم صورنا، وهم يرسلون لنا مقاطع صوت وصورهم؛ أتمنى أن نجتمع مرة ثانية على سفرة الطعام».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.