تلاسن بين الأحمد والحمد الله يعمق الخلافات الفلسطينية

عباس غاضب والحكومة تنفي استقالة رئيسها

رامي الحمد الله  و عزام الأحمد (يسار)
رامي الحمد الله و عزام الأحمد (يسار)
TT

تلاسن بين الأحمد والحمد الله يعمق الخلافات الفلسطينية

رامي الحمد الله  و عزام الأحمد (يسار)
رامي الحمد الله و عزام الأحمد (يسار)

عمق تلاسن علني بين عضو اللجنة المركزية لحركة فتح ومسؤول ملف المصالحة فيها عزام الأحمد، ورئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله، من الخلافات على الساحة الفلسطينية، وسبب إحراجا كبيرا للسلطة الفلسطينية، إلى الحد الذي أثار غضب الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي عاتب الحمد الله في مكالمة متوترة، سرت بعدها إشاعات قوية بأن الأخير استقال من منصبه قبل أن تنفي الحكومة الفلسطينية الأمر.
وكان الأحمد والحمد الله تناقشا بحدة حول مسألة تعيين وزيرة التربية والتعليم خولة الشخشير في حكومة التوافق، بعد أن قال الأحمد في لقاء على تلفزيون فلسطين الرسمي إن تعيين شقيقة زوجته (خولة الشخشير) في حكومة التوافق كان بطلب من رئيس الوزراء رامي الحمد الله، فاتصل الأخير بمبادرة شخصية منه على الهواء، وأوضح أنه لم يطلب تعيين الشخشير، وهو ما تطور إلى نقاش حاد.
وقال الحمد الله في مداخلته: «أشهد الله وللتاريخ أن هذا الكلام لم يحدث، جاءني الأخ عزام ومدير المخابرات ماجد فرج، وقدما لي قائمة من ضمنها الأخت خولة، وقلت له أشفق عليها من هذا المنصب وطلبت منه أن يسألها، إلا أنه قال سأسألها وعاد ثاني يوم وقال إنها وافقت.. وقال لي هذه حكومة وفاق وطني وليس عليك إلا أن تقبلها». ونفى الأحمد ذلك فورا وقال إنه يقبل بشهادة اللواء فرج في هذا الموضوع، مشددا على أن الحمد الله هو من اقترح تعيين الشخشير، فرد الحمد الله: «الشعب يجب أن يعرف الحقائق كاملة.. وهذا عيب». ومن ثم رد الأحمد بما معناه أن المسؤول يجب أن يعي دوره، قبل أن يضطر مدير البرنامج إلى إنهاء النقاش.
وصب هذا النقاش العلني النار على زيت الخلافات الفلسطينية في الضفة بعد تصدي الحمد الله للنقابات التي تشرف عليها حركة فتح، وهو ما خلف عدة أزمات بدأت باعتقال رئيس نقابة الموظفين العموميين بسام زكارنة على ذمة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ومن ثم قرار إقالة إبراهيم خريشة أمين عام مجلس الوزراء المنتمي لفتح، ومحاصرة الشرطة الفلسطينية لمقر المجلس التشريعي لمنعه من الدخول، ورفض الكتل البرلمانية لذلك والتصدي لمثل هذه القرارات.
وجدير بالذكر أن الأحمد تصدى لجميع القرارات ضد النقابات وضد أمين عام المجلس التشريعي وانتقد قرارات الرئيس عباس الذي كان ساند الحمد الله.
ويضاف إلى هذه الخلافات في الضفة، الخلافات المشتعلة أساسا بين حكومة التوافق وحركة حماس التي تتهمها بالتقصير بشأن غزة، فيما تتهم حكومة التوافق حماس بعدم تمكينها من السيطرة على القطاع.
وسرت إشاعات قوية أمس بأن رئيس الوزراء قدم استقالته، بعد مكالمة مع عباس كانت، كما يبدو، متوترة للغاية، لكن الحكومة الفلسطينية أصدرت بيانا تلقت «الشرق الأوسط» نسخة عنه نفت فيه «صحة الأنباء التي تداولتها بعض وسائل الإعلام عن استقالة رئيس الوزراء رامي الحمد الله من منصبه».
ودعت الحكومة في البيان «وسائل الإعلام إلى توخي الدقة والمهنية في تداول الأخبار الخاصة بحكومة الوفاق الوطني ورئيس وزرائها رامي الحمد الله، وبشكل خاص في ظل المرحلة الدقيقة والحساسة التي تمر بها قضيتنا الفلسطينية، والتحديات التي تواجهها الحكومة على صعيد عملية إعادة إعمار قطاع غزة، وتلبية احتياجات المواطنين في كل المحافظات».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.