واشنطن تؤيد قراراً أوروبياً لتفتيش مواقع نووية إيرانية

طهران عدت المعلومات الاستخباراتية «غير ملزمة»

صورة نشرها موقع وكالة «الطاقة الدولية» من اجتماعات أقيمت عبر الفيديو بسبب جائحة «كورونا» أمس
صورة نشرها موقع وكالة «الطاقة الدولية» من اجتماعات أقيمت عبر الفيديو بسبب جائحة «كورونا» أمس
TT

واشنطن تؤيد قراراً أوروبياً لتفتيش مواقع نووية إيرانية

صورة نشرها موقع وكالة «الطاقة الدولية» من اجتماعات أقيمت عبر الفيديو بسبب جائحة «كورونا» أمس
صورة نشرها موقع وكالة «الطاقة الدولية» من اجتماعات أقيمت عبر الفيديو بسبب جائحة «كورونا» أمس

أعلنت الولايات المتحدة الأميركية تأييدها لقرار أوروبي يحمل الوكالة الدولية للطاقة الذرية بممارسة ضغوط على إيران في عمليات التفتيش والتحقق من مواقع يتشبه بوجود أنشطة إيران غير معلنه فيها، وفي المقابل، حذرت إيران من أن معلومات أساسها «عمليات سرية واستخبارية تتعارض مع النظام الأساسي للوكالة وغير ملزمة للدول».
وأبدت مندوبة الولايات المتحدة بالوكالة الدولية للطاقة الذرية، جاكي ولكوت، في كلمة عبر الفيديو، تأييد بلادها لمشروع قرار من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا لحمل مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابع للأمم المتحدة على الضغط على إيران هذا الأسبوع للتعاون على نحو كامل وفوري للسماح لمفتشي الوكالة بدخول مواقع ترفض طهران حتى الآن السماح لهم بزيارتها.
ووصفت ولكوت القرار بأنه «رد متعادل ومنصف على تراجع إيران من الوفاء بالتزاماتها القانونية وفق معاهدة حظر الانتشار والبروتوكول الإضافي». كما شددت على ضرورة الاتفاق بين أعضاء مجلس الحكام على موقف موحد يجبر إيران على الالتزام بمعاهدة الضمان الموقعة بين إيران والوكالة والرد على التساؤلات.
وقال المدير العام للوكالة الدولية، رفاييل غروسي الاثنين إن الوكالة تطلب منذ أربعة أشهر السماح لفرق التفتيش الدولية بزيارة مواقع تشوبها اتهامات بأنشطة نووية غير معلنة.
ووصفت المندوبة الأميركية الوضع العالق بين الوكالة وإيران بـ«سيناريو غير مسبوق» لدولة ترفض السماح بدخول مفتشي الوكالة لمواقع يطلبون تفتيشها, رغم أن الدولة هذه موقعة على البروتوكول الإضافي الذي يخول عمليات تفتيش فجائي لأي موقع ومتى قررت الوكالة.
وفي بيانها قالت السفيرة موجهة حديثها لمن وصفتهم بالساعين لحل دبلوماسي شامل ومستقر لقضية الملف النووي الإيراني, إن «الحل يتمثل في ضرورة إيفاء إيران إيفاء كاملا غير مشروط أو انتقاء للالتزامات المتعلقة باتفاقات الضمان بموجب معاهدة اتفاقية الحد من انتشار الأسلحة النووية والبروتوكول الإضافي»، مشددة على أن مجلس الحكام، «لا يمكنه النظر في اتجاه يسمح لإيران أو أي دولة أخرى بإملاء نوع الامتثال الذي ترغبه، ما دام أن تلك الدولة موقعة على اتفاقات الضمان كافة».
وسردت ولكوت في بيانها تفاصيل تقنية دقيقة عن الأسباب التي تراها بلادها دافعا للضغط على إيران حتى تسمح للوكالة بزيارة ثلاثة مواقع، ودون تأخير ومماطلة للتحقق عن مكان وجود مواد نووية غير معلنة سابقة.
في الجهة الأخرى، قال السفير الإيراني لدى الوكالة الدولية، كاظم غريب آبادي، تستند طلبات الوكالة إلى «معلومات غير موثوقة ومزاعم».
وقال غريب آبادي في كلمته بمجلس حكام الوكالة إن «المعلومات قائمة إلى عملية سرية أو أنشطة استخباراتية تتعارض مع النظام الأساسي للوكالة ولا يشكل التزاما للأعضاء».
وفي بداية كلمته أعرب المسؤول الإيراني عن مخاوف من احتمال تعرض المعلومات السرية في اجتماع مجلس الوكالة لـ«التنصت».
وقال إن «الخبراء التقنيين يحذرون من أن إقامة الاجتماع عبر الإنترنت، لا يمكن التحكم بمن يسمع أو يقوم بتسجيل أو تسريب المعلومات السرية». وحمل الأمانة العامة لمجلس الوكالة الدولية مسؤولية أي تسريب للمعلومات السرية، مطالبا المجلس باتخاذ الإجراءات المطلوبة لحفاظ سرية المعلومات. وأفاد غريب آبادي بأن بلاده خصعت لـ432 تفتيش في 2019 ما يعادل 20 في المائة من مجموع عمليات التفتيش التي قامت بها الوكالة الدولية، حسب المسؤول الإيراني.
وأضاف في نفس السياق أن إيران «وفرت لوكالة 33 مرة للوصول لمواقعها النووي وهو ما يمثل 73 في المائة من إجمالي عمليات الوصول التكميلية للوكالة بين الدول الموقعة على اتفاقية الضمان الشامل والبروتوكول الإضافي».
ودافع غريب آبادي عن مستوى تعاون بلاده مع الوكالة الدولية، ضمن اتفاقيات الضمان، ورغم إقرار السفير الإيراني بدور الوكالة في عمليات التفتيش والمطالبة بالشفافية حول الأنشطة النووية وفقا لمهام المنظمة الدولية، غير أنه طالب بالحصول علي مستندات موثوقة وأدلة من جانب الوكالة الدولية، للوصول للمواقع المذكورة. ولفت غريب آبادي إلى أن بلاده أبدت مخاوف جدية بشأن انطلاق عملية لا نهائية من التحقق وفق «المزاعم الكاذبة».
وأعرب غريب آبادي عن أسفه من تقرير المدير العام للوكالة الدولية الاثنين الماضي، مشيرا إلى أن طهران أعلنت استعدادها لحل المشكلات مع الوكالة.
وكانت إيران قد أعلنت الأسبوع الماضي، أنها أبلغت الوكالة الدولية استعدادها لحل جميع المشكلات، وذلك عقب تسريبات نشرتها وكالات دولية من تقرير المدير العام لوكالة الطاقة الدولية، من الملف الإيراني.



