المستوطنون يمهلون نتنياهو أسبوعين لإطلاق خطة الضم

وفد فريق السلام الأميركي غادر من دون التوصل إلى تفاهمات

فنانون فلسطينيون في رفح يرسمون جدارية ضد خطة نتنياهو لضم الضفة (أ.ف.ب)
فنانون فلسطينيون في رفح يرسمون جدارية ضد خطة نتنياهو لضم الضفة (أ.ف.ب)
TT

المستوطنون يمهلون نتنياهو أسبوعين لإطلاق خطة الضم

فنانون فلسطينيون في رفح يرسمون جدارية ضد خطة نتنياهو لضم الضفة (أ.ف.ب)
فنانون فلسطينيون في رفح يرسمون جدارية ضد خطة نتنياهو لضم الضفة (أ.ف.ب)

مع مغادرة الوفد الأميركي بلا نتيجة محددة وتوجه رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، للإسرائيليين بنصيحة صديق أن يتنازلوا عن الضم، وامتناع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو عن وعده مباشرة بتنفيذ مخطط الضم في الأول من يوليو (تموز)، ومرور هذا اليوم كأي يوم آخر، هاجم قادة المستوطنات الحكومة، وقالوا إنهم يشكون في جدية نتنياهو بطرح مخطط الضم.
وصرّح رئيس حزب اليهود الروس اليميني «يسرائيل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، بأنه كان يعرف أن مخطط الضم لن يُنفّذ في أول يوليو، وأن نتنياهو سيتراجع في اللحظة الأخيرة. وقامت مجموعة من شبيبة المستوطنين بمحاولة لفرض الأمر الواقع على الأرض، فأقامت عدة بؤر استيطان شارك في إحداها مسؤول كبير في «الليكود».
وقال ديفيد الحياني، رئيس مجلس المستعمرات، إن «قادة المستوطنين اجتمعوا مؤخراً بحضور كامل، وسادت قناعة تامة لدينا بأن نتنياهو سيتراجع». وأمهل المستوطنون نتنياهو حتى منتصف الشهر لينفذ وعده ويعلن فرض السيادة الإسرائيلية على المستوطنات القائمة، «وإلا فإننا سنفهم بأنه لم يكن جادّاً ولا مرّة في مخطط الضم». وقال رئيس مجلس مستوطنات «غوش عتسيون»، شلومو نئمان، إن الإدارة الأميركية لن تقدم على دعم خطوة الضم في الشهور الثلاثة الأخيرة من المعركة الانتخابية. وعليه، «فإن منتصف الشهر الحالي هو آخر فرصة لنا لننفذ الضم. فإن لم نفعل (تضيع الطاسة)، ولا نعود نراه واقعياً». وكانت شبيبة المستوطنين قد باشرت في بناء بؤر استيطانية في عدة مواقع على الأرض الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية، بينها وضع حجر الأساس لحي استيطاني جديد في مستعمرة «يتسهار» القائمة على أراضي نابلس. وقد شارك في الحدث كل من النائب حايم كاتس من «الليكود»، وزير العمل السابق، وأييلت شاكيد من «يمينا» وزيرة القضاء السابقة. وقد أعربا عن «أملهما» في أن «يقدم نتنياهو على إعلان الضم في غضون أيام فعلاً، كما وعد قبل ساعات». وكان وفد فريق السلام الأميركي، برئاسة مبعوث ترمب الخاص، آفي بيركوفيتش، قد غادر تل أبيب، الليلة قبل الماضية، إلى واشنطن، من دون التوصل إلى تفاهمات مع نتنياهو بشأن تنفيذ مخطط الضم. وحسب مصادر سياسية إسرائيلية فإن «لدى كل من تحدث مع الأميركيين الانطباع بأنهم هم أنفسهم لم يقرروا طبيعة الخطة المطلوبة. لا بل إنهم أدركوا كم هي كبيرة الفجوات بين نتنياهو وحلفائه في الحكومة من حزب (كحول لفان)، بيني غانتس (رئيس الحكومة البديل ووزير الدفاع) وغابي أشكنازي (وزير الخارجية)، وأن هذه الفجوات تمنع إمكانية التوصل إلى تفاهمات داخل الحكومة الإسرائيلية حول الضم. وبقي الانطباع لدى وزراء تحدثوا مع نتنياهو بأنه تراجع عن عزمه ضم 30 في المائة من الضفة، وأنه يواصل دراسة ضم المستوطنات في عمق الضفة، مثل ألون موريه وبيت إيل وغيرهما».
وأضافت المصادر أن «الأميركيين طلبوا من المسؤولين الإسرائيليين أن يعوضوا للفلسطينيين بأراض مقابل المناطق التي ستضمها إسرائيل في الضفة الغربية، وتحويل مساحات غير قليلة من المناطق C (التي تخضع لمسؤولية إدارية وأمنية لإسرائيل)، إلى مناطق B (التي تخضع إدارياً للسلطة الفلسطينية وأمنياً لإسرائيل)». وقد وافقت إسرائيل على الطلب بشكل مبدئي، وعرضت خرائط جديدة تنطوي على تعديلات في خرائط الإدارة الأميركية تقلّص المناطق التي ستضمها في غور الأردن، بينما توسّع المناطق التي ستحظى بها المستوطنات. لكن الأميركيين طلبوا إجراء تعديلات إضافية لتوسيع مساحة الدولة الفلسطينية أكثر قليلاً. كما اقترح الأميركيون على إسرائيل أن تمنح الفلسطينيين امتيازات وتسهيلات في الحياة اليومية، علها تساعد في تخفيف معارضتهم لخطة الرئيس دونالد ترمب. فوعدت بذلك. وقال مسؤول سياسي إسرائيلي لموقع «واللا» الإخباري، أمس (الأربعاء)، إن بيركوفيتش نقل موقف كبير مستشاري الرئيس ترمب وصهره، جاريد كوشنر، الذي يؤكد فيه أنه ليس مرتاحاً للمحاولات الإسرائيلية بإظهار «موضوع الضم فقط من صفقة القرن»، ويرى أن «هذا التوجه والإقدام على خطوة إسرائيلية أحادية الجانب الآن من شأنهما تدمير الخطة كلها». ولكن المسؤول يضيف أن هناك ضغوطاً معاكسة يديرها كل من السفير الأميركي لدى إسرائيل، ديفيد فريدمان، والسفير الإسرائيلي في واشنطن، رون ديرمر، لدفع مخطط الضم، بغض النظر عن البنود الأخرى ويمارسان ضغوطاً على ترمب كي يمنح ضوءاً أخضر لخطوة كهذه في التوقيت الحالي. من جهة ثانية، ذكرت مصادر عسكرية أن الجيش الإسرائيلي باشر في حشد قوات له على الحدود الخارجية للضفة الغربية، وذلك في أعقاب «تقدير للوضع الأمني»، بيّن أن الفلسطينيين عموماً يتعاملون بهدوء مع موضوع الضم، ولكن ينبغي توقع انفجار مسيرات شعبية باتجاه إسرائيل، ويجب منعهم من ذلك، وسد ثغرات في جدار الفصل. وحسب هذه المصادر فإن التحسّب الأساسي في الجيش هو أن تتجه الأمور إلى اشتعال ميداني سريع للأحداث، وأن ينجر أحد الجانبين، الإسرائيلي أو الفلسطيني، إلى رد فعل غير مناسب، ثم يتدهور الوضع.



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».