«الوجه الإيجابي» للفيروسات... اختفاؤها قد يسبب كوارث تفوق أضرارها

صورة توضح شكل فيروس كورونا المستجد (أرشيف - رويترز)
صورة توضح شكل فيروس كورونا المستجد (أرشيف - رويترز)
TT

«الوجه الإيجابي» للفيروسات... اختفاؤها قد يسبب كوارث تفوق أضرارها

صورة توضح شكل فيروس كورونا المستجد (أرشيف - رويترز)
صورة توضح شكل فيروس كورونا المستجد (أرشيف - رويترز)

يظن كثيرون أن الفيروسات موجودة فقط لإحداث دمار في المجتمع وجلب المعاناة للبشرية. فقد أودت الفيروسات على مدى آلاف السنين بحياة ملايين الأشخاص، كما حدث مع وباء الإنفلونزا الإسبانية عام 1918 الذي أودى بحياة 50 إلى 100 مليون شخص، وكذلك الجدري الذي تسبب في موت نحو 200 مليون شخص في القرن العشرين وحده.
هذا بالإضافة إلى فيروس كورونا المستجد الذي تسبب في موت ما لا يقل عن 450 ألف شخص وإصابة أكثر من 8.4 مليون إصابة حول العالم منذ ظهوره في الصين في ديسمبر (كانون الأول).
وبحسب شبكة «بي بي سي» البريطانية، فرغم أن أغلب الأشخاص يتمنون زوال جميع الفيروسات من العالم، فإن اختفاءها يمكن أن يتسبب في كوارث أكثر فتكاً من أي فيروس، وفقاً لآراء علماء الأوبئة والفيروسات.
وقال توني غولدبيرغ، عالم الأوبئة في جامعة ويسكونسن – ماديسون الأميركية: «إذا اختفت جميع الفيروسات فجأة، فسيكون العالم مكاناً رائعاً لمدة يوم ونصف تقريباً، ثم سنموت جميعاً. الفيروسات تقوم بدور أساسي في العالم يفوق الأضرار التي تتسبب بها».
وأضاف غولدبيرغ: «ما نعرفه هو أن العاثيات (الفيروسات التي تصيب البكتيريا) مهمة للغاية في عالمنا. سنكون في ورطة شديدة من دونها، فهذه الفيروسات يوجد منها المليارات في أمعاء الإنسان وهي تساعد جسمه في مكافحة البكتريا الضارة». وتابع أن العاثيات هي المنظم الرئيسي للعديد من النظم البيئية على هذا الكوكب، وأهمها المحيطات، فهي تقتل نحو 20 في المائة من جميع الميكروبات ونحو 50 في المائة من جميع البكتيريا الموجودة بالمحيط كل يوم، واستطرد: «إذا اختفت الفيروسات فجأة، فمن المحتمل أن تنفجر بعض المجموعات البكتيرية، مما قد يتسبب في كوارث هائلة للإنسان والبيئة».
من ناحيته، علق كيرتس ساتل، عالم الفيروسات البيئية بجامعة كولومبيا البريطانية على هذا الأمر قائلاً: «من خلال التخلص من الميكروبات بالمحيطات، تضمن الفيروسات أن العوالق المنتجة للأكسجين لديها ما يكفي من العناصر الغذائية لإجراء معدلات عالية من التمثيل الضوئي، مما يؤدي في نهاية المطاف إلى الحفاظ على الكثير من الحياة على الأرض. إذا لم يكن لدينا موت، فلن تكون لدينا حياة، لأن الحياة تعتمد بالكامل على إعادة تدوير المواد. الفيروسات مهمة للغاية فيما يخص إعادة التدوير».
وأضاف ساتل: «إذا اختفت الفيروسات سنفقد بسرعة الكثير من التنوع البيولوجي على كوكب الأرض».
ومن جهتها، أكدت سوزانا لوبيز تشاريتون، عالمة الفيروسات بالجامعة الوطنية المستقلة في المكسيك إن هناك الكثير من الفيروسات تلعب أدواراً أساسية في دعم النظم البيئية وتحافظ على صحة الكائنات من الفطريات والنباتات إلى الحشرات والبشر، وأضافت: «الفيروسات جزء لا يتجزأ من بقائنا».
