خطوة أوروبية جديدة على طريق مكافحة التهرّب الضريبي

11 توصية لمكافحة الجرائم الضريبية بالاتحاد الأوروبي أبرزها إنشاء قوة شرطة مالية وهيئة لمكافحة غسل الأموال (رويترز)
11 توصية لمكافحة الجرائم الضريبية بالاتحاد الأوروبي أبرزها إنشاء قوة شرطة مالية وهيئة لمكافحة غسل الأموال (رويترز)
TT

خطوة أوروبية جديدة على طريق مكافحة التهرّب الضريبي

11 توصية لمكافحة الجرائم الضريبية بالاتحاد الأوروبي أبرزها إنشاء قوة شرطة مالية وهيئة لمكافحة غسل الأموال (رويترز)
11 توصية لمكافحة الجرائم الضريبية بالاتحاد الأوروبي أبرزها إنشاء قوة شرطة مالية وهيئة لمكافحة غسل الأموال (رويترز)

اتخذت مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل، خطوة جديدة وهامة، على طريق مواجهة التهرب والاحتيال الضريبي، وذلك بعد أن وافق أعضاء البرلمان الأوروبي على مقترح لإنشاء لجنة فرعية من لجنة الشؤون النقدية والاقتصادية، للنظر في المسائل الضريبية، جاء ذلك بعد سلسلة من اللجان الخاصة ولجنة التحقيق، التي سبق إنشاؤها للتعمق في التسريبات والفضائح الضريبة المختلفة في السنوات الأخيرة.
وقال بيان للبرلمان الأوروبي، صدر في بروكسل، إن اللجنة الجديدة ستكون أكثر ديمومة لتسليط الضوء على هذه المسألة، وتتألف اللجنة الفرعية المعنية بالمسائل الضريبية من 30 عضواً، وستتعامل بشكل خاص مع مكافحة الاحتيال الضريبي والتهرب وتجنب الضرائب، وكذلك مع ملف الشفافية المالية لأغراض الضرائب.
وجاءت الموافقة على إنشاء هذه اللجنة بعد تصويت في جلسة عامة في وقت متأخر مساء الجمعة، بموافقة 613 صوتاً مقابل 67 صوتاً وامتناع 8 نواب عن التصويت.
وفي فبراير (شباط) من العام الماضي، اعتمدت لجنة خاصة في البرلمان الأوروبي معنية بملف الجرائم المالية، خريطة طريق تفصيلية نحو فرض ضرائب أكثر عدالة وأكثر فعالية ومعالجة الجرائم المالية، وتضمنت خريطة الطريق إجراءات تتعلق بتحقيق الإصلاح ووضع نظام للتعامل مع الجرائم المالية والتهرب الضريبي، ولا سيما تحسين التعاون في جميع المجالات بين مختلف السلطات المعنية، لإنشاء هيئات جديدة على المستوى الأوروبي والعالمي.
وبعد فترة عمل وبحث استغرقت عاماً، جاءت خريطة الطريق، لتوفر تدابير لزيادة مكافحة الجرائم الضريبية على مستوى الاتحاد الأوروبي والعالم، وكان أبرز تلك التوصيات، أولاً العمل على الفور على اقتراح إنشاء قوة شرطة مالية أوروبية، وثانياً إنشاء هيئة مراقبة تابعة للاتحاد الأوروبي لمكافحة غسل الأموال، وثالثاً إنشاء هيئة ضريبية عالمية داخل الأمم المتحدة، ورابعاً الإشارة إلى القلق الكبير من افتقار الدول الأعضاء بشكل عام إلى الإرادة السياسية للتصدي للتهرب الضريبي والجريمة المالية.
وخامساً تعرض 7 دول، هي بلجيكا وقبرص والمجر ولوكسمبورغ ومالطا وهولندا وآيرلندا، فرصاً لكي تصبح ملاذاً ضريبياً وتسهل التخطيط للتهرب الضريبي، وسادساً التأشيرات وجوازات السفر الذهبية تمثل إشكالية وينبغي التخلص منها، وسابعاً يؤدي تعقيد النظم الضريبية إلى ثغرات قانونية، وبالتالي فإن المعاهدات الضريبية المتعددة الأطراف وليست الثنائية هي الحل للمضي قدماً.
وثامناً ينبغي اتخاذ تدابير مضادة ضد الولايات المتحدة، إذا لم تلتزم بمبدأ المعاملة بالمثل، وتاسعاً ينبغي أن يقوم المجلس الأوروبي بتقييم الوضع في سويسرا بشكل صحيح، لضمان عدم إدخال أنظمة ضريبية ضارة، وعاشراً ينبغي تضمين بند الحكم الرشيد للضرائب بشكل منهجي في اتفاقيات الاتحاد الأوروبي الجديدة مع دول من خارج الاتحاد. أما البند الحادي عشر فقد أشار إلى ضرورة توفير حماية بشكل أفضل للصحافيين الاستقصائيين، ويمكن تكرار نظام المكافآت التي تستخدمه الولايات المتحدة، للمبلغين عن المخالفات، ويطبق في الاتحاد الأوروبي أيضاً.
وفي أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي، أظهرت نتائج دراسة أن هناك فجوة ضريبية تبلغ 825 مليار يورو، ويجب الاستعداد لمكافحة الجرائم الضريبية، وقال وقتها رئيس الكتلة أودو بولمان: «الدراسة التي أجريناها، أظهرت أن التهرب الضريبي جريمة خطيرة، تحرم الأوروبيين من مبالغ هائلة تصل إلى 825 مليار يورو، وهو رقم مذهل، وهو ما يقرب من 5 أضعاف ميزانية الاتحاد الأوروبي لهذا العام، أو 1650 يورو لكل مواطن».



الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

TT

الدردري: اقتصاد سوريا خسر 24 عاماً من التنمية البشرية

الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية د. عبد الله الدردري (تركي العقيلي)

كشف الأمين العام المساعد للأمم المتحدة مدير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية الدكتور عبد الله الدردري، أن الأمم المتحدة أعطت البرنامج الضوء الأخضر لبدء التواصل مع الحكومة المؤقتة السورية الجديدة تعزيزاً للعمل الإنساني وبدء مسار التعافي لإعادة تفعيل الاقتصاد السوري «الذي خسر 24 عاماً من التنمية البشرية حتى الآن».

وقال الدردري في حديث إلى «الشرق الأوسط» بمناسبة وجوده في الرياض للمشاركة في فعاليات مؤتمر «كوب 16»، إنه وجّه مكتب البرنامج في دمشق اعتباراً من (الخميس) للتواصل مع الجهات الحكومية وبدء عملية التقييم التي تحتاج إليها البلاد.

كان نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة مع انهيار شبه كامل للبنية التحتية الاقتصادية وتدمير آلاف المنازل وتشريد الملايين.

رجل سوري يتحدث عبر هاتفه المحمول وهو يقف على درج مبنى مدمَّر في مدينة حرستا شرق دمشق (أ.ب)

واستعرض الدردري الوضع الراهن في سوريا، فقال «إن تقديراتنا الأولية أن الاقتصاد السوري خسر حتى الآن 24 عاماً من التنمية البشرية، فيما سجل الناتج المحلي الإجمالي تراجعاً كبيراً من 62 مليار دولار في عام 2010 إلى 8 مليارات فقط اليوم. أما معدل الفقر، فارتفع من نحو 12 في المائة عام 2010 إلى أكثر من 90 في المائة. وبات معدل الفقر الغذائي يتجاوز 65 في المائة من السكان».

وإذ أوضح أن أمام سوريا مرحلة صعبة، قال إن تقديرات البرنامج تشير إلى أنه من أصل 5 ملايين و500 ألف وحدة سكنية، فإن نحو مليوني وحدة سكنية دمِّرت بالكامل أو جزئياً.

وعن تكلفة عملية إعادة الإعمار، أوضح الدردري أن احتساب تكلفة إعادة بناء الوحدات السكنية يحتاج إلى تحديث، كون أسعار البناء تختلف اليوم. لكنه شدد على أن أخطر ما جرى في سوريا هو الضعف المؤسساتي مقارنةً بما كان عليه الوضع قبل عام 2011، «حيث كانت هناك مؤسسات دولة قوية، فيما تراجعت بشكل كبير اليوم». من هنا، فإن تركيز برنامج الأمم المتحدة اليوم هو على الدعم المؤسساتي، «لأنه من دون مؤسسات قادرة على التخطيط والتنفيذ والمتابعة، لا توجد تنمية ولا إعادة إعمار»، كما يركز على القطاع الخاص الذي استطاع أن يصمد رغم كل الهزات، والجاهز اليوم لتلقف أي حالة من الأمن والانفتاح للعمل.

