إحراق مكتب رئيس أبرز المستوطنات الإسرائيلية

مداولات استراتيجية في واشنطن حول خطة ترمب

غازات مسيلة للدموع ضد مظاهرات فلسطينية احتجت الجمعة على اقتطاع أرض لصالح مستوطنة ريفافا (أ.ف.ب)
غازات مسيلة للدموع ضد مظاهرات فلسطينية احتجت الجمعة على اقتطاع أرض لصالح مستوطنة ريفافا (أ.ف.ب)
TT

إحراق مكتب رئيس أبرز المستوطنات الإسرائيلية

غازات مسيلة للدموع ضد مظاهرات فلسطينية احتجت الجمعة على اقتطاع أرض لصالح مستوطنة ريفافا (أ.ف.ب)
غازات مسيلة للدموع ضد مظاهرات فلسطينية احتجت الجمعة على اقتطاع أرض لصالح مستوطنة ريفافا (أ.ف.ب)

في الوقت الذي أعلن فيه عن استدعاء السفير الأميركي في إسرائيل، ديفيد فريدمان، إلى واشنطن للمشاركة في «مداولات استراتيجية حول خطة الرئيس دونالد ترمب، وحسم الموقف من خطة الضم الإسرائيلية لأجزاء من الضفة الغربية المحتلة»، بالتزامن مع توقع الجيش الإسرائيلي والمخابرات انفجار انتفاضة فلسطينية، كشف النقاب عن إحراق مكتب رئيس المجلس البلدي لمستعمرة بيت إيل، شاي آلون، أحد معارض خطة ترمب.
وبيت إيل هي المستوطنة التي تضم مكاتب قيادة الدوائر العسكرية الإسرائيلية التي تتولى إدارة شؤون المناطق الفلسطينية المحتلة، وهي ملاصقة لمدينة رام الله شمالاً، ولمخيم الجلزون للاجئين الفلسطينيين في الضفة. ورئيس المستوطنة معروف بمشاركته في قيادة حملة المستوطنين ضد خطة ترمب، بغرض التأثير عليها وتعديلها، وإسقاط بند الدولة الفلسطينية منها، وتوسيع نطاق المستوطنات اليهودية فيها.
وأكد آلون أن الحريق الذي شب في مكتبه تم بفعل فاعل دلق كمية كبيرة من المواد المشتعلة بهدف تدميره، وقال إن الحريق حوصر في الوقت المناسب، ولكنه أتى على حاسوبه وكثير من الملفات الحساسة، ودمر الأثاث. ولمح إلى أن عملية الإحراق تمت من «عناصر معادية»، ويقصد بذلك جهات فلسطينية «تقصد ردعنا عن تحقيق الضم». ودعا الحكومة إلى استخلاص النتائج، وتنفيذ الضم في مطلع الشهر المقبل، بغض النظر عن الموقف الأميركي والدولي.
وخرج رئيسا حزب «يمينا»، وزير الدفاع السابق نفتالي بنيت ووزيرة القضاء السابقة أييلت شكيد، بدعوة مماثلة إلى رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أمس (الأحد)، واعدين بدعمه من صفوف المعارضة.
وكانت مصادر سياسية في تل أبيب قد كشفت أن «السفير فريدمان قد غادر إلى واشنطن بشكل مفاجئ، ومن دون ضجيج»، وقالت إن الإدارة الأميركية كانت قد قررت إرسال المبعوث الخاص إلى الشرق الأوسط، أفي بيركوفيتش، في الأسبوع الحالي، ليجري مباحثات حول خطة ترمب، ومدى تأثير خطة الضم الإسرائيلية عليها، ولكنها قررت في اللحظة الأخيرة إلغاء هذه الزيارة، واستدعاء فريديمان، لأن الرئيس ترمب قرر عقد جلسة «مداولات استراتيجية حول الموضوع».
