العراق في عهد «انفلات السلاح» بعد واقعة «كتائب حزب الله»

مصادر قريبة من الحكومة تقول إن إطلاق معتقلي الفصيل الموالي لإيران تم من دون علمها

«كتائب حزب الله»
«كتائب حزب الله»
TT

العراق في عهد «انفلات السلاح» بعد واقعة «كتائب حزب الله»

«كتائب حزب الله»
«كتائب حزب الله»

دشنت الفصائل الحليفة والموالية لإيران، أمس، عهدا جديدا عنوانه «انفلات السلاح» بعد الرفض العلني لأكثر من زعيم ميليشياوي لدعوات حصر السلاح بيد الدولة الذي كان ومنذ سنوات على رأس المطالبات الملحة للقوى السياسية والشعبية.
ويأتي «العهد الجديد» في أعقاب عملية المداهمة التي نفذتها قوات مكافحة الإرهاب ضد مقر لميليشيا «كتائب حزب الله»، الجمعة الماضي، واعتقال 14 فردا من عناصره، وما تلا ذلك من عملية الإفراج عنهم. كما يأتي في سياق صمت «محير» لحكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي حول عملية إطلاق السراح وما تلاها، بعد أن ظن مؤيدوها أنها حققت «هدفا ذهبيا» في عملية المداهمة والاعتقال، ضد «الكتائب» وعموم الفصائل، ثم ما لبثت أن تحولت الأمور في غير صالح الحكومة ورئيسها بعد عملية إطلاق السراح.
وبغض النظر عن التراجع في موقف الحكومة لصالح نفوذ الفصائل وحجم الدعم الشعبي الذي يحظى به رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، وما إذا كان كبيرا أو متواضعا، نظرا للوقت القصير الذي باشر به مهام عمله، إلا أن قيام عناصر «كتائب حزب الله» المطلق سراحهم، برفع إشارة النصر بزيهم العسكري الحشدي وهم يدوسون بأقدامهم صور الكاظمي، أثار غضب وامتعاض قطاعات شعبية غير قليلة، باعتبار أن جنود الفصيل الذي يعلن انتماءه لمؤسسة «الحشد الشعبي» الرسمية تعمدوا الإساءة العلنية للقائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية التي ينتمون إليها.
وشعر كثيرون بامتعاض مماثل لقبول المؤسسات الرسمية العراقية وسكوتها حيال ما اعتبر «إهانة» لرمزية القائد العام ورئيس الوزراء. وفيما تقول مصادر قريبة من الحكومة العراقية، إن «عملية إطلاق السراح حدثت دون علم الحكومة وبعد مخطط رتبت له زعامات ميليشياوية وبعض الأطراف القضائية»، تعرضت حكومة الكاظمي إلى موجة انتقادات شديدة تجاه موقفها غير الواضح والتزامها الصمت حيال ما حدث.
في مقابل ذلك، سعت «كتائب حزب الله» إلى استثمار عملية إطلاق سراح عناصرها إلى حدود بعيدة دفعت أمينها العام (لم يذكر بيان صادر عن الجماعة اسمَه) إلى التحدث بوضوح وصراحة غير مسبوقة، عبر بيان مقتضب عن رفضه للأحاديث المتواصلة عن أهمية نزع سلاح الفصائل المسلحة وحصره بيد الدولة وقال إن «سِلاح المقاومة الإسلامية هو أصل الشرع والشرعية، ولن يسلم إلا بيد مولانا ابن الحسن سلام الله عليه» في إشارة إلى المهدي الذي يعتقد الشيعة بغيبته وظهوره في آخر الزمان.
ويرى مراقبون، أن الموقف الجديد الذي أطلقه أمين «الكتائب» يضع حدا للتكهنات التي كانت تشير إلى إمكانية قبول الفصائل المسلحة التي ترفع شعار «المقاومة» بنزع السلاح، ويضع حكومة الكاظمي أمام تحدي نزع السلاح بالقوة أو التغاضي عن ذلك كما طالب بذلك زعيم فصيل عصائب أهل الحق قيس الخزعلي.
وانضم زعيم ميليشيا «النجباء» أكرم الكعبي، أمس، إلى موجة الرافضين لنزع السلاح خارج إطار الدولة، وقال في تغريدة عبر «تويتر» إن «على أبطال السيادة والتحرير صم آذانهم عن هذه الأصوات (المطالبة بنزع السلاح) النشاز، وتعزيز قدراتهم وإمكانياتهم بشكل أكبر من السابق للاستعداد للملحمة الكبرى».
كذلك، يعتقد المراقبون أن المواقف الجديدة لزعماء الميليشيات المسلحة، تضع حدا لما يشاع عن التزام فصائل «الحشد الشعبي» بأوامر القائد العام للقوات المسلحة، وفي هذا السياق يقول الكاتب الباحث الإسلامي غالب الشاهبندر في تغريدة عبر «تويتر»: «أنا مقتنع أن الحشد (كقيادات) وبقية الفصائل المسلحة لا يختلفون عن بعض وكل ما يقال إنه حكومي، رسمي... الخ، مجرد كلاوات (أكاذيب)، الفصائل المسلحة وقيادات الحشد تحكم باسم ولاية الفقيه».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».