استمرار تسريح العمال في أميركا رغم بدء التعافي الاقتصادي

صندوق النقد الدولي يرى أن الإغلاقات المفروضة طالت عن المتوقع في أرجاء الولايات

لوحة آخر يوم عمل معلّقة على واجهة أحد المتاجر في نيويورك كنتيجة لتداعيات أزمة «كورونا» (إ.ب.أ)
لوحة آخر يوم عمل معلّقة على واجهة أحد المتاجر في نيويورك كنتيجة لتداعيات أزمة «كورونا» (إ.ب.أ)
TT

استمرار تسريح العمال في أميركا رغم بدء التعافي الاقتصادي

لوحة آخر يوم عمل معلّقة على واجهة أحد المتاجر في نيويورك كنتيجة لتداعيات أزمة «كورونا» (إ.ب.أ)
لوحة آخر يوم عمل معلّقة على واجهة أحد المتاجر في نيويورك كنتيجة لتداعيات أزمة «كورونا» (إ.ب.أ)

في وقت يرى فيه صندوق النقد أن الإغلاق الاقتصادي طال عن المتوقع في أرجاء الولايات، ما زال تسريح العمال مستمراً في معظم الولايات بسبب الفيروس التاجي رغم بدء التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة، حيث أظهرت أرقام وزارة العمل الأميركية الخميس الماضي، أن مطالبات إعانة البطالة بلغت 1.51 مليون مطلع الأسبوع بانخفاض طفيف عن مطالبات الأسبوع الذي يسبقه، والتي بلغت 1.57 مليون طلب.
ومع بدء تخفيف إجراءات الإغلاق التي فرضها معظم الولايات بسبب الفيروس التاجي، بدأ الاقتصاد الأميركي ينتعش بوتيرة أسرع مما توقع الكثير، حيث تراجع معدل البطالة في مايو (أيار) إلى ما دون 14%، وارتفعت الرواتب في الشركات في نفس الشهر، وارتفع إنفاق المستهلكين على السيارات ووجبات المطاعم بنسب أكبر مما كان متوقعاً. لكن استمرار تسريح العمال ما زال يشكّل مصدر قلق للاقتصاديين، ويضيف شيئاً من عدم اليقين إلى مستقبل الاقتصاد الأميركي، وشكل التعافي.
بلغت المطالبات المستمرة لإعانات البطالة، التي تحسب الأشخاص الذين تقدموا للحصول على إعانات لمدة أسبوعين على الأقل، 20.5 مليون شخص، بانخفاض طفيف عن 20.6 مليون، في الأسبوع السابق. ويتخوف الخبراء من أن ذلك قد يكون إشارة على تعافي سوق العمل بشكل أبطأ بكثير مما كان متوقعاً. وسوف تتوقف سرعة تعافي سوق العمل على حجم الدعم الفيدرالي للشركات والأعمال الصغيرة والمتوسطة، هذا مع افتراض السيطرة على عدوى الفيروس.
علاوة على إعانات البطالة المنتظمة، قدم ما يقرب من 2.3 مليون شخص مطالبات لأول مرة للحصول على مساعدة البطالة من الوباء على مدى الأسابيع الثلاثة الماضية. كما تقدم ما يقرب من 1.1 مليون شخص، في 35 ولاية، على إعانات البطالة طارئة بسبب الوبائية، خلال الأسبوع الماضي، وهو أكثر من ضعف عدد المتقدمين في الأسبوع الذي يسبقه. بصورة إجمالية، يطالب أكثر من 29 مليون أميركي بإعانات البطالة التي يتم تمويلها من الحكومة الفيدرالية أو الولايات.
ويتوقع رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، عودة قوية للعمال إلى وظائفهم خلال الأسابيع المقبلة. وقال في شهادته أمام الكونغرس التي استمرت يومين: «نتوقع أن نرى أعداداً كبيرة من الأشخاص خلال هذه الفترة يعودون إلى العمل - نسميها الارتداد أو بداية الانتعاش، ثم نفكر، وأعتقد أن معظم المتنبئين، إن لم يكن جميعهم يعتقدون، أن ذلك سيجعلنا أقل بكثير مما كنا عليه في فبراير (شباط)».
وطالب باول أعضاء الكونغرس بضرورة تمديد برنامج إعانات البطالة الذي يقدم 600 دولار أسبوعياً للعاملين الذين تم تسريحهم بسبب الفيروس التاجي. وأضاف أنه مع بدأ تعافى الاقتصاد من أسوأ أزمة اقتصادية، تستمر الحاجة إلى مزيد من المساعدات المالية من الكونغرس حتى يتمكن الاقتصاد من الخروج من عنق الزجاجة.
وقال باول في شهادته: «نحن في بنك الاحتياطي الفيدرالي نحتاج إلى إبقاء أقدامنا على الغاز حتى نتأكد حقاً من أننا نمر بهذا، وهذه نيتنا، وأعتقد أنكم قد تجدون أن هناك المزيد لنقوم به أيضاً. سيكون مقلقاً إذا تراجع الكونغرس عن الدعم الذي يقدمه بسرعة كبيرة».
منذ بداية الأزمة، خصص الكونغرس ما يقرب من 3 تريليونات دولار لمساعدة الشركات والأفراد الذين تأثروا بالإغلاق الناتج عن الفيروس التاجي. وضخ البنك المركزي تريليونات الدولارات من الائتمان في الاقتصاد لتخفيفه من تداعيات الوباء.
وكان صندوق النقد الدولي قد قال أول من أمس، إن الإغلاقات الشاملة المفروضة في الولايات المتحدة طالت فعلياً عن المتوقع، رغم تخفيف بعض القيود على الحركة، مما يشير إلى انكماش أعمق من المتوقع للناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني من السنة.
وأوضح مدير إدارة التواصل المتحدث باسم صندوق النقد الدولي جيري رايس، خلال إيجاز دوري عبر الإنترنت أن التفاصيل ستصدر عندما يعلن صندوق النقد توقعاته المحدّثة للاقتصاد العالمي في 24 الشهر الجاري. وأضاف المسؤول أيضاً أن الاقتصاد الصيني يكسب زخماً، إذ تُظهر البيانات تعافياً أقوى من المتوقع في الاستثمار والخدمات على مدى مايو الماضي، لكن المخاطر تظل قائمة.