وقالت هذه المصادر إنه من المتوقع أن تجري المداولات اليوم (الاثنين) أو غداً (الثلاثاء)، وأن يشارك في هذه المداولات، إلى جانب ترمب وفريدمان، كل من وزير الخارجية مايك بومبيو، وكبير مستشاري الرئيس وصهره جارد كوشنير، ومستشار الأمن القومي ريتشارد أوريان، وغيرهم. وسيتطرقون في الاجتماع إلى الموقف حيال خطة الضم الإسرائيلية، وكيفية التعاطي مع الخلافات الإسرائيلية الداخلية بشأنها. وحسب «القناة 13» للتلفزيون الإسرائيلي، فإن إدارة الرئيس ترمب معنية بحسم موقفها من خطة الضم، وإذا ما كانت ستمنح إسرائيل الضوء الأخضر للشروع في تنفيذها في الموعد الذي حدده نتنياهو؛ أي مطلع الشهر المقبل.
وقالت المصادر الإسرائيلية إن هناك خلافات داخل الإدارة في واشنطن حول موضوع الخطة. فالسفير فريدمان يدعم تنفيذ الضم بهذا التوقيت، فيما يتحفظ كثير من المسؤولين على التوقيت. وأكدت أن الوزير بومبيو الذي زار إسرائيل في الشهر الماضي، عاد إلى واشنطن مع مجموعة من التحفظات المتعلقة بالضم، خاصة فيما يتعلق بتأثير ذلك على استقرار المنطقة، والعلاقات مع الأردن، ولكنه انحاز إلى موقف فريدمان مؤخراً، ومن المتوقع أن يعلن تأييده للضم الآن، بيد أن كوشنير الذي يدعم خطة الضم، ولا يعارضها من ناحية آيديولوجية، يعارض تنفيذها الآن لأنه يعد هذه الخطوة مثيرة لاستفزاز العرب، ومن شأنها المساس بخطة الرئيس ترمب.
ونقلت صحيفة «معريب»، أمس (الأحد)، عن مصادر في تل أبيب، أن كوشنير يقرأ تقارير أذرع الأمن الإسرائيلية التي تجمع على أن تنفيذ إسرائيل لمخطط ضم مناطق واسعة في الضفة الغربية سيؤدي إلى احتجاجات فلسطينية واسعة، وربما انتفاضة ثالثة، ويعتقد أن الحكمة تحتم التوقف عن الضم، واتخاذ إجراءات معتدلة.
وأضافت الصحيفة أن جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك) هو الذي يقود هذه التقديرات، وقد عبر عنها بوضوح خلال المداولات مع الجيش، وشدد فيها على أن ضم إسرائيل بشكل أحادي الجانب لمناطق في الضفة الغربية «سيؤدي إلى موجة عنف ستبدأ على ما يبدو في الجبهة الجنوبية»، أي قطاع غزة «وقد ينتقل العنف إلى الضفة الغربية. وفي أسوأ الأحوال، سيتحول إلى جولة عنف شامل بين إسرائيل والفلسطينيين، وربما تصل الأمور حد انتفاضة ثالثة».
وحسب الصحيفة، فإن «أحد السيناريوهات يتحدث عن تفكيك السلطة الفلسطينية، علماً بأن (الشاباك)، وشعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، متفقان على أن أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) لن يرغب في أن ينهي حياته (السياسية) بهذا الشكل. فالزعيم الفلسطيني يفكر حالياً بإرثه السياسي، وحقيقة أن يُسجل في التاريخ أنه من انقسم الفلسطينيون خلال ولايته إلى كيانين منفصلين، الضفة وغزة، وبعد ذلك تفككت السلطة الفلسطينية، احتمال يزعجه. ولذلك، فإن التقديرات هي أن يصدر (الشاباك) تحذيراً واضحاً من جولة عنف يمكن أن تخرج عن السيطرة».
ورجحت الصحيفة أن تكون تقديرات الجيش الإسرائيلي مشابهة، إذ إن شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش كانت قد طرحت تقديرات مشابهة.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.