كيف ينظر السياسيون الليبيون إلى دور أوروبا في حرب طرابلس؟

بين التحرك الفرنسي المتسارع... والتدخل التركي والاهتمام الإيطالي

قوات موالية لحكومة الوفاق تقيم حاجزاً أمنياً وسط ترهونة (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق تقيم حاجزاً أمنياً وسط ترهونة (أ.ف.ب)
TT

كيف ينظر السياسيون الليبيون إلى دور أوروبا في حرب طرابلس؟

قوات موالية لحكومة الوفاق تقيم حاجزاً أمنياً وسط ترهونة (أ.ف.ب)
قوات موالية لحكومة الوفاق تقيم حاجزاً أمنياً وسط ترهونة (أ.ف.ب)

بات يحلو لكثير من الليبيين التندر على الدور، الذي يلعبه الاتحاد الأوروبي حيال أزمة بلادهم منذ اندلاع الحرب على العاصمة طرابلس قبل قرابة 15 شهراً؛ فبعضهم يرى أن عددا من دول «الاتحاد»، المعنية بالملف الليبي، تكتفي بموقف المتفرج مما يجري في ليبيا، بداية من تدفق المقاتلين الأجانب، وانتهاءً بما سموه «الاحتلال العثماني» لأراضيهم، إلى جانب قيامها بزيارات مكوكية لشرق وغرب ليبيا، دون أن تسفر في نظرهم عن شيء إيجابي.
ويذهب كثير من المحللين السياسيين إلى أن الأطماع والمصالح المتضاربة لدول الاتحاد، ورؤيتها الخاصة للجغرافيا الليبية، لا سيما بين إيطاليا وفرنسا، أدت إلى تراخي تلك الدول وخذلانها في التعاطي المبكر مع الأزمة، وعدم التدخل سريعاً على خط المواجهة لوقف اندلاع الحرب قبل وقوعها. لكن هذه الشكوك في الدور الإيطالي من قبل عدد كبير من الليبيين، لم تمنع وزير خارجيتها لويجي دي مايو (أيار)، الذي التقى رئيس المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» أول من أمس، من تقديم عدة تطمينات بأن روما «لا تزال شريكاً أساسياً ولا بديل عنه، رغم الوجود التركي في ليبيا».
وكرر دي مايو ما سبق أن قاله سابقا من أنه «لا يوجد حل عسكري للصراع الليبي»، وأن المسار الوحيد الموثوق به لإنهاء الصراع الدائر هناك هو «مفاوضات شاملة تتم تحت إشراف الأمم المتحدة».
وبالنظر للتحركات الإيطالية، يلاحظ بعض الليبيين أنها تركز فقط على ملف الهجرة غير المشروعة، والأضرار التي قد تلحق بها، وذلك على خلفية تزايد التحذيرات من أن المقاتلين الأجانب، الذين استقدمتهم تركيا إلى ليبيا، ربما يفكرون بالفرار إلى أوروبا. كما أبدت إيطاليا اهتماماً بمصير المهمة البحرية «إيريني»، المعنية بتنفيذ قرار الأمم المتحدة لحظر توريد السلاح إلى ليبيا، رغم ما يوجه إليها من انتقادات من ساسة شرق وغرب ليبيا.
ولمزيد من طمأنة إيطاليا بخصوص ملف الهجرة، قال سفير المجلس الرئاسي لدى روما، عمر الترهوني، لوكالة «نوفا» أمس، إنهم سلموا دي مايو اقتراحهم لإدخال تعديلات على مذكرة التفاهم بين البلدين بشأن التعاون في مكافحة الهجرة غير المشروعة، مشيرا إلى أن «الوفاق» أعدت مسودة نهائية، وأن وزير داخلية فتحي باشاغا سيقوم بتسليمها رسمياً إلى وزير الخارجية الإيطالي.
ولم ينس الليبيون الفترة التاريخية التي احتلت فيها إيطاليا بلادهم، لذا فكثير منهم يرى أنها تنظر إلى بلدهم كمنطقة نفوذ نظراً لقربها الجغرافي، ومستعمرة إيطالية قديمة، وهذه النظرة لا تختلف كثيرا عن رؤية تركية مماثلة، تُعد ليبيا «جغرافيا قديمة» لأنقرة، حسب آخرين.
ويبدو أن روما ستتخلى عن دبلوماسية الزيارات إلى العاصمة، وستتجه في قادم الأيام للعب دور أقوى حيال الأزمة الليبية، يكون موازياً للدور الفرنسي، الذي استفاق بعد نحو 4 أشهر من تسلم تركيا زمام الحرب في طرابلس دعماً لحكومة «الوفاق». فقبل يومين من لقاء السراج بطرابلس، عاد دي مايو للتأكيد على أن ليبيا أساسية بالنسبة لسياسة بلاده الخارجية والأمنية، مجددا «عزمها أكثر من أي وقت مضى على الدفاع عن مصالحها الجيوسياسية والاستراتيجية».
وهذا التوجه الإيطالي المستقبلي من الأزمة الليبية أكدت عليه نائبة وزير الاقتصاد والمالية الإيطالي، لاورا كاستيللي، في تصريح نقلته وكالة «آكي» الإيطالية، بأن روما «ستعود لتلعب دوراً محورياً في ليبيا، وفي السياسة الخارجية».
ولم تتوقف الزيارات الدبلوماسية إلى ليبيا على إيطاليا. فهناك ألمانيا التي تتحرك بخطى وصفت بالبطيئة، مكتفية بحث الأفرقاء على العودة لمخرجات مؤتمر برلين، الذي رعته في يناير (كانون الثاني) الماضي، لكن دون اتخاذ إجراءات تحد من الدور التركي على الأرض، أو توازيه.
وفي مطلع مارس (آذار) الماضي، زار وفد ضم مستشارين وسفراء من فرنسا وألمانيا وإيطاليا ليبيا، والتقى بالمشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، وتمحور اللقاء حول دور الجيش في القضاء على الميليشيات و«الجماعات الإرهابية».
وتتحرك فرنسا على مستويات عدة في مواجهة التدخل التركي في ليبيا، وقد ندد رئيسها إيمانويل ماكرون، بـ«لعبة خطرة» تمارسها أنقرة في ليبيا، بعد أن توترت العلاقات بين الحليفين في الحلف الأطلسي، بسبب الخلافات حول ليبيا، وبسبب حادث بحري بين سفن البلدين في البحر المتوسط.
وبمواجهة التحركات التركية في ليبيا، نقل عن وزير الخارجية اليوناني نيكوس دندياس، عقب انتهاء زيارته مع الممثل السامي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أول من أمس، أن إردوغان «تسبب في مشاكل لجميع جيرانه، وانتهك بشكل منهجي سيادة ليبيا وسوريا والعراق، وشريكنا الأوروبي جمهورية قبرص... وهو ينتهك بشكل شبه يومي المجال الجوي الوطني لليونان ومياهها الإقليمية.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.