البرلمان التونسي يرفض تصنيف «الإخوان» تنظيماً إرهابياً

رئيسة «الدستوري الحر» اعتبرت ما حدث «مؤامرة ضد الدولة الوطنية»

عبير موسى (أ.ف.ب)
عبير موسى (أ.ف.ب)
TT

البرلمان التونسي يرفض تصنيف «الإخوان» تنظيماً إرهابياً

عبير موسى (أ.ف.ب)
عبير موسى (أ.ف.ب)

فشل الحزب «الدستوري الحر» المعارض في تونس، في تمرير لائحة تهدف إلى تصنيف جماعة «الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً مناهضاً للدولة المدنية في تونس، إلى النقاش والتصويت عليها في البرلمان.
ورفض مكتب مجلس نواب الشعب (البرلمان) في وقت مـتأخر من ليلة أول من أمس، لائحة الحزب «الدستوري الحر»، بسبب إخلالات قانونية، بحسب تفسيره. وجاء رفض اللائحة خلال اجتماع مكتب البرلمان الذي يرأسه راشد الغنوشي، زعيم حركة «النهضة» الإسلامية التي تمثل الكتلة الأولى في البرلمان.
وفي بيان صحافي، علل المكتب موقفه بأن اللائحة تتعارض مع النظام الداخلي للبرلمان، كما اعتبر أن تصنيف جريمة إرهابية جديدة يدخل في مجال التشريع، أي أنها تستدعي - بحسب الدستور - تقديم مبادرة تشريعية وليس لائحة.
ويعد «الدستوري الحر» الذي يمثل واجهة النظام السابق قبل سقوطه في ثورة 2011، من أشد المناوئين للإسلام السياسي والتنظيمات الإسلامية، وهو خصم لدود لحزب حركة «النهضة»، الموجودة في الحكم منذ 2011، بعد عقود من حظر نشاطها السياسي في البلاد. وتتهم عبير موسى، رئيسة الحزب، حركة «النهضة» بالارتباط الوثيق مع التنظيم الدولي لجماعة «الإخوان المسلمين»، وهو ما تنفيه الحركة.
وصوَّت لفائدة عرض مشروع اللائحة في جلسة برلمانية خمسة نواب، بينما عارضها العدد نفسه من الكتل البرلمانية، لتسقط اللائحة. كما عارضها راشد الغنوشي، رئيس المجلس النيابي، نتيجة تأثيراتها السياسية المتعددة.
وإثر إسقاط هذه اللائحة الموجهة ضد الإسلام السياسي، ممثلاً في حركة «النهضة» بالأساس، نظم أنصار الحزب «الدستوري الحر» صباح أمس، وقفة أمام المسرح البلدي وسط العاصمة، عبَّروا من خلالها عن رفضهم لتيار «الإخوان»، وتمسكهم بمدنية الدولة. وشارك في هذه الوقفة عدد من أنصار الحزب، مع حضور لافت للعنصر النسائي.
وتوعدت رئيسة كتلة «الدستوري الحر» بتنفيذ تحركات احتجاجية، إذا لم يتم تحديد جلسة عامة؛ مشددة على أن المشهد السياسي في تونس يتضمن تنظيماً «ظاهره تونسي ويلتزم بقانون الأحزاب؛ لكن تحركاته ذات علاقة بتنظيم جماعة (الإخوان)»، في إشارة إلى حركة «النهضة» التي يرأسها رئيس البرلمان راشد الغنوشي.
وقالت موسى إن رفض اللائحة «يعني الإعلان رسمياً أن البرلمان التونسي محكوم بتنظيم (الإخوان)»، واعتبرت أن ما حصل «مؤامرة ضد الدولة الوطنية»؛ مشددة على أن «البلاد لن تكون (إخوانية)»، وأن ثمة قرارات أخرى مرتقبة لكتلة الحزب «الدستوري الحر»، بعد «إهانة دولة المؤسسات في تونس».
على صعيد آخر، بدأ عمال الحقول البترولية ليلة أول من أمس في صحراء تطاوين (جنوب شرق) إضراباً مفتوحاً عن العمل، مع إيقاف إنتاج النفط، التزاماً بما دعا إليه الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، وتنسيقية اعتصام «الكامور»، المطالب بتنفيذ مجموعة من برامج التنمية والتشغيل.
ويأتي هذا الإضراب إثر رفض الشباب المحتج قرارات المجلس الوزاري الذي خُصص لحل مشكلات البطالة والتنمية في جهة تطاوين. وشارك في الإضراب عمال في مختلف الحقول البترولية، كما أضربت كافة المؤسسات العاملة في القطاعين العام والخاص.
ويطالب المحتجون بتوفير 1500 موطن شغل قار في الشركات البترولية، وتوظيف 500 شاب في شركة البيئة والبستنة. علاوة على توفير 80 مليون دينار تونسي ضمن صندوق للتنمية، وإيقاف المتابعات القانونية ضد المشاركين في التحركات الاحتجاجية الأخيرة.
من جهة ثانية، اعتبر مسؤولون تونسيون أن غموض الإطار القانوني ونقص الشفافية من قبل الأحزاب السياسية يعيقان مراقبة تمويلها، ما يجعل هذا الملف «شائكاً» و«خطيراً».
وبعد ثورة 2011 تم إقرار قانون يضمن حرية تأسيس الأحزاب السياسية، ويُلزمها بتقديم تقرير سنوي عن تمويلاتها لهيئة المحاسبات، يتضمن بالتفصيل مصاريفها وكل عملياتها المالية؛ لكن لم يصل إلى هيئة المحاسبة منذ ذلك التاريخ سوى 12 تقريراً من عدد من الأحزاب، وفق ما أفاد رئيس المحكمة الإدارية عبد السلام مهدي قريصعة، في مداخلة في ندوة تم تخصيصها لطرح مسألة تمويل الأحزاب السياسية في تونس.
من جهته، أوضح رئيس هيئة مكافحة الفساد، شوقي الطبيب، أن تمويل بعض الأحزاب غير قانوني، وأن عديداً منها لا يتوخى الشفافية في التصريح بتمويلاته؛ خصوصاً خلال الفترة الانتخابية. كما نبه الطبيب بوجود تمويل خارجي.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.