«التعاون الإسلامي» تدعو لاستئناف المفاوضات حول سد النهضة

تلقت مصر والسودان، أمس، دعما إسلامياً في مفاوضاتهما مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة»، والذي تبنيه الأخيرة على الرافد الرئيسي لنهر النيل، ويثير توتّرات حادّة بينها وبين مصر والسودان.
وقالت منظمة التعاون الإسلامي إنها تتابع باهتمام الجهود الأممية والإقليمية المبذولة لإيجاد حل لمسألة «سد النهضة» الإثيوبي. مجددة التأكيد على أهمية الحفاظ على الأمن المائي لكل من مصر والسودان، ورفض المساس بحقوق جميع الأطراف في مياه النيل، وفقا لبيان صحافي صادر عن أمانة المنظمة، أمس. كما دعت المنظمة إلى استئناف الحوار والمفاوضات بين الأطراف للتوصل إلى اتفاق عادل يحفظ مصالحها.
وجاء دعم المنظمة الإسلامية، استكمالا لتأييد عربي مماثل، إذ قال بيان لمجلس وزراء المملكة السعودية، أول من أمس، إن «الأمن المائي لكل من مصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن العربي»، رافضاً «أي عمل أو إجراء يمس حقوق الأطراف كافة في مياه النيل».
وبحسب السفير ماجد عبد الفتاح، مندوب مصر الدائم بالجامعة العربية، فإن «الدول العربية كافة تساند مصر في هذه القضية»، وأوضح عبد الفتاح في تصريحات للتلفزيون المصري، أمس، أن «مصر حريصة حتى الآن على عدم الإضرار بإثيوبيا، ولذلك لم تتضمن مطالبات مصر في مجلس الأمن أي قرارات عقابية تجاه تعسف إثيوبيا في مفاوضات سد النهضة».
وأكد مندوب مصر بالجامعة العربية أنه «في حال عدم تعاطي الجانب الإثيوبي تجاه المناشدات المصرية بمجلس الأمن، فسوف تنتصر الشرعية الدولية، وتطبيق القوانين الدولية المرعية، والاتفاقيات التي تم التوقيع عليها من كافة الأطراف»، مشددا على أن جامعة الدول العربية لا تسعى للمواجهة، بل تسعى لحماية حقوق الشعبين المصري والسوداني.
وشكل مجلس وزراء الخارجية العرب لجنة خماسية لمتابعة تطورات الملف، وقال عبد الفتاح إن اللجنة ستجتمع مع الأمين العام للأمم المتحدة لمطالبته بدور أكثر فاعلية إلى جانب مجلس الأمن.
وتخشى مصر أن يؤثر السد على حصتها من المياه، ولم تؤد المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا طوال السنوات التسع الماضية إلى اتفاق تقبل به الأطراف الثلاثة، ما دعا مصر إلى إحالة الملف إلى مجلس الأمن.
ويرعى الاتحاد الأفريقي، برئاسة دولة جنوب أفريقيا، المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان، منذ يوم الجمعة الماضي، بعد أن اتفق زعماء الدول الثلاث على تشكيل لجنة لحل القضايا القانونية والفنية المعلقة، والتوصل إلى اتفاق في غضون أسبوعين، مع اضطلاع مجلس الأمن الدولي بالنتائج.
من جهة أخرى، ألقت احتجاجات وأعمال عنف واسعة داخل العاصمة الإثيوبية أديس أبابا بظلالها على الخلافات المصرية - الإثيوبية بشأن سد النهضة. وشهدت صفحات التواصل الاجتماعي مناوشات بين مصريين وإثيوبيين حول تلك الأحداث، والتي حرصت وسائل الإعلام المصرية على تغطيتها. وقتل 59 شخصا على الأقل في يومين خلال احتجاجات وأعمال عنف عرقية على خلفية مقتل مغن شهير من عرقية أورومو، وفق تعداد لوكالة الصحافة الفرنسية يستند إلى أرقام سلطات إقليمية رسمية وحزب معارض.
وقال المتحدث باسم منطقة أوروميا غاتيتشو بالتشا إن الولاية «سجّلت نحو 50 وفاة» الثلاثاء، فيما أعلن حزب «مؤتمر أورومو الاتحادي» المعارض مقتل تسعة أشخاص الأربعاء في بلدة أمبو، الواقعة غرب العاصمة أديس أبابا، وهي الأحداث التي اتهم فيها رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد «أعداء في الداخل والخارج لزعزعة سلامنا ومنعنا من تحقيق الأمور التي بدأناها».وسبق أن اتهمت إثيوبيا مصر بالوقوف وراء احتجاجات عرقية فيها، إلا أن مصر تنفي دائما تدخلها في الشؤون الداخلية لإثيوبيا.
وتداول مصريون على مواقع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات للمظاهرات، مشيرين إلى الموقف الصعب الذي يواجه نظام آبي أحمد في الحكم.
وينتمي رئيس الوزراء والمغني القتيل إلى عرق «الأورومو»، وهي أكبر جماعة عرقية في إثيوبيا اشتكت طويلا من تهميشها إلى أن عُين أبي رئيسا للوزراء عام 2018.
وقال الدكتور حمدي عبد الرحمن، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، تعليقا على اغتيال المغني الإثيوبي، الذي يعد من أشد المعارضين لرئيس الوزراء: «ثمة احتجاجات وحالة غضب سوف تلقي بظلالها على مسيرة الانتقال المتعثر في إثيوبيا»، مستنكرا «استدعاء نفس تكتيكات الجبهة الشعبية الحاكمة في السابق، من حيث إلقاء اللوم على أعداء الداخل والخارج»، و«اتهام مصر وجبهة تحرير التيغراي»، بالمسؤولية عنها.
واعتبر عدد من المغردين المصريين الاحتجاجات دليلا على فشل النظام الإثيوبي في الحكم، كما هو الحال في إدارة مفاوضات السد. فيما أكد الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، ضرورة احترام حق مصر التاريخي في مياه نهر النيل، لافتاً إلى أن دفاعها عن حقوق شعبها في الحصول على حصته المائية، واجب لا يحتمل الجدل ولا يقبل التهاون.
وطالب شيخ الأزهر في تدوينة على مواقع التواصل الاجتماعي، المجتمع العربي والدولي بالوقوف إلى جوار مصر للوصول إلى حل سلمي مناسب يضمن حقوقها المائية كاملة.