يتجه مجلس الشيوخ الأميركي إلى طريق مسدودة بشأن التوصل إلى صيغة موحدة بين الحزبين؛ الجمهوري والديمقراطي، لإقرار قانون لإصلاح الشرطة، ووضع حد للانقسام الذي يعيشه الأميركيون حول هذا الموضوع، منذ اندلاع الاحتجاجات على وفاة الرجل الأسود جورج فلويد تحت ركبة أحد عناصر الشرطة في مدينة مينيابوليس الشهر الماضي... وذلك بالتزامن مع تصاعد لغة التهجم بين الحزبين؛ خصوصاً من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي صعّد من دفاعه عن الشرطة وركز هجومه على المتظاهرين واليساريين، محاولاً تحويل هذه القضية إلى إحدى بطاقاته الرابحة للفوز في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.
وأعرب الديمقراطيون في مجلس الشيوخ عن رفضهم مشروع القانون الذي اقترحه الجمهوريون لإصلاح الشرطة، وتعهدوا بتعطيله وعدم تمكينهم من الحصول على 60 صوتاً ضرورية لتمريره، وسط انتقادات لزعيم الأغلبية الجمهورية السيناتور ميتش ماكونيل بأنه لم يقدم مشروعاً حقيقياً لتغيير قواعد تعامل الشرطة رغم ما جرى ويجري في البلاد.
وسعى ترمب إلى تحويل الاحتجاجات التي تشهدها الولايات المتحدة، إلى نقطة قوة له، مكرراً خلال تجمع انتخابي في أريزونا، الثلاثاء، تعهده بمنع من سماهم «الغوغائيين اليساريين» من الدفع بالبلاد إلى الفوضى. وركز ترمب على موضوع القانون والنظام، مهاجماً المتظاهرين الذين تجمعوا ليل الاثنين قرب البيت الأبيض، وحاولوا إسقاط تمثال آندرو جاكسون؛ أحد الرؤساء الأميركيين في القرن التاسع عشر، رابطاً تحركهم مع إعلان متظاهرين في مدينة سياتل عن إقامة «منطقة حكم ذاتي»، قائلاً إن ما يجري يشكل سبباً كافياً لبقائه في السلطة وليس انتخاب جو بايدن في نوفمبر المقبل. وقال إن «ما جرى ليس سلوك حركة سياسية سلمية؛ بل هو سلوك شموليين ومستبدين وأشخاص لا يحبون بلدنا»، بحسب تعبيره. وقال إن «من يحتجون على الظلم العنصري ووحشية الشرطة؛ إنما يكرهون قيمنا وكل شيء نقدره ونعلي من شأنه بصفتنا أميركيين». وأضاف أنه لن ينحني «للمتنمرين اليساريين»، بحسب قوله.
ونقلت وسائل إعلام أميركية مشاهد لقيام رجال الشرطة في مدينة فينكس عاصمة ولاية أريزونا، بتفريق مئات المحتجين الذين كانوا ينظمون مسيرة أطلقوا عليها اسم «منطقة لحرية التعبير» أمام الكنيسة حيث كان ترمب يلقي كلمته. وقالت الشرطة إن التجمع غير قانوني بعدما حاول المحتجون إغلاق أحد الشوارع. ونقلت «رويترز» أن قوات الأمن استخدمت قنابل صوتية لإبعاد المحتجين عن الكنيسة. وتعرض ترمب لانتقادات تتهمه بالتودد إلى زعماء مستبدين، مثل زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ولكيفية تعامله مع الاحتجاجات التي اندلعت بعد وفاة فلويد.
كما زار ترمب قبل مهرجانه الانتخابي في مدينة فينكس قسماً شيد حديثاً من الجدار الحدودي الذي يشيده على الحدود مع المكسيك البالغة نحو 3200 كيلومتر، محاولاً مرة جديدة تحويل قضية الجدار إلى مادة تعبئة انتخابية كما جرى في انتخابات 2016، في ولاية يواجه فيها منافسة شديدة. ورغم التجاذب السياسي الذي تشهده الولايات المتحدة في سنة انتخابية حاسمة، فإن الاحتجاجات التي عمت مختلف المدن الأميركية أدت إلى ازدياد أعداد المتفائلين بإمكانية حدوث تغيير في نظرة الأميركيين نحو قضية عنف الشرطة والعنصرية. وأظهر استطلاع للرأي أن غالبية الأميركيين من مختلف الأعراق شعروا بالحزن لوفاة فلويد، رغم أن غالبية السود ينظرون إلى قوات الشرطة على أنها أكثر انحيازاً عنصرياً، مما يعتقده البيض. لكن الاستطلاع الذي أجراه «معهد إيبسوس» و«واشنطن بوست»، أظهر أن السود يعتقدون إلى حد كبير أن وفاة فلويد يمكن أن تشكل حافزاً للتغيير، مرجعين ذلك إلى حجم المشاركة في الاحتجاجات والجماعات العرقية التي شاركت فيها، والتي اخترقت كل الأعراق؛ ومن بينهم البيض، وهو ما آثار الأمل بين الأميركيين السود في أن البلاد ستعالج التمييز العنصري.
قانون إصلاح الشرطة الأميركية على طريق مسدودة في مجلس الشيوخ
قانون إصلاح الشرطة الأميركية على طريق مسدودة في مجلس الشيوخ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة