غريفيث يدعو لدعم مساعيه لحل «عائدات موانئ الحديدة»

طابور أمام محطة وقود في صنعاء مطلع الأسبوع (إ.ب.أ)
طابور أمام محطة وقود في صنعاء مطلع الأسبوع (إ.ب.أ)
TT

غريفيث يدعو لدعم مساعيه لحل «عائدات موانئ الحديدة»

طابور أمام محطة وقود في صنعاء مطلع الأسبوع (إ.ب.أ)
طابور أمام محطة وقود في صنعاء مطلع الأسبوع (إ.ب.أ)

على وقع الصراع المستمر بين الحكومة اليمنية والانقلابيين الحوثيين على عائدات موانئ الحديدة، دعا المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، الطرفين إلى دعم مساعيه للتوصل إلى حل «يعلي مصالح الشعب اليمني».
وقال غريفيث، في تغريدة على «تويتر»، أمس (الجمعة): «أناشد حكومة اليمن وأنصار الله (الحوثيين) المشاركة بشكل بناء سريع في سعيي للسماح للسفن بالدخول إلى ميناء الحديدة، واستخدام الإيرادات لدعم رواتب موظفي القطاع العام؛ من الضروري إيجاد حل يعلي مصالح الشعب اليمني».
ويبدو أن المبعوث الأممي يسعى إلى إحياء اتفاق سابق بين الشرعية والحوثيين كان قد تم التوصل إليه العام الماضي، لتوريد عائدات رسوم الجمارك والضرائب على السفن، خاصة شحنات الوقود الواصلة إلى ميناء الحديدة، في حساب خاص بفرع البنك المركزي في الحديدة، لاستخدام هذه الأموال في دفع رواتب الموظفين الحكوميين.
غير أن الحكومة الشرعية اتهمت قبل أسابيع الجماعة الموالية لإيران بالانقلاب على الاتفاق، بعد أن قامت بالاستيلاء على نحو 35 مليار ريال (نحو 58 مليون دولار) موجودة في الحساب البنكي المخصص، وتسخير هذه الأموال لمصلحة المجهود الحربي للجماعة.
وبسبب تصاعد الخلاف في هذا الشأن، استثمرت الجماعة الحوثية الأمر للتسبب بأزمة وقود حادة في مناطق سيطرتها، وشرعت الأبواب أمام قادتها للمتاجرة بالمشتقات النفطية المخزنة لديها في السوق السوداء، وهو ما تسبب بمضاعفة معاناة السكان، ورفع الأسعار إلى مستويات قياسية.
وأدى تعنت الجماعة إلى منع عشرات الصهاريج المحملة بالوقود الآتية من مناطق سيطرة الشرعية من دخول صنعاء والمناطق الأخرى الخاضعة لها، في سياق سعيها لاستثمار الأزمة والمتاجرة بها إنسانياً، ومنح قادتها الفرصة الأكبر للتربح من كمية الوقود المخزنة لديهم.
وفيما بث ناشطون يمنيون مقاطع مصورة للناقلات التي تحتجزها الجماعة، وتمنع وصولها للتخفيف من حدة الأزمة، لا تزال طوابير السيارات في صنعاء ومناطق أخرى تحتشد لساعات طويلة أمام محطات الوقود المعتمدة للحصول على حصص حددتها الجماعة لكل سيارة.
وفي معرض تعليق الحكومة الشرعية على الأمر، قال وزير الإعلام، معمر الإرياني، في تغريدات على «تويتر»، إن «الحكومة سعت بشكل متواصل لتخفيف المعاناة عن المواطنين في مناطق سيطرة الميليشيا الحوثية، وكسر احتكارها للمشتقات النفطية، والمتاجرة بها في السوق السوداء».
وبينما أكد الوزير أن سعر صفيحة البنزين سعة 20 لتراً وصل إلى 15 ألف ريال (نحو 25 دولار)، أشار إلى أن الجماعة الحوثية منعت ما يزيد على 150 صهريجاً من الدخول إلى مناطق سيطرتها، وأضاف أن «الميليشيا الحوثية، وبدلاً من تسهيل مرور هذه الكميات المقدرة بـ150 مقطورة، المحملة بمادتي الديزل والبترول، للعاصمة المختطفة صنعاء، وباقي مناطق سيطرتها، تواصل احتجازها في نقاطها الأمنية، وتقوم بتهديد مالكي وسائقي القاطرات، في تعمد واضح لافتعال الأزمة، وإنعاش السوق السوداء، وابتزاز المواطنين».
وجدد الإرياني نفي الحكومة الشرعية لمزاعم الجماعة الانقلابية بخصوص هذه الشحنات المنقولة براً، وقال: «بعد أن تم فضح متاجرة الميليشيا الحوثية بالمشتقات النفطية، وابتزازها للمواطنين، تذرعت بعدم مطابقة هذه الكميات للمواصفات، مبرراً لاحتجازها، بينما الحقيقة أن هذه الكميات تم استيرادها بشكل قانوني، وخضعت لضوابط الفحص الفني، وتحمل شهادات فحص من شركات دولية متخصصة تؤكد سلامة المواصفات الفنية».
وتشهد صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية، منذ أسبوعين على التوالي، أزمة حادة في المشتقات النفطية، في ظل قيام الجماعة بإقفال محطات التعبئة، وتخصيص كميات محدودة لطوابير السيارات، وحصر الحصول على الوقود على أتباعها المنتمين إلى السلالة الحوثية، وفتح السوق السوداء أمام المخازن التابعة للجماعة.
وأكدت اللجنة الاقتصادية اليمنية، التابعة للحكومة الشرعية، في وقت سابق، في بيان، أن الحوثيين يصرون بوضوح على المتاجرة السياسية بمعاناة المواطنين، وتعزيز السوق السوداء التي يديرونها.
ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن تأخر السفن في عرض البحر الأحمر، وعدم وصولها إلى ميناء الحديدة الخاضع لهم، هو السبب في الأزمة، غير أن مصادر حكومية دحضت مزاعم الجماعة، وأكدت أن الأزمة مفتعلة، رداً على غضب الشارع على قانون «الخمس» الذي أقرته الجماعة أخيراً لنهب 20 في المائة من ثروات اليمنيين وأموالهم.


مقالات ذات صلة

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.