باريس منزعجة من أداء حكومة دياب... وجهات أوروبية تنتقد دور باسيل

وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي مجتمعاً مع السفير الفرنسي أمس (دالاتي ونهرا)
وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي مجتمعاً مع السفير الفرنسي أمس (دالاتي ونهرا)
TT

باريس منزعجة من أداء حكومة دياب... وجهات أوروبية تنتقد دور باسيل

وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي مجتمعاً مع السفير الفرنسي أمس (دالاتي ونهرا)
وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي مجتمعاً مع السفير الفرنسي أمس (دالاتي ونهرا)

يستبعد مصدر سياسي معارض أن تكون لـ«اللقاء الوطني»؛ الذي يُعقد اليوم بدعوة من رئيس الجمهورية ميشال عون، مفاعيل من شأنها أن تبدّل المشهد السياسي، ويعزو الأمر إلى أنه «لا مشكلة لدى من يشارك فيه أو من يغيب عنه في جدول أعماله؛ لأن الجميع يُجمع على حماية السلم الأهلي وقطع الطريق على فتنة مذهبية طائفية؛ إنما المشكلة تكمن في أن حكومة الرئيس حسان دياب لم تتمكن حتى الساعة من تحقيق ما وعدت به، وهذا ما بدأ ينعكس عليها سلباً، خصوصاً من قبل بعض الجهات الدولية؛ تحديداً فرنسا التي حاولت مساعدتها، لكن الحكومة لم تحسن الإفادة من الزخم الفرنسي».
ويقول المصدر لـ«الشرق الأوسط» إن باريس ليست مرتاحة لأداء حكومة دياب التي لم توظّف الاحتضان الفرنسي للبنان لإحداث نقلة نوعية تضعه على طريق الإنقاذ، ويؤكد أن الجهات الأوروبية النافذة ليست مرتاحة لدور رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، وأنه موضع انتقاد على المستويات كافة حتى من قبل عدد من السفراء الأوروبيين المعتمدين لدى لبنان.
ويعدّ أن «هؤلاء السفراء يرون في أداء باسيل عائقاً يؤخّر ترجمة ما تعهدت به الحكومة إلى خطوات ملموسة»، ويعزو الأمر إلى «وجود شعور لديهم بأنه يهيمن على قرارات الحكومة، وهذا ما تسبب لها بمشكلات مع قوى رئيسة في البلد؛ من موالية ومعارضة».
ويكشف المصدر عن أن «باريس قررت منذ فترة تجميد اتصالاتها بالحكومة اللبنانية لسؤالها عن التلكؤ في استجابتها لدفتر الشروط الذي وضعه مؤتمر (سيدر) لمساعدة لبنان، وتكاد تكون فقدت الأمل في الرهان عليها لإعادة تعويم المؤتمر الذي تقرر تعليق مصيره على نتائج المفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي».
ويؤكد المصدر نفسه أن ممثل الحكومة الفرنسية بيار دوكان المكلّف بمتابعة تنفيذ مقررات «سيدر» لم يعد على تواصل مع الحكومة اللبنانية، ويعزو الأمر إلى أن «باريس أُصيبت بإحباط؛ مردّه إلى أن لبنان لم يستجب للشروط الإصلاحية والإدارية التي تعهد بها أمام المشاركين في (سيدر)». ويلفت إلى أن باريس «تجهل الأسباب الكامنة وراء تأخّر الحكومة في تعيين الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتشكيل مجلس إدارة جديد لـ(مؤسسة كهرباء لبنان)»، ويقول إنها «لا ترى مبرراً للتأخير بتذرعها بإقرار قانون جديد للكهرباء، وكان من الأجدى المباشرة بتعيين هذه الهيئة، ويمكن إعادة النظر في صلاحياتها في ضوء ما سيحمله القانون من تعديلات».
ويرى أن الإحباط الفرنسي يشمل أيضاً «تراجع الحكومة عن قرار ترحيل إنشاء معمل في سلعاتا لتوليد الكهرباء، مع أنها تدرك أنه لا ضرورة له لانعدام جدواه الاقتصادية، إضافة إلى أن معظم التعيينات التي أقرّتها الحكومة تقوم على المحاصصة والمحسوبية؛ وهذا باعتراف الرئيس دياب قبل أن ينقلب على موقفه».
ويؤكد المصدر السياسي أن «باريس لا تتفهّم الدوافع التي ما زالت تؤخر الوصول إلى اتفاق بين الحكومة وصندوق النقد، مع أن هذا الاتفاق لن يترجم إلى خطوات عملية ما لم يحظ بتأييد القوى الدولية المؤثرة في القرارات التي يتخذها الصندوق»، ويسأل؛ نقلاً عن مصادر أوروبية ومنها فرنسية، عن الإنجازات التي قامت بها الحكومة لوقف الانهيار الاقتصادي والمالي.
وفي هذا السياق؛ يكشف المصدر؛ الذي يتواصل باستمرار مع جهات أوروبية نافذة، عن بعض ما دار في الاتصال الذي جرى أخيراً بين وزير الخارجية ناصيف حتي ونظيره الفرنسي جان إيف لودريان، ويقول إن «حتي أكد له أن لبنان يتكل على الدعم الفرنسي، وكان الجواب بأن باريس قدّمت كل الدعم؛ لأن ما يهمها الحفاظ على استقرار لبنان ومساعدته لتجاوز الانهيار المالي والاقتصادي، لكن الحكومة لم تحسن الإفادة من هذا الدعم ولم تبادر إلى إعداد نفسها للسير بلبنان على طريق الإنقاذ».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».