«الوفاق» تسعى إلى الإسراع في «تحرير» سرت والجفرة

تجاهلت دعوات البعثة الأممية بوقف إطلاق النار... و الجيش الوطني الليبي يعزز قواته

قوات من الجيش الوطني الليبي تستعد لحماية مدينة سرت (غيتي)
قوات من الجيش الوطني الليبي تستعد لحماية مدينة سرت (غيتي)
TT

«الوفاق» تسعى إلى الإسراع في «تحرير» سرت والجفرة

قوات من الجيش الوطني الليبي تستعد لحماية مدينة سرت (غيتي)
قوات من الجيش الوطني الليبي تستعد لحماية مدينة سرت (غيتي)

رغم دعوة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا مجدداً لضرورة التوصل سريعاً إلى وقف لإطلاق النار، استمرت أمس حالة التعبئة المتبادلة والتحشيد لقوات الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر والميليشيات الموالية لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج حول مدينة سرت الساحلية الاستراتيجية.
وقال محمد قنونو، المتحدث باسم قوات الوفاق، إن تحرير مدينة سرت ومنطقة الجفرة ممن وصفهم بالمرتزقة الروس والعصابات الإجرامية المحلية ومطاردتهم أينما وجدوا في ليبيا، «أمر ملح أكثر من أي وقت مضى»، مؤكداً أن قوات الوفاق عازمة على ذلك «إن كان سلما فبها وإن كان بقوة السلاح فنحن لها»، على حد تعبيره.
وأوضح، في بيان له مساء أول من أمس، أن المدينة أصبحت اليوم بؤرة تجمع للمرتزقة الأجانب التابعين لفاغنر من روسيا وسوريا والعصابات الإجرامية المحلية المتهمة بارتكاب جرائم حرب وضد الإنسانية بعد طردها من طرابلس ومدينة ترهونة لتتحول مدينة سرت إلى أكثر الأماكن خطورة على الأمن والسلم المجتمعي في ليبيا. وزعم أن «المرتزقة من فاغنر يحتلون اليوم منطقة الجفرة، وجعلوا من قاعدتها العسكرية ومطارها مركزا لقيادتهم، وادعى أنهم يتمددون منها للسيطرة على حقول النفط في الجنوب الليبي». وحمل مسؤولية وجود المرتزقة الروس والسوريين والأفارقة وسيطرتهم على حقول النفط في ليبيا، لمن وصفها بالأطراف الليبية التي دعمت المتمردين والانقلابيين، كما حمل المسؤولية لدول عربية وأجنبية لم يحددها، لكنه اتهمها بدعم المرتزقة والمساهمة في جلبهم وتسهيل دخولهم، ومحاولة حمايتهم بجعل أماكن وجودهم في ليبيا خطوطا حمراء؛ في إشارة واضحة إلى مصر.
وفيما بدا أنه بمثابة تعبير عن استمرار تعثر الجهود الرامية إلى إبرام هدنة عسكرية جديدة، اعتبر قنونو، أنه «من غير المقبول الحديث عن وقف إطلاق النار في الوقت الذي يحتل فيه المرتزقة الأجانب سرت والجفرة ويسيطرون على حقول النفط الليبي مصدر قوت الليبيين، بالتواطؤ من المتمردين والانقلابيين بالداخل وأطراف خارجية باتت معلومة للجميع». وأعلنت قوات الوفاق التي تشن ما يعرف باسم «عملية بركان الغضب» إصابة عاملين اثنين من حملة الجنسية النيجرية إثر انفجار لغم، اتهمت قوات الجيش بزرعه في الأحياء السكنية جنوب العاصمة طرابلس قبل انسحابهم منها مؤخرا.
وكانت وزارة الخارجية بحكومة الوفاق، حثت في بيان لها مساء أول من أمس «كل الدول التي لها شركات نفطية بليبيا على التعاون معها لفضح انتهاكات المرتزقة والدول الداعمة لهم ووضعهم تحت طائلة العقوبات الدولية»، مشيرة إلى وجود مجموعات إرهابية ومرتزقة بالحقول النفطية الليبية.
