وصول رفات 24 مقاتلاً جزائرياً ضد الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر

الرئيس عبد المجيد تبون وحشد من حرس الشرف في استقبال رفات المقاتلين الجزائريين (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون وحشد من حرس الشرف في استقبال رفات المقاتلين الجزائريين (أ.ف.ب)
TT

وصول رفات 24 مقاتلاً جزائرياً ضد الاستعمار الفرنسي إلى الجزائر

الرئيس عبد المجيد تبون وحشد من حرس الشرف في استقبال رفات المقاتلين الجزائريين (أ.ف.ب)
الرئيس عبد المجيد تبون وحشد من حرس الشرف في استقبال رفات المقاتلين الجزائريين (أ.ف.ب)

قبل أيام من الذكرى الثامنة والخمسين لاستقلالها، استعادت الجزائر التي استعمرتها فرنسا 132 عاماً، اليوم (الجمعة) رفات 24 من مقاتلين قتلوا في السنوات الأولى للاستعمار، وكانت محفوظة منذ عقود في متحف الإنسان في باريس.
وحطّت طائرة هرقل سي - 130 حاملة رفات 24 المقاتلين في مطار الجزائر الدولي بعد الساعة الأولى بعد الظهر بقليل (12 ظهراً بتوقيت غرينتش)، رافقتها مقاتلات من الجيش الجزائري، وفق ما أفاد مصور في الوكالة الفرنسية للأنباء.
وكان في استقبال النعوش الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وحشد من حرس الشرف. وستنقل الرفات إلى قصر الثقافة. وذكرت تقارير تلفزيونية، أن الرفات ستدفن الأحد في ساحة الشهداء في مقبرة العلية في الجزائر العاصمة.
وتعتبر هذه الخطوة مؤشراً على تحسن في العلاقات بين الجزائر والدولة الاستعمارية السابقة، وهي علاقات اتسمت منذ استقلال البلاد في عام 1962 بالتوترات المتكررة والأزمات. ويغذي هذه العلاقة المتقلبة انطباع في الجزائر بأن فرنسا لا تقوم بما فيه الكفاية لتسوية ماضيها الاستعماري (1830 - 1962).
وأعلن تبون أمس (الخميس) أمام أفراد من الجيش العودة الوشيكة من فرنسا لـ«رفات 24 من قادة المقاومة الشعبية ورفاقهم، مضى على حرمانهم من حقهم الطبيعي والإنساني في الدفن أكثر من 170 سنة».
وقال «أبى العدو المتوحش إلا أن يقطع آنذاك رؤوسهم عن أجسامهم الطاهرة نكاية في الثوار، ثم قطع بها البحر حتى لا تكون قبورهم رمزاً للمقاومة». وقالت المؤرخة المتخصصة في تاريخ الجزائر مليكة رحال على «تويتر»، «أجزاء الأجساد (...) تعود إلى منزلها بعد إقامة طويلة جداً في صناديق متحف الإنسان في باريس».
وأضافت «جزء آخر من 1962 تجري تسويته... في 2020». وطلبت الجزائر رسمياً من فرنسا للمرة الأولى في يناير (كانون الثاني) 2018 إعادة الجماجم وسجلات من الأرشيف الاستعماري. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تعهد خلال زيارة للجزائر في ديسمبر (كانون الأول) 2017 إعادة الرفات البشري الجزائري الموجود في متحف الإنسان التابع للمتحف الوطني للتاريخ الطبيعي.
وفي العام نفسه لكن قبل انتخابه، وصف ماكرون استعمار الجزائر بأنه «جريمة ضد الإنسانية». في نهاية عام 2017، وقال رئيس المتحف برونو ديفيد، إن المؤسسة «مستعدة لدعم مسار الاسترداد».
وشرح أن «الرفات البشرية دخلت في مجموعاتنا الأنثروبولوجية نهاية القرن التاسع عشر عقب حلقات مختلفة مرتبطة بالغزو الفرنسي للجزائر». ولم يصدر تعليق بعد عن باريس على العملية.
وأثار المؤرخ الجزائري علي فريد بلقاضي مسألة الجماجم في عام 2011 بعد قيامه بعملية بحث في المتحف. وأعرب عن أسفه لكون الجماجم «محفوظة في صناديق من الورق المقوى المبتذلة تشبه علب متاجر الأحذية».
وهو نقد دحضته إدارة المتحف. وطالبت عرائض كثيرة وقعها مؤرخون بإعادة الرفات إلى الجزائر.
وعشية الذكرى الثامنة والخمسين للاستقلال التي سيتم الاحتفال بها الأحد، تظهر هذه الخطوة الرغبة في التهدئة بعد خلاف دبلوماسي بين البلدين مرتبط ببث فيلم وثائقي على التلفزيون الفرنسي في نهاية مايو (أيار) يتناول الشباب الجزائري الرافض للنظام في الجزائر، حيث تتواصل موجة من الاحتجاجات منذ فبراير (شباط) 2019.
وتتزامن الخطوة مع النقاش العالمي حول انتهاكات القوى الاستعمارية السابقة في العالم بعد وفاة الأميركي الأسود جورج فلويد الذي قتل على يد شرطي أبيض في الولايات المتحدة. وتبقى قضية الذاكرة في صميم العلاقات المتقلبة بين الجزائر وفرنسا. وقد تبنى النواب الجزائريون أخيراً قانوناً «تاريخياً» تمّ بمقتضاه اعتماد 8 مايو يوماً للذاكرة؛ تخليداً لذكرى مجازر 1945 التي ارتكبتها القوات الفرنسية في مدينتي سطيف وقسنطينة (شرق).
وتريد السلطات الجزائرية أن تطرح ملف «المفقودين» أثناء حرب الاستقلال (1954 - 1962) البالغ عددهم أكثر من 2200 وفقاً للجزائر، وأيضاً الملف الخاص بالتجارب النووية الفرنسية في الصحراء الجزائرية «التي أوقعت ضحايا وما زالت»، وفق ما تقول.
وفي مارس (آذار) 1962، نصت اتفاقات إيفيان الموقعة مع فرنسا على وقف فوري لإطلاق النار ومهدت الطريق لإعلان استقلال الجزائر في 5 يوليو (تموز).



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».