«حراك شعبي» يفوّض حفتر إعلان «استئناف إنتاج النفط»

زيارة عسكري تركي بارز لطرابلس تعزز تكهنات برغبة أنقرة في قاعدة بحرية

مصفاة نفط في رأس لانوف شمال ليبيا (أ.ف.ب)
مصفاة نفط في رأس لانوف شمال ليبيا (أ.ف.ب)
TT

«حراك شعبي» يفوّض حفتر إعلان «استئناف إنتاج النفط»

مصفاة نفط في رأس لانوف شمال ليبيا (أ.ف.ب)
مصفاة نفط في رأس لانوف شمال ليبيا (أ.ف.ب)

ألقى «حراك القبائل» الليبية الكرة في ملعب المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، بإعلان تفويضه للتفاوض مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لإعادة فتح حقول النفط المغلقة، وفي غضون ذلك أعلنت الحكومة المؤقتة في شرق البلاد أنها بصدد سحب عقود مع تركيا، تقدر بمليارات الدولارات.
وبعد زيارة مثيرة للجدل أجراها وفد تركي رفيع المستوى إلى العاصمة الليبية طرابلس مؤخرا، وصل عدنان أوزيال، رئيس أركان القوات البحرية التركية إلى قاعدة «بوستة» البحرية بطرابلس أمس، في زيارة مفاجئة لم يسبق الإعلان عنها. وأظهرت لقطات بثتها قنوات تلفزيونية محلية، موالية لـ«الوفاق»، استقبال قادة عسكريين فيها للمسؤول العسكري التركي وتسليمه درعا، وسط تكهنات بأنه سيبحث تدشين قاعدة بحرية عسكرية لبلاده في طرابلس.
في سياق ذلك، قالت الخارجية الأميركية في بيان مقتضب، أمس، إنها تشارك قلق المؤسسة الوطنية الليبية للنفط بشأن تدخل شركة «فاغنر»، التابعة لوزارة الدفاع الروسية، والمرتزقة الأجانب في المنشآت الليبية في حقل الشرارة النفطي، واعتبرت أن هذا التصرف يعد «اعتداء مباشرا على سيادة ليبيا وازدهارها».
وتأكيدا لما نشرته «الشرق الأوسط» أول من أمس، أعلن مشايخ وأعيان المنطقة الشرقية تفويض حفتر للتواصل مع الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، قصد إيجاد حلول لعدم وقوع إيرادات النفط في أيدي الميليشيات الإرهابية، وإعادة فتح موانئ وحقول النفط التي تم إغلاقها منذ مطلع العام الحالي.
واعتبر بيان للقبائل، عقب اجتماعها مساء أول من أمس بميناء الزويتينة النفطي، أن «من حق الشعب الليبي الاستفادة من إيرادات النفط لتحسين ظروفه المعيشية، والمضي قدما في إعمار البلاد».
ورغم أن اللواء أحمد المسماري، الناطق العام باسم «الجيش الوطني»، أعلن ترحيبه بمضمون البيان، لكنه قال في تصريحات تلفزيونية إن قيادة الجيش «تدرس حاليا إعلان الخطوات المقبلة فيما يتعلق بهذا التفويض»، لافتا إلى ترحيبها على الدوام بأي حراك ليبي لإنهاء الأزمة، وتجفيف تمويل الإرهاب من خلال قفل النفط.
وقال المسماري إن ملف المنشآت النفطية، الذي كان يدار بشكل شعبي وقبلي، انتقل إلى إدارة قيادة الجيش، التي أوضح أنها تقوم بمهامها في صيانة وحفظ أمن المنشآت النفطية.
في المقابل، اعتبر صلاح النمروش، وكيل وزارة الدفاع بحكومة «الوفاق»، أن قواته «لن تسمح بأن تمتد أيادي العابثين إلى مصادر الطاقة، بما في ذلك الحقول والموانئ النفطية»، وتعهد بألا «تكون مصدر استغلال أو ابتزاز، ولا محتلة من مرتزقة وعصابات إجرامية».
إلى ذلك، بدأت الحكومة المؤقتة التي تدير شرق ليبيا، برئاسة عبد الله الثني، في دراسة سحب مشاريع وأعمال، كان من المقرر أن تنفذها شركات تركية بعد إبرام عقودها عام 2011.
وقال الثني في بيان مساء أول من أمس إنه ناقش خلال اجتماع، عقده في مدينة بنغازي مع وزير خارجيته عبد الهادي الحويج، «الإجراءات القانونية اللازمة لإنهاء هذه العقود في مختلف المشروعات، وتسليم العمل لشركات أخرى»، وأرجع ذلك إلى ما وصفه بالموقف العدائي، الذي اتخذه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ونظامه للشعب الليبي وسلطاته الشرعية.
وأبرمت شركات تركية تعمل في مجال البناء والتشييد عقودا، تتجاوز قيمتها 10 مليارات دولار، مع نظام العقيد الراحل معمر القذافي. لكن استمرار تدهور الأوضاع الأمنية منذ 9 سنوات حال دون تنفيذها.
ميدانياً، اتهم الناطق الرسمي لغرفة عمليات سرت والجفرة التابعة لحكومة السراج، «الجيش الوطني»، بقصف مناطق مدنية بمنطقة سرت، مشيرا إلى تعرض مواطنين بمنطقة وادي تامت إزكير، غرب سرت، لقصف عنيف أسفر عن مقتل أحد الرعاة، وإصابة 7 آخرين.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».