مجلس الأمة ينأى بنفسه عن دعوة الغنوشي لزيارة الكويت: الوقت غير مناسب لاستقباله

نأت رئاسة مجلس الأمة الكويتي (البرلمان) أمس بنفسها عن دعوة رئيس البرلمان التونسي وزعيم حركة النهضة راشد الغنوشي لزيارة الكويت، وهي الزيارة المرتقبة التي أدت إلى سيل من الاعتراضات من نواب وشخصيات كويتية بسبب موقف الغنوشي وجماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها المؤيد للغزو العراقي لدولة الكويت في الثاني من أغسطس (آب) 1990.
وقال بيان أصدره مساء أمس الجمعة مكتب رئيس مجلس الأمة إن دعوة الغنوشي لزيارة الكويت: «تمت خلال اجتماع الاتحاد البرلماني العربي وهي دعوة بروتوكولية وليست جديدة».
وان «الزيارة لا تمثل توجهات رئيس مجلس الأمة فهو يوجه دعوة لرئيس أي برلمان بصفته وليس لشخصه أو توجهه السياسي».
وقال البيان إن «الدعوة البروتوكولية لا تعني حدوث الزيارة فعليا لأن لها إجراءات تتطلب أمورا كثيرة وهو ما لم يشرع به مكتب الرئيس من الأساس».
مضيفا: «الدعوة المذكورة قديمة ويرجع تاريخها إلى فبراير (شباط) الماضي ومن نافل القول التأكيد على أن الفترة الحالية والمستقبل المنظور ليسا فترة مناسبة لاستقبال أي مسؤول».
وفِي بيان توضيحي قال مكتب رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم بشأن دعوة رئيس البرلمان التونسي راشد الغنوشي لزيارة الكويت، إنه «جرت العادة في كثير من الاجتماعات التي تجمع رئيس مجلس الأمة برؤساء برلمانات العالم، أن يتلقى دعوات للزيارة وهو بدوره يوجه دعوات لزيارة الكويت وقد وجه معاليه دعوات بروتوكولية لكل رؤساء البرلمانات العربية الشقيقة دون استثناء على فترات والمعني بها الدول والشعوب والبرلمانات وليس الأشخاص، ولا يمكن أن تستثنى تونس أو أي دولة أخرى».
ومضى البيان يقول إن «دعوة رئيس البرلمان التونسي وغيره تمت خلال اجتماع الاتحاد البرلماني العربي في 8 فبراير الماضي في العاصمة الأردنية عمان، والتي عقدت لمواجهة صفقة القرن، وتلقى رئيس مجلس الأمة الكويتي فيها دعوة من البرلمان التونسي في الاجتماع نفسه، وبالفعل في يوم 9 فبراير أرسل معاليه لرئيس برلمان تونس رسالة خطية بروتوكولية تتضمن الدعوة، أي أن الدعوة قبل موضوع كورونا وانتشاره، وربما التبس الأمر على البعض بسبب تأخر تسليم الدعوة للسيد الغنوشي من قبل سفيرنا لدى تونس، وربما هذا التأخير بسبب ظروف الإغلاق وحركة الطيران خلال الأشهر الأربعة الماضية، وهو أمر يلتمس فيه الرئيس العذر للسفير».
وأضاف: «ونحن إذ نشير إلى هذا الأمر، نشير إليه فقط توضيحا لمن انتقد موعد الزيارة التي بدت وكأنها دعوة جديدة، كذلك لا بد من التوضيح بأن الدعوة البروتوكولية لا تعني حدوث الزيارة فعليا حيث إن إجراءات الزيارة الفعلية تتطلب أمورا كثيرة وهذا ما لم يشرع به مكتب الرئيس من الأساس».
وقال: «أما بشأن توجهات الغنوشي فهي لا تمثل توجهات رئيس مجلس الأمة، ونقول لا تمثله لسبب بسيط، فرئيس مجلس الأمة يوجه دعوة لرئيس أي برلمان بصفته وليس لشخصه أو توجهه السياسي، ويحكمه هنا معيار الصداقة والعلاقة مع الدولة المدعوة، فتونس مثلا دولة عربية يهم البرلمان الكويتي توطيد العلاقة معها، وهذا ما حصل مع رئيس البرلمان التونسي السابق محمد الناصر الذي زار الكويت العام الماضي بناء على دعوة رسمية من الرئيس الغانم».
