بريطاني معتقل في إيران يطلب مساعدة بوريس جونسون

لجنة فرنسية تحض باريس على «تكثيف جهودها» للإفراج عن باحثة معتقلة

شيري إيزدي زوجة الإيراني البريطاني أنوشه عاشوري المعتقل في طهران (أ.ف.ب)
شيري إيزدي زوجة الإيراني البريطاني أنوشه عاشوري المعتقل في طهران (أ.ف.ب)
TT

بريطاني معتقل في إيران يطلب مساعدة بوريس جونسون

شيري إيزدي زوجة الإيراني البريطاني أنوشه عاشوري المعتقل في طهران (أ.ف.ب)
شيري إيزدي زوجة الإيراني البريطاني أنوشه عاشوري المعتقل في طهران (أ.ف.ب)

وجه بريطاني معتقل في سجن إيوين في إيران نداء ملحاً إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قائلاً: «إننا بحاجة يائسة لمساعدتك».
عرف أنوشه عاشوري المهندس المتقاعد البالغ من العمر 66 عاماً والذي يحمل الجنسيتين البريطانية والإيرانية خلال اعتقاله في إيران منذ ثلاث سنوات الاستجوابات والسجن الانفرادي ولزم إضراباً عن الطعام وقام بمحاولة انتحار، وهو اليوم يخشى الإصابة بفيروس كورونا المستجد.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية عن تسجيل يعود إلى نحو عشرة أيام وكشفت عنه زوجته: «أخشى أن تكون الحكومة البريطانية نسيتنا».
وكان عاشوري يزور والدته في العاصمة الإيرانية في أغسطس (آب) 2017 حين أوقف بتهمة التجسس لحساب إسرائيل وحكم عليه بالسجن عشر سنوات، وفق ما أوضحت عائلته المقيمة في لندن.
ونددت زوجته شيري إيزدي في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، بالاتهامات «السخيفة» الموجهة إلى زوجها، موضحة أن محاكمته لم تستغرق سوى ساعة. وأوضحت أنه لم يشارك يوماً في أي نشاط سياسي، وقالت: «إننا ناس عاديون تماماً. ذهب ذات يوم للتبضع ولم يعد منذ ذلك الحين». وتابعت: «لا يعقل أن يبقى شخص بريء عشر سنوات في مكان ما من أجل عمل لم يقُم به».
ومُنح بعض المعتقلين الأجانب إذن خروج عند بدء تفشي وباء «كوفيد - 19»، على غرار البريطانية الإيرانية نازنين زاغري راتكليف.
غير أن أنوشه عاشوري بقي خلف القضبان وتبدي عائلته استياء لعدم تحقيق الحكومة أي تقدم في ملفه.
والتقت إيزدي وزير الخارجية دومينيك راب في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنها قالت: «لم يسفر ذلك عن أي شيء». ونصحت الوزارة عائلة الموقوف بعدم التحدث إلى الصحافة ما دامت الجهود مستمرة، لكن عاشوري طلب من زوجته بث التصريحات التي تصدر عنه ضمن يوميات يسجلها خلال اتصالاته اليومية معها.
وقالت ابنته إليكا البالغة 33 عاماً: «ليس لديه ما يخسره».
وأحصت لندن منذ 2015 نحو 12 حادثاً، حيث تم توقيف حاملي جوازات سفر بريطانية في إيران. وفي مايو (أيار) 2019، نصحت مواطنيها الذين يحملون الجنسيتين بعدم التوجه إلى إيران.
وكان وزير الخارجية السابق جيريمي هانت قد اتهم طهران عام 2018 باستخدام حاملي الجنسيتين كـ«بيادق» في لعبة دبلوماسية، وهو ما تنفيه إيران.
ويقول مناصرو أنوشه عاشوري ونازنين زاغري راتكليف إن ملفيهما مرتبطان بمعركة قضائية حول دين قديم بقيمة 400 مليون جنيه إسترليني (450 مليون يورو) مترتب لطهران على ارتباط بعقد تسلّح.
وتم التنديد مراراً باعتقال مواطنين أجانب من حاملي الجنسيتين في إيران التي لا تعترف بالجنسية المزدوجة، ومن بينهم الباحثة الفرنسية الإيرانية فريبا عادلخاه.
وروى عاشوري في إحدى رسائله من السجن أن معتقلاً آخر في السجن معه رأى عناصر من الشرطة السرية يقتادون عادلخاه إلى السجن وهم «يضربونها ويجرونها أرضاً بشعرها» ويوجهون إليها وابلاً من الشتائم ويضربونها.
وأكدت وزارة الخارجية البريطانية أن مصير حاملي الجنسيتين «أولوية» لديها، وأن ملفهم يعالج في أعلى مستويات الحكومة. وقال متحدث لوكالة الصحافة الفرنسية: «ندعو إيران بحزم إلى السماح لعاشوري بالاجتماع بعائلته».
في المقابل، نفت سفارة إيران في لندن أي دافع سياسي، قائلة إن «محكمة إيرانية حكمت على عاشوري بجرائم على ارتباط بالأمن القومي»، وأضافت أنه «حظي بحق وبإمكانية الدفاع عن نفسه». وقالت إن السجناء «يحصلون على خدمات طبية سواء في السجن أو خارجه».
في أعقاب ذلك، دعت لجنة دعم الباحثة الفرنسية - الإيرانية فريبا عادلخاه، أمس، الحكومة الفرنسية لـ«تكثيف جهودها» للإفراج عنها بعد شهادة أسرة عاشوري.
وأعلنت لجنة دعم فريبا عادلخاه في بيان: «نعرب عن سخطنا التام إزاء هذه التصرفات»، مطالبة مرة أخرى «بالإفراج الفوري وغير المشروط» عن الباحثة، مؤكدة براءتها.
وأضافت اللجنة: «نطلب من الحكومة الفرنسية تكثيف جهودها للإفراج عن مواطنتنا وتعليق أي شكل من أشكال التعاون العلمي المؤسساتي مع جمهورية إيران الإسلامية طالما تنتهك بهذه الصورة الوحشية الحريات الأكاديمية وتعرض الباحثين للخطر».
واعتُقلت عالمة الأنثروبولوجيا المتخصصة في المذهب الشيعي وإيران ما بعد الثورة في جامعة العلوم السياسية في باريس، في الخامس من يونيو (حزيران) 2019 في طهران. وفي 16 مايو (أيار) حكم عليها بالسجن خمس سنوات بتهمة «التآمر للمساس بأمن الدولة».
وطالبت لجنة الدعم عبثاً حتى الآن بتعليق التعاون العلمي بين فرنسا وإيران احتجاجاً.
وأضافت: «فريبا عادلخاه سجينة علمية معتقلة تعسفاً منذ نحو 400 يوم حكم عليها بشكل ظالم (...) لأسباب سياسية بحتة لا علاقة لها بها بتاتاً». وأضافت اللجنة أن 15 أجنبياً معظمهم يحمل جنسيتين، معتقلون حالياً في إيران.
وتستخدمهم الحكومة الإيرانية «رهائن» للتفاوض على الإفراج عن إيرانيين مسجونين في الخارج أو «لأغراض سياسية» أخرى على قول حائزة نوبل للسلام والمدافعة الإيرانية عن حقوق الإنسان شيرين عبادي.



إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

TT

إسرائيل تقصف دمشق... وتُهجّر أهالي قرى في جنوب سوريا

جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)
جنود إسرائيليون يعبرون الخميس السياج الذي يفصل مرتفعات الجولان التي تسيطر عليها إسرائيل عن سوريا (أ.ب)

عززت إسرائيل المخاوف من وجودها بشكل طويل في الجولان السوري، بالبدء في تهجير أهالي قرى بالجنوب السوري، بموازاة شن الطيران الحربي غارات على محيط دمشق.

وأفادت وسائل إعلام سورية، الخميس، بأن «جيش الاحتلال دخل الأطراف الغربية لبلدة جباتا الخشب بريف القنيطرة، وطالب الأهالي بتسليمه ما لديهم من أسلحة».

ووفق وسائل الإعلام السورية، فإن «الجيش الإسرائيلي هجّر أهالي قريتي الحرية والحميدية واستولى عليهما، ودخل إلى بلدة أم باطنة مدعوماً بعربات عسكرية ودبابات، فضلاً عن رصد دبابات داخل مدينة القنيطرة جنوبي سوريا».

وشن الطيران الإسرائيلي غارات على محيط العاصمة السورية، وقال سكان في أحياء دمشق الغربية، إنهم سمعوا انفجارَين قويَين يعتقد أنهما في مطار المزة العسكري، وأضاف السكان أنهم سمعوا أصوات طائرات حربية تحلق في أجواء ريف دمشق الجنوبي الغربي.

بدوره أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الخميس، لمستشار الأمن القومي الأميركي، جايك سوليفان، ضرورة منع «الأنشطة الإرهابية» من الأراضي السورية ضد إسرائيل بعد إطاحة بشار الأسد.

وقال نتنياهو في بيان، إنه التقى سوليفان في القدس، وتطرق معه إلى «الحاجة الأساسية إلى مساعدة الأقليات في سوريا، ومنع النشاط الإرهابي من الأراضي السورية ضد إسرائيل».

