«أمنستي»: اعتقال نشطاء جزائريين يقوض مصداقية «الإصلاح»

قالت «منظمة العفو الدولية» (أمنستي)، إن حملة الاعتقالات التي تشنها السلطات الجزائرية ضد نشطاء الحراك «تهدد بتقويض مصداقية الإصلاح الدستوري»، في إشارة إلى وثيقة التعديل الدستوري التي سيسدل الستار على مناقشتها من طرف الطبقة السياسية نهاية الشهر الجاري، والتي تقول السلطات إنها «تتضمن توسيعاً لهوامش الحريات والديمقراطية».
ونشرت المنظمة الحقوقية مضمون مذكرة رفعتها إلى الرئاسة الجزائرية الخميس الماضي تتعلق بملاحظاتها حول مسودة التعديل الدستوري، أهم ما جاء فيها أنها «قلقة بشأن عدد من المواد في المشروع التمهيدي للتعديلات الدستورية المُقترحة، مثل المواد المتعلقة بالحق في التعبير والحق في التجمع، والحق في الحياة». وقالت إنها «رحبت ببعض المواد التي اتسمت بصياغات قوية، بشأن حقوق المرأة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية». ولاحظت المنظمة أن «حملة القمع تتناقض مع وعد الرئيس عبد المجيد تبون، عندما تولى مقاليد الحكم في العام الماضي، بأن يعمل على «تعزيز الديمقراطية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، عن طريق إجراء تعديلات دستورية أساسية». ونددت المذكرة بـ«القمع والاعتقالات التعسفية الواسعة التي تشنُها السلطات الجزائرية بلا هوادة ضد النشطاء والمتظاهرين».
ويقول نشطاء الحراك، الذي علق مظاهراته، منذ مارس (آذار) الماضي بسبب تفشي وباء كورونا، إن حوالي 50 شخصا يوجدون في السجن بسبب آرائهم ومواقفهم ضد السلطات وتحديدا ضد الرئيس تبون. وتم اتهام العديد من الناشطين بـ«الإساءة لرئيس الجمهورية» عن طريق كتابات بشبكة التواصل الاجتماعي، وأودعهم القضاء رهن الحبس الاحتياطي. ومن أشهر المساجين المنخرطين في الحراك، المناضل السياسي كريم طابو والناشط سمير بن العربي والصحافي خالد درارني مراقب منظمة «مراسلون بلا حدود».
وقالت هبة مرايف، مديرة المكتب الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، بالمذكرة، «في وقت يرزح فيه خلف قضبان السجون نشطاء سلميون من المجتمع المدني والنشطاء السياسيين، بالإضافة إلى صحافيين، تأتي مسودة تعديل الدستور للتذكرة بأن الواقع أبعد ما يكون عن وعود السلطات التي لم تتحقق، بأن تنصت إلى أصوات الحركة الاحتجاجية المعروفة باسم الحراك». يشار إلى أن «أمنستي»، هي الجمعية الحقوقية الدولية الوحيدة، التي رخصت السلطات لها بفتح مكتب بالجزائر، إذ يغطي كل منطقة شمال أفريقيا.
كما جاء في المذكرة أن «بعض التعديلات المقترحة قاصرة عن الوفاء بالمعايير الإنسانية لحقوق أخرى من حقوق الإنسان، مثل الحق في الحياة، حيث تبقي هذه التعديلات الباب مفتوحاً لإمكان العودة إلى فرض عقوبة الإعدام. ومن شأن التعديلات المقترحة أن تعزز صلاحيات «المجلس الأعلى للقضاء»، وهو هيئة إشرافية تتمتع بالاستقلال الإداري، إلا أن الحكومة سوف تستمر في الاحتفاظ بصلاحيات كبيرة للهيمنة على النظام القضائي، بما في ذلك احتفاظ رئيس الجمهورية برئاسة «المجلس الأعلى للقضاء»، ومنحه صلاحية التعيين المباشر لمن يشغلون مناصب قضائية مهمة». وكانت «لجنة إعداد الدستور»، أكدت أن تنحية وزير العدل، كنائب لرئيس «المجلس الأعلى للقضاء، في وثيقة مراجعة الدستور، «تعد خطوة كبيرة نحو تحقيق استقلال القضاء». غير أن نقابة القضاة، رأت في بقاء رئيس السلطة التنفيذية على رأس هذه الهيئة «مؤشرا غير إيجابي».
وأضافت «أمنستي» في ملاحظاتها، أن مشروع الرئاسة الذي سيعرض على الاستفتاء، «ينص على أن حرية الصحافة لا تُقيد بأي شكل من أشكال الرقابة المُسبقة، ولكنه يجعل هذه الحرية مشروطة باحترام «ثوابت الأمة وقيمها الدينية والأخلاقية والثقافية» والعمل في إطار القانون. وهذان الشرطان يُبقيان الباب مفتوحاً أم السلطات للانقضاض على الصحافيين وغيرهم ممن ينتقدون السلطات. ورغم النصِ على ضمان حرية التعبير، فإنها تظلُ مشروطة بالقانون المحلي، مما يتيح اللجوء إلى قوانين قمعية، من قبيل التعديلات التي أُدخلت على قانون العقوبات واعتمدت في أبريل (نيسان) 2020. وهي تعديلات تُجرِم نشر أخبار كاذبة، وتعاقب على ذلك بالسجن لمدة تصل إلى ثلاث سنوات.