تونس: تأكيد رسمي على تورط الفخفاخ في «تضارب مصالح»

«اتحاد الشغل» يعدّ لتحركات واحتجاجات ضد الائتلاف الحاكم

جانب من جلسة للبرلمان التونسي الخميس الماضي (إ.ب.أ)
جانب من جلسة للبرلمان التونسي الخميس الماضي (إ.ب.أ)
TT

تونس: تأكيد رسمي على تورط الفخفاخ في «تضارب مصالح»

جانب من جلسة للبرلمان التونسي الخميس الماضي (إ.ب.أ)
جانب من جلسة للبرلمان التونسي الخميس الماضي (إ.ب.أ)

أكد رئيس هيئة رسمية في تونس، أمس، تورط رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ في شبهة «تضارب مصالح»، وهي خطوة ربما تمهد لإحالة ملفه إلى القضاء.
وقال شوقي الطبيب، رئيس هيئة مكافحة الفساد، إن هناك شبهة بشأن تورط الفخفاخ في «تضارب مصالح» بعد حصول إحدى الشركات التي لديه أسهم فيها على صفقات أبرمت مع الدولة. وأضاف الطبيب خلال جلسة استماع برلمانية عقدتها أمس لجنة الإصلاح الإداري والحوكمة الرشيدة ومكافحة الفساد، أن الفخفاخ يملك أسهماً في 5 شركات لم يُعلم بها هيئة مكافحة الفساد عندما صرح بمكاسبه ولم يعلم بتعامل تلك الشركات مع الدولة. وتابع الطبيب أن هيئة مكافحة الفساد قررت فسخ الصفقة التي عقدت مع الشركة التي يملك رئيس الحكومة أسهماً فيها ومع المؤسسة العمومية التي أبرم معها العقد. وتابع أن ما ذهب إليه البعض بخصوص بيع رئيس الحكومة أسهمه والتخلص منها، «توجه غير سليم؛ لأن الأسهم ارتفعت قيمتها بعد الصفقة، وبالتالي ستكون قيمتها أعلى بكثير من القيمة التي بيعت بها في البداية، وهو أمر ليس من باب العدل أو الإنصاف».
واتهم الفخفاخ بمخالفته القانون لأنه لم يتخل عن مساهماته في 3 شركات إلا بتاريخ 15 أبريل (نيسان) و22 مايو (أيار) الماضيين، بينما تسلم الحكم يوم 28 فبراير (شباط) 2020. وكان البرلمان التونسي قد عقد جلسة برلمانية يوم الخميس الماضي تحولت من جلسة لتقييم أداء الحكومة خلال مائة يوم إلى جلسة للاستفسار حول تضارب مصالحه مع منصبه رئيساً للحكومة من خلال تعامل شركاته مع الدولة؛ وهو ما تمنعه القوانين التونسية.
وأكد الطبيب أن هيئة مكافحة الفساد أحالت إلى القضاء 6 ملفات تضارب للمصالح بعد التنبيه على أصحابها لتسوية وضعياتهم، غير أنهم لم يمتثلوا، وهي تتعلق برؤساء بلديات. وأشار الطبيب إلى وجود شبهات تضارب مصالح أيضاً لدى نواب في البرلمان ووزراء ومسؤولين في الإدارة، وقد أشعروا الهيئة بذلك بحسبان أنهم كانوا خارج المسؤولية عندما شاركوا في صفقات عمومية، مشدداً على ضرورة تطبيق القانون في هذه الوضعيات.
على صعيد آخر؛ يستعد «الاتحاد التونسي للشغل»، (نقابة عمالية)، لتنظيم سلسلة «تجمّعات عمالية وتحركات تصاعدية»، تنطلق من المؤسسات؛ مروراً بالمستوى الجهوي (المناطق) والقطاعي، لتتوج بتحركات وطنية هدفها الضغط على الحكومة المتهمة بجر الدولة إلى حافة الإفلاس نتيجة خيارات خاطئة.
وقال نور الدين الطبوبي، الأمين العام للاتحاد، الطرف القوي في المشهد السياسي، إنه سيعمل على ضبط روزنامة لهذه التحركات بالتنسيق مع الهياكل النقابية وحسب تطوّر الأوضاع السياسية والاقتصادية في تونس. وهدد في اجتماع عمالي كبير نظمه الأحد بمدينة صفاقس؛ كبرى المدن الاقتصادية في تونس، بالزحف على البرلمان من أجل تعديل البوصلة نحو الخيارات والسيادة الوطنية، نافياً أن يكون هدف الاتحاد المطالبة بحل البرلمان المنتخب الذي تعرض خلال الفترة الأخيرة إلى أسوأ حملة انتقادات نتيجة الخلافات المتكررة بين الكتل البرلمانية. وأكد الطبوبي أن تلك السلسلة من التجمعات العمالية هدفها الدفاع عن العمال ضد الهجمة التي تواجهها من قبل ما وصفه بـ«ائتلاف الشر» المعادي للعمل النقابي؛ على حد تعبيره.
وعبّر الاتحاد عن قلقه من توتر الوضع السياسي بسبب ما عدّه «تخبط بعض الأطراف وخدمتها مصالحها الحزبية التي تجسمت في غياب الانسجام الحكومي بين بعض مكونات الائتلاف، إلى جانب سعي كتل متطرفة داخل البرلمان ولها أجندات وارتباطات خارجية إلى الإساءة للمشهد السياسي ولمصالح البلاد والتحريض والتصادم والعنف ونشر خطاب الكراهية والدفع إلى الاحتراب». كما دعا إلى «إنهاء الغموض السياسي المهيمن على المشهد العام، والذي عمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية، وزاد من منسوب انعدام الثقة داخلياً وخارجياً، وعكس صورة سيئة عن الحياة السياسية في البلاد، وينذر اليوم بمزيد من تدهور الأوضاع وبانفجارات اجتماعية مقبلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.