ترقب وحذر في بغداد بعد اعتقال عناصر من «كتائب حزب الله»

مسؤول «العصائب» يحذّر الكاظمي من فوضى ويطالبه بـ«التغاضي» عن قصف الأميركيين

ترقب وحذر في بغداد بعد اعتقال عناصر من «كتائب حزب الله»
TT

ترقب وحذر في بغداد بعد اعتقال عناصر من «كتائب حزب الله»

ترقب وحذر في بغداد بعد اعتقال عناصر من «كتائب حزب الله»

تشهد العاصمة العراقية بغداد أجواء ترقب وحذر شديدين بعد إقدام الحكومة العراقية، فجر أول من أمس، على مداهمة مقر لـ«كتائب حزب الله» الموالية لإيران واعتقال 14 عنصرا، ضمنهم خبير إيراني في تصنيع الصواريخ كما ترجح كثير من المصادر.
وتميل اتجاهات المراقبين في بغداد إلى إمكانية تفجر الصراع في الأيام المقبلة بين الحكومة والقوى المؤيدة لها، وبين الفصائل المسلحة و«خلايا الكاتيوشا»، خاصة بعد التصعيد الكلامي الذي ينتهجه هذه الأيام ما يسمى «محور المقاومة» ضد حكومة مصطفى الكاظمي، حتى أن أمين عام «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي طالب رئيس الوزراء علنا بـ«التغليس» عن قصف المصالح الأميركية والمصالح الغربية.
وانعكس التوتر الحاد بين الحكومة والفصائل المسلحة، عقب مداهمة فجر الجمعة لمقر «كتائب حزب الله» على شكل جدالات واتهامات متبادلة كانت ساحتها مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. وفيما أطلق مؤيدو الحكومة هاشتاك «حزب الله طلع بوخه (ليس كما يدعي من القوة)» رد عليهم الموالون لجماعات الفصائل بهاشتاك مماثل استهدف رئيس الوزراء الكاظمي.
وباستثناء البيان الذي صدر، أمس، عن قيادة العمليات المشتركة وكشف عن تشكيل لجنة تحقيق تديرها مديرية الاستخبارات للتحقيق مع العناصر التي ألقي القبض عليها، لم يصدر عن الحكومة العراقية أو «كتائب حزب الله» أي بيانات إضافية بشأن ما حدث فجر الجمعة. غير أن زعيم «عصائب أهل الحق» قيس الخزعلي وجه (مساء الجمعة) رسالة متلفزة إلى رئيس الوزراء طالبه فيه بـ«التغليس» (التغاضى) عن قصف السفارة الأميركية والمواقع العسكرية بصواريخ الكاتيوشا لأن ذلك «لم يحصل في تأريخ الحكومات السابقة، وإن كانوا يريدون ذلك، لكنهم لم يستطيعوا، وكان الجميع (رؤساء الوزراء) لا يعتبرون في قرارات أنفسهم أن ذلك (عمليات القصف) خطأ، وكان الجميع (يغلس)». وقال الخزعلي موجها كلامه إلى رئيس الوزراء «لا تنخرط في هكذا مواضيع، لأنها ليست بحجم حكومتك». وأضاف أن «القصف الصاروخي الذي يستهدف مطار بغداد والمنطقة الخضراء ليس موجهاً ضد العراق أو العراقيين، بل أهداف أميركية في تلك المنشآت، وأن من حق وواجب فصائل المقاومة أن تقاوم المحتلين وفقاً للشرائع السماوية والقوانين». وأشار الخزعلي إلى أن «اعتقال عناصر من الحشد من قبل مكافحة الإرهاب يعد فوضى عارمة»، واصفا مداهمة مقر «كتائب حزب الله» بأنه «حدث خطير». وتابع: «لا رئيس الوزراء ولا غيره يستطيع الوقوف بوجه أبناء الحشد الشعبي المطالبين بالسيادة، وأن جهاز مكافحة الإرهاب جهاز وطني قاتل إلى جنب الحشد الشعبي ضد الإرهاب، وكان يفترض معالجة هذا الأمر من قبل رئيس هيئة الحشد».
كلمة الخزعلي الذي يملك فصيله 15 نائباً في البرلمان رسمت، بحسب بعض المراقبين، شكل العلاقة المتوترة والمحتملة اللاحقة بين رئيس الحكومة والاتجاه الولائي وما يسمى «محور المقاومة» في الأيام المقبلة واستمرار تواصل الصدامات بين الجانبين. وذلك ما يتوقعه الخبير في الجماعات المسلحة هشام الهاشمي الذي يقول لـ«الشرق الأوسط» «من الواضح أن خلايا الكاتيوشا مرتبطة بمحور (المقاومة الإسلامية) وقد شهدت هذه الجماعات سلسلة من التحولات في الأشهر الأخيرة، بدأت بالتمرد على الدولة ثم تحديها وانتهت بمواجهتها». ويضيف أن «مرحلة التمرد بدأت مطلع السنة الحالية وعقب مقتل قائد فيلق «القدس» الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد أبو مهدي المهندس، ثم تطورت الأمور عبر هجمات مباشرة في الأشهر اللاحقة واليوم نشهد مواجهة حقيقية بين الحكومة والفصائل المسلحة غذتها قصة الحوار الاستراتيجي بين بغداد وواشنطن». ويؤكد الهاشمي أن «العملية الأخيرة للحكومة جاءت لتحبط عملية واسعة بنحو 23 صاروخا كانت تستهدف المنطقة الخضراء وبعض المعسكرات كانت خلايا الكاتيوشا تعد لتنفيذها هذه الأيام لكنها أحبطت فجر الجمعة». ويعتقد أن «ما تقوم به الحكومة اليوم يمثل ردعا مؤقتا لخلايا الكاتيوشا، وقد أشار إلى ذلك قيس الخزعلي وذكر أنه لن يسمح لأحد بإيقاف تلك الخلايا وطالب الحكومة علنا بـ(التغليس)».
أما رئيس مركز التفكير السياسي الدكتور إحسان الشمري، فيرى أن «المواجهة الحالية التي تخوضها الحكومة مرتبطة بالتهديدات التي مثلتها صواريخ الكاتيوشا على الأمن الوطني والمصالح الغريبة في العراق، وهي تهديدات لها آثارها السلبية على صورة العراق الخارجية وعدم قدرته على ضبط أمنه، إلى جانب أنها تقوض صورة رئيس الوزراء في إطار مساعيه لحصر السلاح المنفلت بيد الدولة». ويقول الشمري لـ«الشرق الأوسط»: «أتصور أن الهجمات لن تتوقف، خاصة أن الفصائل المسلحة باتت تصعد من خطابها بشكل كبير وقد نشهد استهدافات للمصالح الأميركية. في الأيام المقبلة}.
كجزء من سياق إظهار القوة لهذه الفصائل وحتى تثبت أنها فاعلة وغير متأثرة بإجراءات حكومة الكاظمي». ويضيف: «حتى مع استمرار الفصائل بأعمالها، لكن الأمر بتقديري يرتبط بإدارة الكاظمي وإصراره على حصر السلاح بيد الدولة، وهذا بكل تأكيد ستترتب عليه تحديات صعبة وكبيرة، خاصة أن الفصائل المسلحة لديها أجنحتها السياسية داخل البرلمان ويمكن أن تعيق عمل الحكومة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.