لماذا يريد ترمب غرينلاند وهل يمكنه الحصول عليها؟

علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
TT

لماذا يريد ترمب غرينلاند وهل يمكنه الحصول عليها؟

علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)
علم غرينلاند يرفرف في مستوطنة إيغاليكو (رويترز)

قال الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إنه يريد أن يجعل غرينلاند جزءا من الولايات المتحدة وإنه لا يستبعد استخدام القوة العسكرية أو الاقتصادية لإجبار الدنمرك على منحها لواشنطن.

* لماذا يريد ترمب غرينلاند؟

ربما تكون سيطرة الولايات المتحدة بصورة أكبر على غرينلاند مفيدة لواشنطن بسبب موقعها الاستراتيجي ومواردها، فهي تقع على أقصر طريق من أوروبا إلى أميركا الشمالية، وهي بذلك مهمة للنظام الأميركي للتحذير من الصواريخ الباليستية. وعبرت الولايات المتحدة عن اهتمامها بتوسيع وجودها العسكري عبر أمور منها وضع رادارات هناك لمراقبة المياه بين الجزيرة وأيسلندا وبريطانيا، إذ تعد تلك المياه بوابة للسفن البحرية والغواصات النووية الروسية.

وتتميز الجزيرة بثرواتها من المعادن والنفط والغاز الطبيعي، إلا أن التنمية فيها بطيئة. وتبعد نوك عاصمة غرينلاند عن نيويورك مسافة أقل مما تبعد عن العاصمة الدنمركية كوبنهاجن. وأظهر مسح أجري في 2023 أن 25 من أصل 34 معدنا تعتبرها المفوضية الأوروبية من «المواد الخام الأساسية» تسنى العثور عليها في غرينلاند. وتشمل هذه المعادن المواد المستخدمة في البطاريات مثل الغرافيت والليثيوم وما تسمى بالعناصر الأرضية النادرة المستخدمة في المركبات الكهربائية ومولدات طاقة الرياح.

وتحظر غرينلاند استخراج النفط والغاز الطبيعي لأسباب بيئية، كما واجه تطوير قطاع التعدين فيها عراقيل بسبب البيروقراطية ومعارضة السكان الأصليين. وأدى هذا إلى اعتماد اقتصاد غرينلاند على الصيد الذي يمثل أكثر من 95 بالمئة من الصادرات، وعلى الإعانات السنوية من الدنمرك والتي تغطي ما يقرب من نصف الميزانية العامة. وتنفق الدنمرك في المجمل ما يقل قليلا عن مليار دولار سنويا على غرينلاند، أو 17500 دولار سنويا لكل فرد من سكانها البالغ عددهم 57 ألفا.