وبعدما أكدت «استمرار عمليات تطهير البلاد من المرتزقة والمعتدين ومن يساندهم حفاظاً على الأمن القومي الليبي»، حذرت الوزارة من خطورة وجود المجموعات الإجرامية والإرهابية من الفاغنر والجنجويد وغيرهم، وعدته تهديدا للأمن الإقليمي والدولي.
في المقابل، أعلنت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني عن تحرك المزيد من قواته البرية لتعزيز تمركزاته في المنطقة الوسطى، مشيرة إلى تحرك سرايا من الكتيبة 128 مُشاة، بالإضافة إلى السرية الثانية بالكتيبة 166 مُشاة إلى هذه المنطقة تحت شعار «جاهزين لتنفيذ أوامر الموت دفاعاً عن تراب الوطن».
ولم تفصح الشعبة في بيانها المقتضب مساء أول من أمس عن دوافع هذا التحرك، لكنها قالت إنه يأتي تنفيذاً لتعليمات قيادة الجيش، كما بثت لقطات مصورة لجولة استطلاعية لقواته داخل حقل الشرارة النفطي وبمحيطه تفنيداً لما وصفته بالشائعات التي تروجها القنوات الإخوانية.
وجددت البعثة الأممية على لسان رئيستها المؤقتة ستيفاني ويليامز، دعوتها إلى ضرورة الإسراع في الوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار وتجنيب ليبيا المزيد من القتل والدمار والتهجير.
وأوضحت البعثة في بيان لها مساء أول من أمس أن ستيفاني عبرت لدى اجتماعها مع السراج في روما، عن انزعاجها الشديد بسبب التقارير التي تفيد بدخول مجموعات جديدة من المرتزقة من عدة جنسيات إلى حقل الشرارة ومنشآت نفطية أخرى، مما ينذر باستمرار منع إنتاج النفط ويهدد بتحويل الهلال النفطي إلى منطقة صراع، الأمر الذي لو حدث قد يؤدي إلى إلحاق أضرار هائلة بالقطاع النفطي، كونه المصدر الوحيد لرزق الليبيين. وأكدت ستيفاني دعم الأمم المتحدة المستمر للشركاء والمجتمعات المحلية والأطراف الليبية المعنية لتخليص ليبيا من تهديد المواد المتفجرة ومخلفات الحروب، مشيرة إلى أن بقاءها مع السراج تطرق إلى المقابر الجماعية التي تم اكتشفها مؤخراً في ترهونة وسبل التعاون بين الأمم المتحدة والسلطات وخاصة من خلال تقديم المشورة التقنية لضمان إجراء تحقيق مهني وشفاف.
وأضافت: «ناقش الطرفان مسألة الألغام والعبوات الناسفة المبتكرة التي وضعت في منازل المدنيين أو بالقرب منها في عدة مناطق في جنوب طرابلس كانت تسيطر عليها قوات موالية للجيش الوطني، والتي أدت إلى وقوع أكثر من 100 ضحية من المدنيين وموظفي إزالة مخلفات الحروب».
بموازاة ذلك، كشف أمس فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة السراج، النقاب عن استعداد وزارته لاستقبال ودمج أي عناصر من المجموعات المسلحة شريطة أن يكون انضمامه بشكل فردي وليس كمجموعة مسلحة. وقال أغا في مقتطفات من كلمته وزعتها الوزارة أمس لدى اجتماعه مع الجانب الأميركي يوم الأربعاء الماضي، لمناقشة التعاون الأمني بين البلدين، وإصلاح القطاع الأمني، وخطة الوزارة لتطبيق برنامج التسريح وإعادة الإدماج للجماعات المسلحة، وإضفاء طابع مهني عليها، إن العصابات المسلحة الموجودة في المنطقتين الغربية والشرقية، ارتكبت جرائم يجب كشفها وملاحقتها. وتابع: «وجود أي سلاح داخل حدود الدولة الليبية هو تهديد لها. الدولة فقط هي من يجب أن تحتكر السلاح واستخدام العنف والقوة».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».