ازدياد حالات الانتحار في غزة بسبب سوء الأوضاع المعيشية

أسرة من خمسة أشخاص تتنقل على دراجة واحدة في غزة (أ.ف.ب)
أسرة من خمسة أشخاص تتنقل على دراجة واحدة في غزة (أ.ف.ب)
TT

ازدياد حالات الانتحار في غزة بسبب سوء الأوضاع المعيشية

أسرة من خمسة أشخاص تتنقل على دراجة واحدة في غزة (أ.ف.ب)
أسرة من خمسة أشخاص تتنقل على دراجة واحدة في غزة (أ.ف.ب)

لقي 3 شبان حتفهم خلال أقل من 24 ساعة في قطاع غزة نتيجة إقدامهم على الانتحار بسبب سوء الأوضاع المعيشية في القطاع. وأعلنت مصادر طبية في غزة وفاة الشاب أيمن الغول من مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة، عقب إلقاء نفسه من الطابق الخامس، ووفاة الشاب سليمان العجوري (23 عاماً) بعد إطلاقه الرصاص على رأسه، داخل منزله بمنطقة أبراج الشيخ زايد في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة، كما أعلنت عن وفاة الشاب إبراهيم ياسين (21 عاما) متأثرا بجروح أصيب بها إثر إحراق نفسه، قبل أسبوع، في مخيم الشاطئ غرب مدينة غزة.
وجاءت هذه الوفيات الصادمة فيما سجلت محاولة انتحار لإحدى الفتيات تبلغ من العمر 18 عاما، في مدينة خان يونس جنوب القطاع، بسبب مشاكل عائلية، إثر تناولها حبوب دواء متنوع وأدوية خاصة بأمراض الاضطراب والقلق النفسي، ووصفت حالتها بالمتوسطة. وضجت وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الأخبار وحملت المسؤولين مسؤولية تدهور الوضع المعيشي والصحي لدرجة دفع الشبان إلى الانتحار. وحذرت الجبهة الديمقراطية من تزايد معدلات الانتحار، في قطاع غزة الذي يئن من الفقر والجوع والقهر والعوز وغلاء المعيشة، وارتفاع معدلات البطالة.
واعتبرت الجبهة في بيان لها، أن تزايد حالات الانتحار، مؤشر خطير يلحق الأذى والضرر بالمجتمع الفلسطيني ويهدد نسيجه الاجتماعي. وأضافت أنه «لا يمكن السكوت عن استمرار الوضع الكارثي والمؤلم في قطاع غزة، من ارتفاع نسب الفقر والبطالة والجوع، وانعدام الأمن الغذائي والوظيفي، والغلاء الفاحش وارتفاع الضرائب، وتأخر الرواتب واستمرار خصوماتها، وتردي الخدمات الصحية والتربوية».
وحملت الجبهة الديمقراطية، السلطتين في غزة ورام الله المسؤولية الكاملة عن التدهور الاقتصادي والاجتماعي المريع واستمرار انتهاك الحريات العامة والديمقراطية، وغياب العدالة الاجتماعية. ودعت إلى وضع حد للحالة المأساوية وارتفاع مستوى حالات الانتحار في قطاع غزة لكونها ضرورة وطنية ملحة، تتطلب تحركاً فاعلاً. كما دعت الجبهة الشعبية إلى وقفة وطنية مسؤولة لتعزيز مناعة الجبهة الداخلية في ظل تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية.
وقالت الجبهة في بيان، إن الوضع الحالي يستوجب توفير مقومات الصمود للمواطنين، بما يُحصّنهم من الضغوطات التي يمكن أن تُشكل عائقاً أمام التصدي للمهمات الوطنية الملحة.
وأضافت: «تابعنا بقلقٍ شديدٍ ما سجلته أحداث الساعات والأيام الماضية من تدهور في الأحوال الاقتصادية والمعيشية واستغلال بعض الأحداث الاجتماعية المقلقة، في ظل استمرار استهداف العدو للمجتمع حصاراً وابتزازاً لحاجاته الإنسانية والمعيشية بما يضرب أمن وسلم المجتمع، ومحاولات فرض الاستسلام على شعبنا للقبول بمخططات التصفية».
واعتبرت الجبهة أن طبيعة المرحلة وتهديداتها تتطلب توفير الحد الأدنى المقبول من عوامل الصمود والحياة الكريمة في ظل العدوان والحصار، مؤكدة أن الثورات لم تنتصر بالكفاح وحده بل ببناء مجتمع محصن بالمساواة والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل لمقومات الصمود رغم فقر الموارد.
وأضافت أن «مبدأ تكافؤ الفرص وعدالة التوزيع للموارد والتكاليف في معركة الصمود والوجود وحدها الطريق لاستعادة الثقة ما بين المسؤولين والشعب والطبقة الشعبية الكادحة والفقيرة».
معتبرة أن التحول من «اقتصاديات الكوبون» لاقتصاديات المقاومة، يتطلب مغادرة الاقتصاديات الطفيلية التي جعلت من الأزمات محلاً للمرابحة المالية والسياسية، بما يعزز ويوسع الضمان الاجتماعي الذي يحفظ كرامات الناس وخصوصياتهم، ويخفف من أعباء الفقراء.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.