وقال: «خلال الساعات الـ48 الأخيرة، ولمجرد أن الحكومة المؤقتة أعلنت أن الاقتصاد السوري هو اقتصاد سوق حر مع بعض الإجراءات السريعة لتسيير عمل التجارة وغيرها، تحسن سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار من 30 ألف ليرة إلى 14 ألف ليرة، مما يعني تحسناً بأكثر من 50 في المائة».

رجل يعد النقود بمحطة بنزين في مدينة حلب شمال سوريا (أ.ف.ب)

ولكن كيف يرى نائب الوزراء السوري السابق للشؤون الاقتصادية بين سنوات 2006 و2011، خريطة طريق إعادة النهوض بالاقتصاد السوري؟ أجاب: «في الحقيقة، لا أرى فرقاً بين دوري في الأمم المتحدة وبين عملي سابقاً. فسوريا تحتاج إلى إصلاح حوكمي سريع وفعال، بمعنى أنها تحتاج إلى إصلاح القضاء، وتطوير المؤسسات وترسيخ مبدأ الفصل بين السلطات، وترسيخ القانون. كما أنها بحاجة إلى رؤية للمستقبل، وإلى حوار وطني. تحتاج إلى تحديد الوضع الراهن في المجال الاقتصادي وأين هو موقع البلاد في هذا الإطار. هي تحتاج إلى رسم سيناريوهات التعافي والنمو... وهو ما تراه الأمم المتحدة أيضاً لإعادة إحياء البلاد».

وأضاف: «سندعم كل ما من شأنه أن يجعل سوريا جاذبة للاستثمار، وإرساء منظومة لحماية اجتماعية فاعلة... فنمو اقتصادي يقوده القطاع الخاص وعدالة اجتماعية من خلال منظومات حماية اجتماعية متكاملة هما ما تحتاج إليه سوريا، وهما ما سنعمل عليه».

غزة

وفي ما يتعلق بالوضع في غزة، قال الدردري إن التقديرات الأولية جداً تشير إلى أنها تحتاج إلى 50 مليار دولار، موضحاً أن إعادة تعويم الاقتصاد الفلسطيني إلى ما كان عليه في عام 2022، إنما يحتاج إلى معونات إنسانية تقدَّر بـ600 مليون دولار سنوياً على مدى السنوات العشر المقبلة.

فلسطينيون يتفقدون الدمار في منطقة استهدفتها غارة جوية إسرائيلية قرب مخيم النصيرات للاجئين (أ.ف.ب)

وعن الجهات المستعدة لتأمين هذه المبالغ، قال: «هناك وعود بأن المجتمع الدولي مستعد للمساعدة، ولكن إلى الآن لا شيء ملموساً».

وأضاف: «هناك حاجة ماسة إلى رفع القيود عن عمل الفلسطينيين، وعن أموال المقاصة التي يجب أن تذهب إلى السلطة الفلسطينية، وأن يُسمح للاقتصاد الفلسطيني بالاندماج».

لبنان

وشرح الدردري أن لبنان خسر 10 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة بسبب الحرب مع إسرائيل، تضاف إلى ما نسبته 35 في المائة خسارة في الناتج المحلي منذ 2019. في حين دُمر نحو 62 ألف منزل وأكثر من 5 آلاف منشأة اقتصادية.

شخصان يتعانقان على أنقاض المباني المتضررة في قرية جون بقضاء الشوف بلبنان (رويترز)

ووُضع برنامج للتعافي الاقتصادي في لبنان يعتمد بشكل أساسي على تعزيز المجتمعات المحلية والشركات الصغيرة وإعادة إحياء التمويل في لبنان، وعلى دعم البلديات التي تأثرت بشكل كبير، وعلى الجمعيات الأهلية. وتوقع أن يستعيد لبنان تعافيه مع استمرار حالة الهدوء، وذلك بفعل أهمية الدور الذي يلعبه قطاعه الخاص.