حديث السراج عن تنظيم انتخابات يثير سخرية ليبيين

الترجمان: لا يمكن لرئيس «الوفاق» تنظيمها لأنه لا يوجد من يقبل به أو بحكومته

TT

حديث السراج عن تنظيم انتخابات يثير سخرية ليبيين

احتل خبر لقاء رئيس حكومة «الوفاق الوطني»، فائز السراج، مع رئيس المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا عماد السايح، خلال الأيام القليلة الماضية، مساحة كبيرة من نقاشات الليبيين، وسخرية البعض الآخر، خصوصاً بعد تأكيد السراج حرص مجلسه الرئاسي على «توفير كل الاحتياجات... وتهيئة الظروف الموضوعية المناسبة لإجراء انتخابات، بوصفها خياراً ومطلباً عاماً لكل الليبيين».
لكن تأكيدات السراج تطرح عدة تساؤلات؛ منها ما يتعلق بمدى جاهزية البلاد للانتخابات في ظل استمرار الانقسام، ومغزى الحديث عن الانتخابات بالتزامن مع تصريحات للسراج وباقي قيادات مجلسه الرئاسي بضرورة استكمال العملية العسكرية في كامل أنحاء البلاد.
ومع ذلك فإن سيناريو الانتخابات يحظى بقبول عدة مؤيدين، ومنهم عضو مجلس النواب عن الزنتان عبد السلام نصية، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن «أي حديث عن استمرار التأجيل للانتخابات بحجة عدم الجاهزية هو مجرد ذريعة لإطالة الوضع الراهن، أو للقفز على السلطة بالقوة». مبرزاً أن «الانتخابات هي الحل الأفضل لكل المشكلات الليبية، والوسيلة الوحيدة لتصحيح كل الشرعيات. فالاحتكام للشعب هو المسار الديمقراطي الصحيح، الذي يضمن السلم والوفاق المجتمعي، وبالتالي فإن جاهزية المفوضية العليا للانتخابات أو الاستفتاء مسألة مهمة، وتجب متابعتها دائماً، وتوفير كل الإمكانيات لإنجاحها».
لكن نصية عاد ليشدد على أن الجاهزية لهذا الحدث «قد تحتاج لبعض الوقت لاتخاذ إجراءات محددة وفقاً مواعيد محددة، مع وجود مساعدة من المجتمع الدولي في هذا الصدد».
ووفقاً لبيان حكومة الوفاق بشأن لقاء السراج والسايح، فقد أكد الأخير «جاهزية المفوضية واستعدادها لتنظيم انتخابات في جميع أرجاء ليبيا في أي وقت».
من جانبه لمح محمد الضراط، مدير مكتب دعم السياسات العامة لرئيس المجلس الرئاسي، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن المرحلة التي ستعقب استكمال تحرير كامل أرجاء البلاد «تتضمن أكثر من سيناريو متوقع، ومنها إجراء الانتخابات... ومحور لقاء رئيس المجلس الرئاسي ورئيس المفوضية كان بهدف الوقوف على مدى جاهزية المفوضية العليا، تحسباً للتطورات القادمة في المسار السياسي».
ورداً على سؤال حول ما إذا كان هناك تناقض بين دعوات «الوفاق» للمضي قدماً نحو «تحرير البلاد من سيطرة القوات المعتدية»، في مقابل «الاستعداد للانتخابات»، أجاب الضراط: «بالطبع سنذهب لاستكمال الحرب... هذا أمر مؤكد، لكنه لا يمنع أن نسير قدماً بالتوازي مع المسار السياسي، ولا يجب على أي دولة أن توقف كل شيء بحجة الحرب، كما أنه لا أحد يعرف ماذا قد يحمل المستقبل. فمن الممكن جداً أن يتراجع عقيلة صالح (رئيس مجلس النواب) ومعه كامل المنطقة الشرقية عن خيار الحرب، ويصبح لديهم استعداد للدخول في عملية سياسية توافقية».
وفي مقابل بعض المؤيدين، وجد إعلان السراج عن «الانتخابات» آراء معارضة ومنتقدة للخطوة، حتى من داخل الغرب الليبي أيضاً، ومن بينهم عضو مجلس الدولة الأعلى عادل كرموس، الذي وصف تلك الدعوة بأنها «استعراضية لإثبات تمسك السراج بالمسار السياسي»، وأنه «لا بديل عن ديمقراطية الدولة». وقال كرموس لـ«الشرق الأوسط» موجهاً انتقاداً حاداً للسراج: «هذا العبث لا يمكن أن ينطلي على ذوي الخبرة السياسية والقانونية، لأن القول بجاهزية المفوضية لإجراء انتخابات أمر تكرر ذكره من المفوضية ذاتها، والسؤال الذي يطرح نفسه حالياً هو: بناءً على أي إطار دستوري ستُجرى هذه الانتخابات؟ وهل الوضع الحالي للبلاد يسمح بذلك». وأضاف كرموس موضحاً أن «غياب القاعدة الدستورية وغياب الجهة، التي ستتولى إصدار التشريعات المنظمة لهذه الانتخابات، بالإضافة إلى استمرار القتال، وعدم سيطرة حكومة الوفاق على كثير من الأراضي الليبية بعد، كل هذا يجعل من الدعوة شيئاً عبثياً، بل إني أتوقع أن تترتب على هذه الخطوة، التي جاءت بهدف الدعاية للحكومة، آثار سلبية، وأن تتعرض للكثير من السخرية والاستهجان».
بدوره، وصف المحلل السياسي ورئيس مجموعة العمل الوطني الليبية، خالد الترجمان، لقاء السراج ورئيس المفوضية بأنه «استعراضي فقط». وقال متسائلاً: «أين ستُجرى الانتخابات التشريعية والرئاسية إذا جد حديثه عن تلك الخطوة؟ لأنه لا يمكن بأي حال أن يجريها السراج في الشرق أو الجنوب الليبي. فلا يوجد من يقبل به أو بحكومته هناك، أما في الغرب الليبي فأقصى ما يمكن فعله هو الذهاب لإجراء انتخابات بلدية بعد موافقة الحلفاء الأتراك بطبيعة الحال».
ورغم إقراره بوجود دعم دولي من البعثة الأممية ومجلس الأمن لحكومة السراج، وإمكانية مساندته فيما يتعلق بالتسجيل الإلكتروني لقاعدة الناخبين، وتحديث البيانات وتدريب المشرفين والمشاركين بالعملية، فإن الترجمان قلل من أثر هذا الدعم المادي أو الفني، ورأى أنه «مع مرور تسع سنوات من عمر الأزمة فهم الليبيون من كان يتدخل دائماً لإطالتها نظراً لاستفادته منها».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.