الكاظمي يدخل «عش دبابير» قوى المحاصصة

رئيس الوزراء العراقي يعتزم إجراء تغييرات في الهياكل الإدارية العليا

TT

الكاظمي يدخل «عش دبابير» قوى المحاصصة

بعد ساعات من «موقعة الدورة» جنوبي بغداد والتي أداها جهاز مكافحة الإرهاب باعتقال 14 متهما بإطلاق الصواريخ على المنطقة الخضراء والمطار والمعسكرات، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بسلسلة قوائم من التغييرات في الهياكل الإدارية العليا بالدولة. ومع أن عددا من الشخصيات التي قيل إنها تسلمت مواقع حساسة في الأمن الوطني والدرجات الخاصة أعلنت نفيها أو حتى علمها بذلك، فإن الكاظمي وخلال لقائه الخميس مع الإعلاميين والمحليين السياسيين أعلن أنه سيبدأ عملية تغيير إدارية وهيكلية كبرى سوف تغضب الأحزاب والكتل السياسية. ومع أنه أقر بأنه بلا حزب أو كتلة يمكن أن تقف خلفه أو تسانده في خطواته هذه، فإنه بدا عازما على التغيير حتى لو بدت مهمته انتحارية في ظل صعوبة تخلي كل هذه القوى، سواء كانت مجاميع مسلحة أو كتلا سياسية، عن أمجادها التي بنتها تمكنت خلال سنوات الوفرة المالية.
الدستور العراقي وطبقا للمادة 78 منه ومثلما يقول الخبير القانوني طارق حرب يمنح «رئيس الوزراء صلاحية عظيمة وخطيرة وكبيرة إذ تنص هذه المادة على أنه القائد العام للقوات المسلحة وأنه رئيس الوزراء ومنحته صلاحية ثالثة عظيمة وخطيرة ومهمة وهي اعتباره المسؤول عن السياسة العامة للدولة وهو ما يعني أنه مسؤول الدولة وليس مسؤول الحكومة فقط». ويمضي حرب قائلا إن «مصطلح الدولة هنا بموجب الدستور الذي منح رئيس الوزراء هذه الصلاحيات الواسعة يعني أن كل الإجراءات التي يتخذها رئيس الوزراء بشأن أصحاب الدرجات الخاصة والمدراء العامين في الدولة إنما هي إجراءات دستورية قانونية واجبة التنفيذ».
مع ذلك فإن المهمة ليست سهلة سواء على مستوى مواجهة الجماعات والفصائل المسلحة أو مواجهة القوى والكتل والأحزاب السياسية التي تقاسمت الدولة طبقا لمبدأ المحاصصة الحزبية والطائفية والعرقية. وطبقا لما أعلنه الكاظمي الخميس الماضي من عزم على المواجهة يبدو أنه اختار نهجا لا رجعة عنه لأنه وكما قال «لن يخسر شيئا».
وفي سياق الإجراءات التي قام بها الكاظمي مؤخرا على صعيد أول مواجهة فعلية تقوم بها حكومة عراقية مع فصيل مسلح أو على صعيد ما ينوي عمله من تغييرات إدارية كبيرة، يقول عضو البرلمان عن محافظة الأنبار عبد الله الخربيط لـ«الشرق الأوسط» إن «ما فعله الكاظمي صحيح وواجب لأن العراق يعاني ضعف الدولة مقابل قوة اللادولة وبالتالي فإن المجتمع الدولي بات يقترب من تصنيف العراق كدولة فاشلة ما لم يتم اتخاذ إجراءات فعالة لحفظ هيبة الدولة واستعادتها زمام المبادرة». وأضاف الخربيط أن «من المعيب على دولة بحجم العراق أن تكون الجهات الأخرى من قوى اللادولة أينما وجدت أقوى من الدولة»، مبينا أن «الكاظمي مجبر على إثبات وحدة وقوة العراق كدولة وإلا لا يمكن أن يكون هناك عراق حقيقي يرتجى». ودعا الخربيط إلى التعامل مع كل هذه القوى والجهات «بمنطق التحرير وهو إخراجهم ومسك الأرض بمعنى إخراج الحزب المسيطر على الجمارك وطرده واتخاذ الإجراءات القانونية بحق أطرافه التي تتحكم بهذا المفصل المهم وهكذا مع بقية المفاصل والمؤسسات».
في السياق نفسه، يرى الدكتور إياد العنبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكوفة بمحافظة النجف لـ«الشرق الأوسط» أن «أي حكومة لديها الإرادة والمشروع ولا تكون أسيرة للتوافقات السياسية، وتسعى لكسب ثقة الشارع تكون قادرة على فرض هيبة الدولة»، مبينا أنها «على المستوى المادي تملك جميع مقومات القدرة التي تفوق الجماعات والتي تحمل السلاح بطريقة غير شرعية وتسعى لمصادرة الدولة وعلى المستوى العام يبقى المواطن ينظر إلى الحكومة القوية باعتبارها الحصن الذي يمكن اللجوء إليه والاطمئنان للعيش في كنفه وليس العناوين المسلحة التي لولا ضعف الدولة وتراجعها عن أدائها لوظائفها لما كان لها فرصة في التواجد».
وبشأن عزم الكاظمي إحداث تغييرات إدارية واسعة في القريب العاجل، يقول العنبر: «أرى أن الكاظمي يتماهى تماما مع الحاجة الضرورية التي تفرضها المرحلة الحالية، والتي تحتاج فيها الحكومة إلى إرسال رسائل للجمهور بأنها تحمل مشروعا للتغيير في نمط إدارة الدولة والبداية تكون من خلال التغيير في المناصب والمواقع العليا في الدولة». وأوضح أن «المواجهة مع بعض الأحزاب هي تحصيل حاصل لأنها ترفض أي محاولة للمساس بحصصها ومغانمها في مؤسسات الدولة ولكن يبقى الرهان بالنتيجة النهائية على قوة الحكومة وسياساتها التي تتوجه نحو تحقيق مصلحة المواطن وليس الأحزاب والكتل السياسية».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.