إذا كنت ممن يفضلون المشي أو قيادة الدراجات، وتظن أنك بهذا السلوك تسدي خدمة للبيئة، فإن دراسة نشرت في 8 يونيو (حزيران) الماضي، بدورية «ساينتفيك ريبورتيز»، تشير إلى أن ما تقدمه بيمناك للبيئة عن طريق هذه السلوكيات التي تساعد على تقليل الانبعاثات الضارة، تسترده بيسارك عن طريق الطعام الذي تعوض به فقد الطاقة.
وتفترض الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة أوتاجو بنيوزيلندا، أن الأشخاص الذين ينتقلون عبر وسائل النقل السلبية، مثل قيادة الدراجات أو الأوضاع النشطة، مثل المشي، سيكون لديهم احتياجات أعلى من الطاقة، ما قد يؤدي إلى زيادة في استهلاكهم الأطعمة التي تزيد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وهو ما دفعهم إلى القول بأن هناك حاجة إلى التفكير في نوعية الطعام لدعم سلوكيات المشي وركوب الدراجات، باعتماد ما يعرف بـ«حمية الاحتباس الحراري».
يقصد بهذه الحمية التزام نظام غذائي يقلل من مساهمات الغذاء في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، ويحمل هذا النظام الذي لا يشجع على تناول اللحوم فوائد مزدوجة، ليس فقط للمستهلك، الذي سيستمتع بنظام غذائي صحي، لكن أيضاً للبيئة، من خلال تقليل التأثير المناخي لإنتاج الغذاء.
ويوضح الباحثون في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة أوتاجو في 12 يونيو الماضي، أن ما رصدوه من نتائج هو أول تقدير دولي لانبعاثات غازات الاحتباس الحراري المرتبطة بالطاقة الإضافية المطلوبة لكل كيلومتر يقطعه الشخص عن طريق المشي أو ركوب الدراجات.
تقول الدكتورة أنجا ميزدراك، الباحثة الرئيسية بالدراسة، إن إنتاج الطعام المطلوب لتعويض الطاقة المفقودة من المشي وركوب الدراجات يأتي بتكلفة، وبالتالي فإن تحقيق أقصى فائدة من خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تتحقق من استخدام هذه الوسائل، يحتاج أيضاً إلى الدعم بالخيارات الغذائية.
وتقدر الدراسة أن نفقات الطاقة الإضافية المطلوبة بعد السفر مسافة كيلومتر واحد تراوحت من 48 إلى 76 سعراً حرارياً للمشي و25 إلى 40 سعراً حرارياً لركوب الدراجات.
وتضيف: «إذا تم تعويض هذه الطاقة بمدخول غذائي إضافي، فإن السفر لمسافة كيلومتر إضافي في البلدان الأكثر نمواً اقتصادياً يمكن أن يؤدي إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة بمقدار 0.26 كيلوغرام مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر للمشي و0.14 كيلوغرام مكافئ ثاني أكسيد الكربون لكل كيلومتر لركوب الدراجات».
وتشير ميزدراك إلى أن هناك اختلافاً كبيراً في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري المتعلقة بإنتاج الغذاء بين الدول الأكثر نمواً والأقل نمواً اقتصادياً، كما يوجد تنوع كبير في الانبعاثات المطلوبة للتعويض عن المشي وركوب الدراجات بين البلدان، وهو ما يمثل فرقاً يبلغ خمسة أضعاف تقريباً بين أكثر البلدان وأقلها نمواً اقتصادياً.
وتقول الدكتورة كريستينا كليغورن، باحثة التغذية في جامعة أوتاجو، والمؤلفة المشاركة في الدراسة، إن تقليل استهلاك اللحوم وتحويل الأنظمة الغذائية بعيداً عن الطعام المعالج ونحو المزيد من الخضراوات والبقوليات والحبوب الكاملة والفواكه لها فوائد صحية وبيئية مشتركة، إذ يمكن أن يساعد ذلك في تخفيض الانبعاثات المرتبطة بالغذاء بنسبة تصل إلى 80 في المائة.
وتعد أنشطة الزراعة مصدراً لنحو 25 في المائة من انبعاثات الغازات الدفيئة، وهي غازات تنبعث من الأرض إلى الغلاف الجوي، وتحد من قدرته على إخراج حرارة الأرض إلى الفضاء، ما يسهم في تضخم ظاهرة الاحتباس الحراري.
ويقول الدكتور خالد علام، أستاذ العلوم البيئية بجامعة المنوفية (دلتا النيل بمصر) في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إن الحديث عن تأثيرات حمية الاحتباس الحراري على البيئة يجب أن يدعمه حديث عن فوائدها البيئية. ويضيف: «الفوائد البيئية لم تعد محل شك أو جدل، لكن يجب أن يدعم هذا الحديث الإشارة للفوائد الصحية، التي أثبتتها أكثر من دراسة».
ووفق دراسة لجامعة أكسفورد ببريطانيا نشرتها دورية «ساينس» في ديسمبر (كانون الأول) 2018، فإن المنتجات الحيوانية مسؤولة عن إنتاج أكثر من نصف الانبعاثات الغازية التي تتسبب فيها الأطعمة التي يتناولها البشر، رغم أنها لا توفر لمتناوليها أكثر من 20 في المائة من عدد السعرات الحرارية المطلوبة.
«حمية الاحتباس الحراري»... الغذاء في خدمة البيئة
تقلل التأثير المناخي السيئ لإنتاج الطعام
«حمية الاحتباس الحراري»... الغذاء في خدمة البيئة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة