تركيا تطرح مشروع قانون لتنظيم منصات التواصل الاجتماعي

أعلن حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا أن مشروع قانون لتنظيم منصات التواصل الاجتماعي سيطرح على البرلمان قريبا وذلك وسط حالة جدل واسع بسبب ما اعتبر تهديدات من الرئيس رجب طيب إردوغان بإغلاقها على خلفية منشورات وتغريدات عقب وضع ابنته «إسراء» زوجة وزير الخزانة والمالية برات البيراق مولودها الرابع واعتبرتها السلطات تحمل إهانات غير مقبولة. وقال المتحدث باسم الحزب عمر تشيليك «إنها (منصات التواصل الاجتماعي) منطقة ضرورية لكنها غير بريئة». وتابع تشيليك: «لا يمكننا ترك الحرية بلا حماية... قريبا سيبدأ البرلمان في مناقشة مشروع قانون جديد لتنظيم عمل منصات التواصل الاجتماعي في تركيا».
مشروع القانون الجديد تم الكشف عنه للمرة الأولى في أبريل (نيسان) الماضي ويشمل تعديلات قانونية تستهدف تشديد الرقابة على مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي، وجرى الحديث عنه ضمن ما يسمى حزمة «التدابير والإجراءات الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا» لكن الخطوة واجهت انتقادات حادة من جانب المعارضة وناشطي التواصل الاجتماعي في بلد يستخدم نحو 55 مليونا من سكانه مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة.
وبحسب ما رشح من معلومات عن مشروع القانون الجديد، فإنه يتضمن تعديلات على قانون تنظيم البث على شبكة الإنترنت، ومكافحة الجرائم التي ترتكب عن طريق النشر. وتمنح التعديلات المقترحة هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التركية سلطة إجراء فحص أو إصدار أمر بذلك في مكان الحدث، إذا اقتضت الضرورة، للتحقق من مزودي الشبكات الاجتماعية، وسيساعد الهيئة في عملها قوات إنفاذ القانون وموظفي المؤسسات العامة الأخرى. وبحسب التعديلات المقترحة يجب أن يقوم مزودو الشبكات الاجتماعية بنشر معلومات الاتصال الخاصة بمستخدميها على المواقع الإلكتروني بطريقة يمكن الوصول إليها مباشرة، كما سيكون بمقدور هيئة تكنولوجيا المعلومات والاتصال التركية من خلال اللجوء إلى محاكم الصلح والجزاء في البلاد تقليل عرض النطاق الترددي لحركة المرور على الإنترنت لمزود الشبكة الاجتماعية بنسبة 59 في المائة، إذا لم يقم بتحديد ممثل له، وإخطار الهيئة عنه. وبالإضافة إلى ذلك، إذا لم يقم مزود الشبكة بتعيين ممثل له خلال 30 يوما رغم القرار الصادر عن محكمة الصلح والجزاء، فسيتم تخفيض النطاق الترددي لحركة مرور الإنترنت له بنسبة 95 في المائة. وتلزم التعديلات المقترحة مزود الشبكة الاجتماعية بالرد على الطلبات المقدمة من قبل الأشخاص بخصوص المحتويات، على أن يكون هذا الرد في غضون 72 ساعة على أقصى تقدير. وإذا لم يرد، فسيغرم ما بين 100 ألف إلى مليون ليرة، كما أن مزود تلك الشبكات سيكون ملزما بتقديم تقارير إلى الهيئة بشأن الطلبات المقدمة إليه.
واعتبر خبراء وحقوقيون أن هدف الحكومة التركية من هذه الخطوة هو وضع منصات الإعلام والتواصل الاجتماعي، وفي مقدمتها «تويتر» و«إنستغرام» و«فيسبوك» و«يوتيوب» و«تيك توك» وغيرها، تحت الرقابة والسيطرة عليها تماما، وعلى روادها بشكل غير مباشر من خلال تفعيل الرقابة الذاتية.
وبلور حزب الحركة القومية المتحالف مع حزب العدالة والتنمية الحاكم مشروع قانون ينص على وجوب تقديم الشخص لرقم هويته قبل فتح حسابات على مواقع التواصل الاجتماعي. ويصطدم مشروع القانون ببعض الأحكام الواردة في قانون حماية البيانات الشخصية.
وانتقدت المعارضة التركية التعديلات المرتقبة، معتبرة أنها خطوة جديدة لاستهداف حرية الرأي والتعبير. واعتبرت مشروع قانون مواقع التواصل الاجتماعي هو مؤشر جديد على أن الحكومة ليس لديها أي نيات صادقة بخصوص الديمقراطية والحريات.
وبحسب التقييم السنوي للحريات الأساسية الخاص بالعام الحالي (2020) الصادر عن منظمة «فريدوم هاوس» الحقوقية الأميركية، تراجعت تركيا 31 نقطة في غضون 10 سنوات، لتأتي بعد بوروندي التي تراجعت بـ32 نقطة ولتكون صاحبة أكبر تراجع خلال العقد الماضي. وصنف التقرير تركيا على أنها دولة «غير حرة» للعام الثاني على التوالي، لتنضم بذلك إلى 49 دولة أخرى من أصل 195 تم تقييم أوضاع الحريات فيها. واحتلت تركيا المرتبة الثالثة عالميا من حيث استخدام تطبيق «في بي إن» للدخول إلى المواقع المحجوبة أو من أجل تغيير موقع المستخدم بشكل افتراضي، متقدمة على عدد من الدول مثل الصين. وقالت مديرية الأمن العام التركية، في بيان الجمعة، إنها تنظم «دوريات إلكترونية» تعمل على مدار الساعة لمتابعة وسائل التواصل الاجتماعي، وأنه يتم تعقب جرائم إهانة مؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك، وإهانة رئيس الجمهورية. كما سيتم بدقة على مواقع التواصل الاجتماعي والإنترنت، تتبع المنشورات الهادفة لخلق تصور غير واقعي من خلال استهداف الأفراد والمؤسسات، والمنشورات التي تدعم أنشطة وسائل التواصل الاجتماعي للمنظمات الإرهابية وغير القانونية، والمحتويات التي تثير الانفعال في المجتمع. وفي هذه القضايا، يتم إجراء الدراسات لتكون دليلا على العمليات القضائية.