إقامة طويلة

وتتوافق التحركات العسكرية الإسرائيلية مع ما كشفت عنه مصادر عسكرية في تل أبيب، بأن الممارسات التي يقوم بها الجيش في الجزء الشرقي من الجولان، تدل على أنه يستعد لإقامة طويلة الأمد في الأراضي السورية، التي احتلها إثر انسحاب قوات النظام السوري من مواقعها في المنطقة العازلة وفض الاشتباك في الجولان.

وتجرى هذه العمليات وسط موافقة أميركية صامتة، وهو ما يُقلق أوساطاً عدة تخشى من فتح الشهية لتدمير خطوط الحدود وتوسيع نطاق الاستيطان في سوريا.

وأشارت المصادر إلى أن هذه العمليات تتم من دون معارضة دولية علنية، باستثناء فرنسا التي نشرت بيان تحذير.

وكان الجنرال مايك كوريلا، قائد القوات الأميركية المركزية في الشرق الأوسط (سنتكوم) زار إسرائيل، الأربعاء، واطلع على تفاصيل العمليات، وعلى نتائج القصف الإسرائيلي، الذي دمر نحو 80 في المائة من مقدرات الجيش السوري، وحطم له سلاح الجو وسلاح البحرية والمضادات الجوية ومخازن الأسلحة، كما أجرى وزير الأمن، يسرائيل كاتس، مكالمة مع نظيره الأميركي، لويد أوستن.

بنية تحتية

وقالت مصادر عسكرية في تل أبيب، إن الجيش الإسرائيلي شرع بتحويل المواقع العسكرية السورية، التي احتلتها الكتيبة 101 من وحدة المظليين، إلى مواقع عسكرية إسرائيلية.

وذكر تقرير عبري أن «الجيش الإسرائيلي بدأ بتأسيس بنية تحتية لوجيستية شاملة، حيث تم إحضار حاويات تحتوي على خدمات مثل الحمامات، والمطابخ، وحتى المكاتب الخاصة بالضباط»، ورجح أن «يتوسع النشاط ليشمل أعمدة اتصالات».

وأفاد بأن الجيش الإسرائيلي أحكم سيطرته على المناطق الحيوية في المنطقة، واحتل قمم التلال التي تكشف مساحات واسعة من سوريا، خصوصاً في المناطق الحدودية، وأقام حواجز عسكرية في التقاطعات داخل القرى السورية، مثل الحواجز المنتشرة في الضفة الغربية.

ومع نشر أنباء تقول إن عمليات الجيش تدل على أنه يخطط للبقاء هناك لمدة سنة على الأقل، قالت المصادر العسكرية لإذاعة الجيش الإسرائيلي إنه «من المبكر تقييم مدى استدامة هذا الوضع، ولكن قادة الجيش يعتقدون أنه لا أحد يعرف كيف ستتطور الأمور الآن في سوريا مع القيادات الجديدة، التي تدل تجربتها على أنها تحمل تاريخاً طافحاً بممارسات العنف الشديد والإرهاب من جهة، وتبث من جهة ثانية رسائل متناقضة حول المستقبل».

وأضافت المصادر: «وفي الحالتين ستواجه إسرائيل تحديات مستقبلية تتطلب بقاء طويل الأمد في المنطقة وتعزيز عدد القوات، ما قد يتطلب استدعاء قوات الاحتياط».

اليمين المتطرف

وتثير العمليات الإسرائيلية في الأراضي السورية قلقاً لدى أوساط عقلانية من أن تفتح شهية اليمين المتطرف على توسيع الاستيطان اليهودي في سوريا. ففي الأراضي التي تم احتلالها سنة 1967 أقامت إسرائيل نحو 30 مستوطنة يهودية، وتبرر إسرائيل احتلالها الأراضي السورية الجديدة بحماية هذه المستوطنات.

وقد لوحظ أن نتنياهو الذي وقف على أرض الجولان يوم الأحد الماضي، وأعلن إلغاء اتفاقية فصل القوات مع سوريا، تكلم خلال محاكمته الثلاثاء عن «شيء بنيوي يحصل هنا، هزة أرضية لم تكن منذ مائة سنة، منذ اتفاق (سايكس - بيكو 1916)».

وبحسب متابعين لسياسته فإنه لم يقصد بذلك إعطاء درس في التاريخ عن اتفاق من عام 1916 بين الدولتين العظميين الاستعماريتين في حينه، بريطانيا وفرنسا، اللتين قُسّمت بينهما أراضي الإمبراطورية العثمانية في الشرق الأوسط، وأوجدت منظومة الدول القائمة حتى الآن؛ بل قصد أنه يضع حداً لمنظومة الحدود في المنطقة.

ولربما باشر تكريس إرثه بصفته رئيس الحكومة الذي وسع حدود إسرائيل مثل دافيد بن غوريون وليفي أشكول، وليس الذي قلصها أو سعى لتقلصيها مثل مناحيم بيغن وإسحق رابين وأرئيل شارون وإيهود أولمرت وإيهود باراك.