مقالات ذات صلة

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

الولايات المتحدة​ حاكم ولاية تكساس غريغ أبوت يتحدث خلال فعالية (رويترز-أرشيفية)

حاكم تكساس الأميركية يأمر أجهزة الولاية بوقف الاستثمار في الصين

أمر حاكم ولاية تكساس الأميركية الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري غريغ أبوت، الأجهزة المعنية بوقف استثمار أموال الولاية في الصين، وبيع هذه الاستثمارات في أقرب فرصة.

«الشرق الأوسط» (أوستن (تكساس))
الاقتصاد إعلان توظيف على نافذة مطعم «شيبوتل» في نيويورك (رويترز)

الطلبات الأسبوعية لإعانات البطالة الأميركية تنخفض على غير المتوقع

انخفض، الأسبوع الماضي، على غير المتوقع عدد الأميركيين الذين تقدموا بطلبات جديدة للحصول على إعانات بطالة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

مقترحات ترمب الاقتصادية تعيد تشكيل سياسة «الفيدرالي» بشأن الفائدة

قبل بضعة أسابيع، كان المسار المتوقع لبنك الاحتياطي الفيدرالي واضحاً. فمع تباطؤ التضخم وإضعاف سوق العمل، بدا أن البنك المركزي على المسار الصحيح لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد غوتام أداني وزوجته يرفعان إصبعيهما الملطخ بالحبر بعد الإدلاء بصوتيهما في أحمد آباد في 7 مايو 2024 (رويترز)

الملياردير الهندي غوتام أداني متهم في الولايات المتحدة بالرشوة

وجهت النيابة الفيدرالية في نيويورك اتهامات إلى الملياردير الهندي غوتام أداني بشأن مخطط مزعوم استمر لسنوات طويلة لرشوة مسؤولين هنود.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تعرض شعار شركة «غلوبال فاوندريز» خلال طرحها للاكتتاب العام في «ناسداك ماركتسايت» (رويترز)

أميركا تمنح «غلوبال فاوندريز» 1.5 مليار دولار لتوسيع إنتاج أشباه الموصلات

أعلنت وزارة التجارة الأميركية، الأربعاء، عن إتمام تخصيص منحة حكومية بقيمة 1.5 مليار دولار لشركة «غلوبال فاوندريز» لدعم توسيع إنتاج أشباه الموصلات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اليابان تدرس رفع الحد الأدنى لضريبة الدخل ضمن حزمة التحفيز

مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
TT

اليابان تدرس رفع الحد الأدنى لضريبة الدخل ضمن حزمة التحفيز

مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)
مشاة يعبرون طريقاً في منطقة تجارية وسط العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ب)

قالت الحكومة اليابانية إنها ستدرس رفع الحد الأدنى الأساسي للدخل المعفى من الضرائب في إطار تخفيضات ضريبية دائمة فعالة تصل قيمتها إلى 51 مليار دولار، وهي الخطوة التي قد تساعد أيضاً في تخفيف القيود المفروضة على العاملين بدوام جزئي وسط تفاقم نقص العمالة.

وتأتي خطة الحكومة، التي وردت في حزمة تحفيز اقتصادي بقيمة 39 تريليون ين (253 مليار دولار) أُعلن عنها يوم الجمعة، بعد أن رضخت الحكومة الائتلافية لضغط من جانب حزب معارض رئيسي يعتبر تعاونه حاسماً لبقاء الحكومة الائتلافية في السلطة.

