أزمة «سد النهضة» تصل إلى «المحطة الأممية»

الرئيس المصري يؤكد حرص بلاده على المسار الدبلوماسي

سد النهضة كما يبدو في صورة عبر الأقمار الصناعية التقطت في 28 مايو الماضي (أ.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة عبر الأقمار الصناعية التقطت في 28 مايو الماضي (أ.ب)
TT

أزمة «سد النهضة» تصل إلى «المحطة الأممية»

سد النهضة كما يبدو في صورة عبر الأقمار الصناعية التقطت في 28 مايو الماضي (أ.ب)
سد النهضة كما يبدو في صورة عبر الأقمار الصناعية التقطت في 28 مايو الماضي (أ.ب)

بعد ساعات من دعوة مصر مجلس الأمن الدولي إلى التدخل لتأكيد أهمية استئناف الدول الثلاث التفاوض حول «سد النهضة» الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق قرب الحدود مع السودان، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن «مصر كانت دائماً حريصة على التعامل مع ملف (سد النهضة) من خلال التفاوض».
وأوضح السيسي على هامش زيارته للمنطقة الغربية العسكرية أمس، أن «اتجاه مصر لمجلس الأمن الدولي، جاء من أجل الحفاظ على التفاوض، وفق المسار الدولي والدبلوماسي والسياسي حتى النهاية». وتوقفت المحادثات بشأن السد الإثيوبي مرة أخرى الأسبوع الماضي، وكانت جولة أخيرة من المحادثات قد عُقدت في التاسع من يونيو (حزيران) الجاري لوزراء المواد المائية والري بمصر والسودان وإثيوبيا، بحضور رقابة دولية ثلاثية ضمّت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا عبر «الفيديو كونفرانس». وقدم السودان اقتراحاً بإحالة الأمر إلى رؤساء وزراء الدول الثلاث للبحث عن حلول لنقاط الخلاف، وذلك عقب جولة سابقة في واشنطن فبراير (شباط) الماضي، انتهت دون اتفاق أيضاً.
وتعتمد القاهرة بشكل شبه كامل على النيل في الحصول على ما يلزمها من المياه العذبة. وترى أن «السد يمثل تهديداً وجودياً محتملاً، وتسعى للتوصل إلى اتفاق ملزم قانوناً». فيما تقول إثيوبيا إن «من حقها استخدام مياه النيل من أجل تنميتها الاقتصادية».
ويستند خطاب مصر لمجلس الأمن إلى المادة 35 من ميثاق الأمم المتحدة التي «تجيز للدول الأعضاء أن تنبّه المجلس إلى أي أزمة من شأنها أن تهدد الأمن والسلم الدوليين». وقالت الخارجية المصرية في بيان لها الليلة قبل الماضية، إن «مصر اتخذت قرار اللجوء لمجلس الأمن على ضوء تعثر المفاوضات التي جرت أخيراً، نتيجة للمواقف الإثيوبية (غير الإيجابية)، والتي تأتي في إطار النهج المستمر على مدار عقد من المفاوضات، مروراً بالعديد من جولات التفاوض الثلاثية، وكذلك المفاوضات التي عُقدت في واشنطن برعاية الولايات المتحدة ومشاركة البنك الدولي، والتي أسفرت عن التوصل إلى اتفاق يراعي مصالح الدول الثلاث والذي قوبل بالرفض من إثيوبيا، ووصولاً إلى جولة المفاوضات الأخيرة التي دعا إليها مشكوراً السودان وبذل خلالها جهوداً مقدّرة للتوصل إلى اتفاق عادل ومتوازن يراعي مصالح الأطراف كافة»، مؤكدة أن «كل تلك الجهود قد تعثرت بسبب عدم توفر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا، وإصرارها على المضي في ملء السد بشكل أحادي، بالمخالفة لاتفاق إعلان المبادئ الموقّع بين الدول الثلاث في مارس (آذار) 2015 والذي ينص على (ضرورة اتفاق الدول الثلاث حول قواعد ملء وتشغيل السد، ويلزم إثيوبيا بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب)».
وأكد السيسي، أمس: «حرصنا على مدى سنوات طويلة على التعامل مع ملف السد من خلال التفاوض والحوار». وأضاف الرئيس المصري مخاطبا الشعب الإثيوبي: «تحدثت معكم في البرلمان منذ 5 سنوات، وأكدت تقديرنا للتنمية في إثيوبيا، وعليكم تقدير الحياة في مصر، لا ضرر ولا ضرار لبعضنا البعض... نحتاج إلى التحرك بقوة لإنهاء المفاوضات والوصول لاتفاق يحقق المصلحة للجميع»، موضحاً: «حريصون على التنمية في إثيوبيا وعلى الحياة في مصر».
وترفض مصر «أي إجراءات أحادية، قد يكون من شأنها التأثير على فرص التوصل إلى اتفاق». وتؤكد «حرصها على التوصل لاتفاق يحقق مصالح الدول الثلاث».
التحرك المصري إلى مجلس الأمن الدولي، جاء عقب تصريحات لوزير الخارجية الإثيوبي جيدو أندارجاشيو، أكد فيها أن «بلاده ستمضي قدماً، وستبدأ بملء السد، الشهر المقبل، وفقاً للجدول الزمني المحدد، حتى من دون اتفاق مع مصر والسودان».
ووفق تصريحات الوزير الإثيوبي لـوكالة «أسوشييتد برس» مساء أول من أمس، قال إن «إثيوبيا لن تتوسل مصر والسودان لاستخدام مواردها المائية لتطويرها»، موضحاً: «كان ينبغي أن يكون هذا السد سبباً للتعاون والتكامل الإقليمي، وليس سبباً للخلافات»، متهماً مصر بـ«المبالغة في دعايتها بشأن قضية السد».
فيما قال سامح شكري، وزير الخارجية المصري، إن «مصر كانت تسعى دائماً إلى التوصل لحلول سياسية في المفاوضات»، لافتاً في تصريحات متلفزة الليلة قبل الماضية إلى أن «مفاوضات السد لم تؤتِ بأي ثمار، لعدم وجود إرادة سياسية لدى الجانب الإثيوبي للوصول إلى تفاهم؛ بل والتراجع عن كثير من القضايا، التي سبق وتمت مناقشتها عبر عديد من جولات التفاوض».
ورفضت إثيوبيا خلال مناقشة الجوانب القانونية في المباحثات الأخيرة أن «تقوم الدول الثلاث بإبرام اتفاقية ملزمة... وتمسكت بالتوصل إلى مجرد قواعد إرشادية يمكن لإثيوبيا تعديلها بشكل منفرد».



بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
TT

بلينكن في الأردن مستهِلاً جولته لبحث الأزمة في سوريا

أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)
أنتوني بلينكن يستقل طائرته في طريقه إلى الأردن (رويترز)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (الخميس) إلى الأردن، مستهِلاً جولة لبحث الأزمة في سوريا بعد إطاحة الرئيس السوري بشار الأسد، وفق ما أفاد صحافي من «وكالة الصحافة الفرنسية» كان ضمن فريق الصحافيين المرافق له في الطائرة.

وقال مسؤولون أميركيون، للصحافيين المرافقين، إن بلينكن المنتهية ولايته سيلتقي العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، ووزيرَ خارجيته في مدينة العقبة (نحو 325 كيلومتراً جنوب عمان) على البحر الأحمر، في إطار سعيه إلى عملية «شاملة» لاختيار أعضاء الحكومة السورية المقبلة. وفور وصوله، توجَّه بلينكن إلى الاجتماع، ومن المقرر أن يسافر في وقت لاحق من اليوم إلى تركيا.

ودعا بلينكن إلى عملية «شاملة» لتشكيل الحكومة السورية المقبلة تتضمَّن حماية الأقليات، بعدما أنهت فصائل معارضة بقيادة «هيئة تحرير الشام» حكم بشار الأسد المنتمي إلى الطائفة العلوية التي تُشكِّل أقلية في سوريا.

وقالت وزارة الخارجية الأميركية، لدى إعلانها عن جولة بلينكن، إنه سيدعو إلى «قيام سلطة في سوريا لا توفر قاعدة للإرهاب أو تُشكِّل تهديداً لجيرانها»، في إشارة إلى المخاوف التي تُعبِّر عنها كل من تركيا، وإسرائيل التي نفَّذت مئات الغارات في البلد المجاور خلال الأيام الماضية. وأشار المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر إلى أنه خلال المناقشات في العقبة على البحر الأحمر «سيكرر بلينكن دعم الولايات المتحدة لانتقال جامع (...) نحو حكومة مسؤولة وتمثيلية». وسيناقش أيضاً «ضرورة (...) احترام حقوق الأقليات، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، ومنع تحول سوريا إلى قاعدة للإرهاب أو أن تُشكِّل تهديداً لجيرانها، وضمان تأمين مخزونات الأسلحة الكيميائية وتدميرها بشكل آمن». وهذه الزيارة الثانية عشرة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وهجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على إسرائيل، التي ردَّت بحملة عنيفة ومُدمِّرة ما زالت مستمرة على قطاع غزة.

وانتهت رحلة بلينكن السابقة بخيبة أمل بعد فشله في تأمين صفقة تنهي فيها إسرائيل و«حماس» الحرب في مقابل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة. وسيغادر بلينكن منصبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل مع إدارة الرئيس جو بايدن.

ووصف الرئيس المنتخب دونالد ترمب الوضع في سوريا بـ«الفوضى». وقال إن الولايات المتحدة لا ينبغي أن تتدخل، رغم أنه لم يوضح السياسة الأميركية منذ سقوط الأسد.