مظاهرات رافضة لقمع الحريات تعم المناطق اللبنانية

متظاهرون قرب القصر الجمهوري في مواجهة عناصر من الجيش اللبناني أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون قرب القصر الجمهوري في مواجهة عناصر من الجيش اللبناني أمس (أ.ف.ب)
TT

مظاهرات رافضة لقمع الحريات تعم المناطق اللبنانية

متظاهرون قرب القصر الجمهوري في مواجهة عناصر من الجيش اللبناني أمس (أ.ف.ب)
متظاهرون قرب القصر الجمهوري في مواجهة عناصر من الجيش اللبناني أمس (أ.ف.ب)

خرج مواطنون لبنانيون إلى الساحات أمس، في اعتصامات وتحركات سلمية، دفاعاً عن حرية التعبير، وبهدف الضغط لإطلاق سراح موقوفين شاركوا في احتجاجات سابقة، فضلاً عن تحرك شهده محيط القصر الجمهوري في بعبدا بالتزامن مع انعقاد «اللقاء الوطني».
ومنذ الصباح تجمع عدد من المحتجين على طريق بعبدا المؤدية إلى القصر الجمهوري واضعين كمامات كتب عليها علامة «x»، التزاماً بالدعوة لاعتصامات صامتة تحت عنوان: «لا ثقة».
وانقسم المحتجون على طريق بعبدا إلى مجموعتين؛ ركّزت إحداهما على المطالب الاقتصادية ومكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة، فيما رفعت المجموعة الثانية شعار «حصر السلاح بيد الدولة اللبنانية وتنفيذ القرار الدولي رقم 1559» الذي يدعو إلى بسط سيطرة الدولة اللبنانية على جميع أراضيها.
وفي العاصمة بيروت؛ نفذ عدد من المتظاهرين وقفة احتجاجية أمام قصر العدل حيث افترشوا الأرض وقطعوا الطريق، عادّين أن «قرار توقيف الناشطين وإحالتهم إلى قاضي التحقيق، قرار سياسي بامتياز». وردد المعتصمون شعارات طالبت بتوقيف السارقين ومحاكمتهم، مؤكدين أن تحركهم «قانوني»، وأن الموقوفين هم «خريجو جامعات وليسوا قطاع طرق؛ بل مدافعون عن حقوقهم وحقوق الشعب اللبناني ولقمة عيشهم». وطالب المحتجون بإطلاق سراح 21 ناشطاً كانوا قد أوقفوا خلال التحركات الاحتجاجية الأخيرة.
وحدثت مواجهات بين المتظاهرين أمام قصر العدل والقوى الأمنية المولجة حماية المكان، ما أدى إلى سقوط جريح من المتظاهرين نتيجة تدافع بينهم وبين القوى الأمنية. وحاول أحد المحتجين أمام قصر العدل إحراق نفسه، ما أثار حالة من الهلع بين صفوف المحتجين، وحضرت فرقة من الصليب الأحمر اللبناني إلى المكان لإسعافه وسط تدافع بين المتظاهرين والقوى الأمنية.
وفي الوقت الذي أكّد فيه البيان الختامي لـ«اللقاء الوطني» على أن «حرية التعبير مصانة في الدستور على أن تمارس بحدود القانون الذي يجرم التحقير والشتيمة»، شهدت «ساحة سمير قصير» في بيروت وقفة احتجاجية رفضاً للتوقيفات والاستدعاءات التعسفية بحق الناشطين والإعلاميين، وتنديداً بقمع الحريات الإعلامية. وأكّد المحتجون أن الصحافيين ليسوا مكسر عصا، محملين السلطة وأركانها مسؤولية أي اعتداء على أي وسيلة إعلامية.
وشهدت مدينة صيدا في الجنوب مظاهرات، ونفذت «جمعية تجار صيدا وضواحيها» اعتصاماً عند مدخل السوق التجارية احتجاجاً على ارتفاع سعر الدولار وتردي الأوضاع المعيشية، كما قام التجار بإغلاق متاجرهم منذ الصباح؛ ومنهم من قرر الإقفال حتى إشعار آخر.
وفي مدينة صور، قطع عدد من الأهالي والشبان بالإطارات المشتعلة الطريق العامة عند مدخل المدينة مقابل مركز شركة الكهرباء، احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية المتردية وارتفاع سعر صرف الدولار. وعملت القوى الأمنية والجيش على إعادة فتح الطريق. وللأسباب نفسها؛ قطع محتجون طريق المصنع - راشيا ببلدة عيتا الفخار (في البقاع) بشكل كامل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.