وإذا تم رفع عتبة ضريبة الدخل من 1.03 مليون ين (6674 دولاراً) سنوياً إلى 1.78 مليون ين كما طالب حزب المعارضة الديمقراطي من أجل الشعب، فإن عائدات الضرائب ستنخفض بمقدار 7 تريليونات ين (45.36 مليار دولار) إلى 8 تريليونات ين، وفقاً لتقديرات الحكومة. وبينما لم تتم مناقشة مستوى العتبة الجديد بعد، يقول صناع السياسات إن الزيادة الكاملة إلى 1.78 مليون ين غير مرجحة.

ويزعم حزب الشعب الديمقراطي أن 1.03 مليون ين كانت أيضاً بمثابة تقييد للعاملين بدوام جزئي من الطلاب؛ حيث يفقد آباؤهم معاملة خصم الضرائب إذا كان أطفالهم القاصرون المعالون يكسبون أكثر من المستوى... ويقدر معهد «دايوا» للأبحاث أن نحو 610 آلاف طالب يحدون حالياً طواعية من ساعات عملهم لتجنب الوصول إلى العتبة.

وبحسب تقديرات «دايوا»، فإن زيادة عتبة الاستقطاع إلى 1.8 مليون ين من شأنها أن تعزز المعروض من العمالة بنحو 330 مليون ساعة، وتعويضات العمال بنحو 456 مليار ين، وزيادة الاستهلاك الخاص بنحو 319 مليار ين.

لكن المنتقدين متشككون في التأثير على المعروض من العمالة، مشيرين إلى وجود حواجز دخل أخرى تمنع العاملين بدوام جزئي من العمل لفترة أطول. كما أن رفع عتبة ضريبة الدخل من شأنه أن يجعل اليابان حالة شاذة بين الدول المتقدمة التي ألغت في الغالب التحفيز.

وقال سايسوكي ساكاي، كبير الاقتصاديين في شركة ميزوهو للأبحاث والتكنولوجيا: «هذه في الواقع سياسة توزيع متخفية في هيئة قضية عمالية». وأضاف أن «هدف اليابان المتمثل في تحقيق فائض في الميزانية الأولية في السنة المالية المقبلة سيكون مستحيلاً تماماً. وفي ظل عدم اهتمام أي شخص بالانضباط المالي، فإن المخاوف بشأن ديون اليابان قد تشتد بين المستثمرين».

وفي حزمة التحفيز، ستنفق الحكومة 13.9 تريليون ين من حسابها العام لتمويل التدابير الرامية إلى التخفيف من تأثير ارتفاع الأسعار على الأسر. وسيتحول التركيز الآن إلى كيفية تمويل الميزانية.

وقال بنك «جي بي مورغان» في تقرير للعملاء، إنه يتوقع نحو 10 تريليونات ين في سندات حكومية جديدة إضافية لأحدث حزمة تمويل.

ومع ذلك، فإن التوقعات بشأن الميزانية للسنة المالية المقبلة اعتباراً من أبريل (نيسان) أصبحت غير واضحة؛ حيث ستؤثر نتائج المناقشات حول مراجعة الضرائب على عائدات الضرائب لهذا العام.

وفي مؤتمر صحافي، رفض وزير المالية كاتسونوبو كاتو التعليق على ما إذا كان هدف الحكومة المتمثل في تحقيق فائض الميزانية الأولية العام المقبل يمكن تحقيقه، قائلاً إنه ستكون هناك عوامل متعددة في الحسبان.

وبرز إصلاح المالية العامة الممزقة بوصفه مهمة أكثر إلحاحاً بالنسبة لليابان مع تحرك بنكها المركزي للخروج من سنوات من السياسة النقدية شديدة التيسير، التي أبقت تكاليف الاقتراض منخفضة للغاية... ويبلغ الدين العام لليابان أكثر من ضعف حجم اقتصادها، وهو الأكبر بين الاقتصادات الصناعية.

وفي الأسواق، أغلق المؤشر «نيكي» الياباني مرتفعاً، يوم الجمعة، بعد خسائر لجلستين متتاليتين، إذ صعدت أسهم الشركات المرتبطة بالرقائق الإلكترونية مقتفية أثر شركة «إنفيديا» العملاقة لرقائق الذكاء الاصطناعي.

وارتفع المؤشر «نيكي» 0.68 في المائة ليغلق عند 38283.85 نقطة، لكنه انخفض 1.6 في المائة خلال الأسبوع. وتقدم المؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً 0.51 في المائة إلى 2696.53 نقطة، لكنه تكبّد خسارة أسبوعية 1.06 في المائة.

وقال ناوكي فوجيوارا، المدير العام في شركة «شينكين» لإدارة الأصول: «رفعت مكاسب (إنفيديا) المعنويات وأعاد المستثمرون شراء الأسهم اليابانية».