حمدوك: لا خطوط حمراً في مفاوضات السلام السوداني

استئناف المحادثات بين الحكومة و«الشعبية ـ جناح الحلو» اليوم

TT

حمدوك: لا خطوط حمراً في مفاوضات السلام السوداني

أكد رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، عدم وجود خطوط حمراء في عملية السلام بالسودان، وذلك عشية استئناف التفاوض بين الحكومة و«الحركة الشعبية - جناح الحلو» الذي تشرف عليه وساطة جنوب السودان. وقال حمدوك لدى لقائه عدداً من ممثلي لجان المقاومة، إن فكرة هندسة السلام طرحتها الحكومة، وإن الوزارات المختلفة تتابعها عبر ما تم تقديمه من أوراق في هذا الإطار.
وبينما تلقى وفد الحكومة المفاوض دعوة رسمية من فريق وساطة جنوب السودان، لاستئناف محادثات السلام، قال المتحدث باسم الوفد الحكومي، محمد الحسن التعايشي، إن جلسة الحوار المقررة اليوم (الثلاثاء)، عبر «الفيديو كونفرانس»، ستناقش ثلاث قضايا، هي وقف الأعمال العدائية، والقضايا الإنسانية، ومواصلة الحوار حول إعلان المبادئ الموقع بين الجانبين في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.
وأكد التعايشي في بيان، أن الحكومة جاهزة وحريصة على مواصلة الحوار لكسر جمود التفاوض مع الحركة الشعبية شمال، سعياً للوصول إلى سلام عادل وشامل يعالج قضايا الحرب والسلام في السودان.
وتعثرت جولات المفاوضات السابقة بين الطرفين بسبب تمسك الحركة الشعبية، بعلمانية الدولة، في مقابل حق تقرير المصير لمنطقتي جبال النوبة والنيل الأزرق. وكان الوفد الحكومي قد تقدم بمقترحات عدة لتجاوز الخلافات القائمة حول علاقة الدين بالدولة، إلا أن الطرفين لم يتوصلا إلى صيغة اتفاق مشترك لمعالجة القضية. وتسلم رئيس الوزراء، مذكرة من لجان المقاومة التي كانت رأس الرمح في قيادة الحراك الذي أدى إلى إسقاط نظام الرئيس المعزول عمر البشير، تحث الحكومة على الإسراع في إنجاز عملية السلام، إلى جانب الكثير من القضايا الراهنة.
ودعت لجان المقاومة إلى مظاهرة مليونية في 30 من يونيو (حزيران) الحالي، للضغط على الحكومة الانتقالية لتنفيذ أهداف الثورة. وعبرت المذكرة، بحسب بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء، عن حاجة البلاد الآنية إلى السلام، باعتباره القضية الأهم لتحقيق السلام الاجتماعي عبر الحوار المستمر.
بدوره، دعا حمدوك، لجان المقاومة، إلى عدم السماح ببث الإحباط عبر الحديث عن عدم تحقق إنجازات، مشيراً إلى أن إسقاط النظام المعزول بكل عنفه واستبداده، كان حدثاً كبيراً ومهماً. ووصف المذكرة التي دفعت بها لجان المقاومة بأنها برنامج عمل متكامل، وتتطابق مع أهداف الثورة، التي يستلزم العمل على تحقيقها.
وأشار حمدوك إلى أن البلاد لم تتمكن منذ الاستقلال من معالجة القضايا الكبرى، وإيجاد مشروع وطني حتى جاءت ثورة ديسمبر (كانون الأول)، وأعطت الأمل لإنجاز ذلك. وأفاد البيان بأن ممثلي لجان المقاومة أكدوا ضرورة توفر الإرادة الوطنية القوية تجاه السلام وإيقاف الحرب، وتحقيق السلم الاجتماعي. وحوت المذكرة التي دفعت بها لجان المقاومة لمجلس الوزراء، مقترحات حلول لقضايا النزاعات والحروب ومعالجة مشكلة الأراضي (الحواكير) في إقليم دارفور، كما شددت على الإسراع بتشكيل مفوضية السلام لمتابعة ملفات التفاوض بين الحكومة والحركات المسلحة.
في الوقت ذاته، تتواصل عبر تقنية «الفيديو كونفرنس» جولات المفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة في مسار دارفور حول ملف الترتيبات الأمنية من أجل الوصول إلى اتفاق كامل. وكانت الوساطة أشارت إلى أن المفاوضات بين الطرفين حققت تقدماً كبيراً في الكثير من البنود والمحاور المتصلة بالملف الترتيبات الأمنية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.