* ما الوجود الأميركي في غرينلاند الآن؟

للجيش الأميركي وجود دائم في قاعدة بيتوفيك الجوية في شمال غرب غرينلاند. ونص اتفاق عام 1951 بين الولايات المتحدة والدنمرك على حق واشنطن في بناء قواعد عسكرية في غرينلاند وحرية نقل قواتها على أراضيها ما دامت أخطرت الدنمرك وغرينلاند.

وقال كريستيان سوبي كريستنسن الباحث الكبير في مركز الدراسات العسكرية بجامعة كوبنهاجن إن الدنمرك استضافت تاريخيا الجيش الأميركي في غرينلاند لأن كوبنهاجن لا تملك القدرة على الدفاع عن الجزيرة الشاسعة بنفسها، وكذلك بسبب الضمانات الأمنية الأميركية المقدمة للدنمرك من خلال حلف شمال الأطلسي.

* ما وضع غرينلاند الآن؟

تخضع غرينلاند لسيطرة الدنمرك منذ قرون، في السابق كمستعمرة والآن كإقليم شبه مستقل تحت مملكة الدنمرك. وتخضع للدستور الدنمركي، ما يعني أن أي تغيير في وضعها القانوني يتطلب تعديلا دستوريا. وفي عام 2009، مُنحت الجزيرة حكما ذاتيا واسع النطاق يشمل الحق في إعلان الاستقلال عن الدنمرك عبر استفتاء. ودأب ميوتي إيجيدي رئيس وزراء غرينلاند الذي كثف جهوده من أجل الاستقلال على قول إن الجزيرة ليست للبيع وأن الأمر متروك لشعبها لتقرير مستقبله.

وقبل عقود، سعت الولايات المتحدة في عهد الرئيس هاري ترومان آنذاك إلى شراء الجزيرة كأصل استراتيجي أثناء الحرب الباردة مقابل 100 مليون دولار في صورة ذهب، لكن كوبنهاجن رفضت البيع. وعرض ترمب شراءها خلال ولايته الأولى في عام 2019 لكن غرينلاند والدنمرك رفضتا العرض.

* ماذا تريد غرينلاند؟

توترت العلاقات بين غرينلاند والدنمرك بعد الكشف عن انتهاكات تاريخية وقعت في غرينلاند أثناء فترة الاستعمار. وتدعم غالبية سكان غرينلاند الاستقلال، لكنهم منقسمون على توقيت ذلك وتأثيره المحتمل على مستويات المعيشة.

ودأب الساسة في غرينلاند منذ عام 2019 على قول إنهم مهتمون بتعزيز التعاون والتجارة مع الولايات المتحدة. وعلى الرغم من هذا، قالت آيا كمنتس، العضو البرلمان الدنمركي عن غرينلاند، إن فكرة استيلاء الولايات المتحدة على الجزيرة يجب رفضها بشدة. وكتبت «لا أريد أن أكون أداة لتحقيق أحلام ترمب المحمومة بتوسيع إمبراطوريته لتشمل بلادنا».

* ماذا لو أصبحت غرينلاند مستقلة؟

إذا أصبحت غرينلاند مستقلة، فقد تختار الارتباط بالولايات المتحدة بطرق لا تصل إلى حد أن تصبح أرضا أميركية. وعلى الرغم من رغبة سكان غرينلاند في الاستقلال، فإنهم يدركون جيدا اعتمادهم الاقتصادي على الدنمرك. وقد يكون أحد الخيارات هو تشكيل ما يسمى «الارتباط الحر» مع الولايات المتحدة الذي من شأنه أن يستبدل بالإعانات الدنمركية دعما وحماية أميركية في مقابل الحقوق العسكرية على غرار وضع جزر مارشال وميكرونيزيا وبالاو، وهي دول جزرية تقع في المحيط الهادي.

وقال أولريك برام جاد الباحث الكبير والمختص في شؤون غرينلاند «تتحدث غرينلاند عن الاستقلال عن الدنمرك، لكن لا أحد من سكان غرينلاند يريد الانتقال إلى مستعمر جديد فحسب». وأضاف أن سكان غرينلاند ربما يستهدفون ضمان رفاههم في المستقبل قبل أي تصويت على الاستقلال.

* ماذا تقول الدنمرك؟

رفضت الدنمرك بشدة عرض ترمب شراء الجزيرة في عام 2019 ووصفته رئيسة الوزراء مته فريدريكسن بأنه «سخيف». وعندما سُئلت عن تجديد ترمب اهتمامه هذا الأسبوع، قالت فريدريكسن «نحن بحاجة إلى تعاون وثيق للغاية مع الأميركيين».

وأضافت «من ناحية أخرى، أود أن أشجع الجميع على احترام حقيقة أن سكان غرينلاند هم شعب، وهي بلدهم، وأن غرينلاند وحدها هي القادرة على تحديد مستقبلها وتقرير مصيرها».