وأضاف البيان الكويتي: «من زار الكويت في السابق هم جملة من رؤساء البرلمانات من مختلف التوجهات اليمينية واليسارية والليبرالية والمحافظة وغيرها من ألوان الطيف السياسي، وليس من الحصافة أو النضج أن يقتصر رئيس مجلس الأمة في دعواته لرؤساء البرلمانات على هوية توجهاتهم السياسية وما يروق له منها، فالرئيس الغانم رئيس برلمان يمثل كل الكويتيين وليس توجها سياسيا معينا، ومع ذلك نؤكد أن الدعوة المذكورة هي دعوة أولية بروتوكولية تمت في حينها، ولا مجال حاليا أو في المستقبل المنظور تفعيلها وتلبيتها».
وأضاف: «يحدث كثيرا أن تتم دعوة رؤساء برلمانات دول لديهم آراء ومواقف سياسية يختلف رئيس مجلس الأمة معها، بل يرفضها رفضا مبدئيا، ودور الرئيس يكون في مناقشة تلك المواقف وتوضيح موقف الكويت ومحاولة فتح نقاشات جدية تجاه مختلف القضايا محل الخلاف».
وأوضح أنه «بشأن موقف الغنوشي من الغزو العراقي الغاشم، وغيره كثير من الأحزاب الإسلامية واليسارية والقومية إضافة إلى كثير من الأنظمة العربية آنذاك، فهو موقف مرفوض ومستنكر من كل الكويتيين، ولا مجال للمزايدة فيه، لكن علينا فقط أن نستذكر أن القيادة السياسية الكويتية الحالية والسابقة دعت كثيرا من رؤساء الدول التي وقفت موقفا سلبيا من الحق الكويتي، وهذا لا يعني أن القيادة السياسية نست مواقف تلك القيادات والدول، لكننا نضعها في باب المصلحة السياسية والحيوية الاستراتيجية، ولو كانت القيادة السياسية تريد الوقوف عند عام 1990 لكانت الكويت لديها علاقات فقط مع 12 دولة عربية، فهناك قضايا مستجدة وملفات متسارعة تستوجب التنسيق والتحاور مع مختلف الدول (نقول الدول وليس الأشخاص) خاصة في القضايا العربية والإسلامية التي تتطلب تعاونا وتنسيقا عاليا».
ومضى يقول: «تكرر مرارا أن يدعو رئيس مجلس الأمة أو يلتقي برؤساء برلمانات لديه اختلافات جوهرية معهم، ولديهم في الماضي مواقف لا يتفق الرئيس الغانم بصفته رئيس برلمان كويتي معها بتاتا، ومنها مثلا ما يتعلق بقضية الشعب الفلسطيني والقدس الشريف أو قضايا الأقليات المسلمة أو لديهم خلافات وعداءات مع دول شقيقة للكويت، لكن هذا لم يمنع معاليه من الالتقاء بهم وتوضيح وجهة نظر الكويت، فالرئيس من ناحية المبدأ لا يلتقي فقط بمن يتفق معهم، بل يلتقي مرارا وتكرارا بهؤلاء الذين يختلف معهم، هذا هو جوهر العمل السياسي، أن تضع مصلحة الكويت ومصالح الأمة نصب عينيك وأنت تتحرك».
وقال: «بما أن الدعوة المذكورة قديمة ويرجع تاريخها إلى فبراير الماضي، فإنه من نافل القول التأكيد على أن الفترة الحالية والمستقبل المنظور ليست فترة مناسبة لاستقبال أي مسؤول، إضافة إلى أن الدعوات البروتوكولية الأولية دائما تخضع لمراجعات تتعلق بالتوقيت والظرف المناسب والسياقات السياسية وغيرها من أمور واعتبارات ومراجعات».