وأشارت مارلين روزين، عالمة الفيروسات البيئية في جامعة ولاية بنسلفانيا إلى أن الفيروسات ضرورية للتحكم في عملية تكاثر الآفات والحشرات. وأوضحت قائلة: «إذا تكاثر نوع معين من الآفات أو الحشرات بشكل مفرط فإن الفيروسات تنتقل إليه وتقضي على نسبة كبيرة منه. إنه جزء طبيعي جداً من النظم البيئية».
وتعتمد بعض الكائنات الحية أيضاً على الفيروسات من أجل البقاء. فيشتبه العلماء، على سبيل المثال، في أن الفيروسات تلعب أدواراً مهمة في مساعدة الأبقار في تحويل السليلوز الموجود في العشب إلى سكريات يمكن تحويلها في النهاية إلى حليب.
كما أشار العلماء إلى الفيروسات تساعد النباتات على النمو في تربة ساخنة. ففي إحدى الدراسات، قام الباحثون بفحص فطر يستوطن عشباً معيناً في منتزه يلوستون الوطني بأميركا ووجدوا أن الفيروس الذي يصيب هذا الفطر يسمح للعشب أن يتحمل درجات حرارة الأرض العالية.
وفي دراسة أخرى، وجد الباحثون أن الفيروس الذي يمر عبر بذور الفلفل الحار (الهالابينو) يساعدها على ردع حشرات المن التي تتغذى عليها. وأشار الباحثون إلى أن حشرات المن تنجذب إلى النباتات التي لا تحتوي على الفيروسات.
ومن جهة أخرى، يمكن أن تساعد العدوى ببعض الفيروسات الحميدة في درء بعض مسببات الأمراض بين البشر.
فعلى سبيل المثال، وجد العلماء أن فيروس GB (التهاب الكبد الفيروسي G)، وهو فيروس بشري شائع، يساعد في الحد من تطور مرض الإيدز لدى المصابين به. كما أنه يجعل الأشخاص المصابين بفيروس الإيبولا أقل عرضة للوفاة.
بالإضافة إلى ذلك، أكدت الدراسات أن فيروس الهربس يجعل الأشخاص أقل عرضة للإصابة بالطاعون الدبلي والليستيريا (وهو نوع شائع من التسمم الغذائي).
وقد استخدمت العاثيات لأكثر من 90 عاماً كبديل للمضادات الحيوية في الاتحاد السوفياتي السابق وفي أوروبا الشرقية وفرنسا كما نظر إليها كعلاج محتمل للبكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.
وأكد بعض الباحثين أن هناك فيروسات تصيب الخلايا السرطانية بشكل انتقائي وتدمرها، مشيرين إلى أنهم يدرسون إمكانية استخدام هذه الفيروسات كعلاج فعال للمرض الخبيث.
وعلق غولدبيرغ على هذا الأمر قائلاً: «نحن بحاجة إلى الفيروسات لتطوير جهود البحث التي ستقودنا إلى الجيل القادم من العلاجات».


مقالات ذات صلة

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك امرأة تعاني من «كورونا طويل الأمد» في فلوريدا (رويترز)

دراسة: العلاج النفسي هو الوسيلة الوحيدة للتصدي لـ«كورونا طويل الأمد»

أكدت دراسة كندية أن «كورونا طويل الأمد» لا يمكن علاجه بنجاح إلا بتلقي علاج نفسي.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا)
صحتك «كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

«كوفيد طويل الأمد»: حوار طبي حول أحدث التطورات

يؤثر على 6 : 11 % من المرضى

ماثيو سولان (كمبردج (ولاية ماساشوستس الأميركية))

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
TT

احتفاء مصري بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ

فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)
فعاليات متعددة في الاحتفال بذكرى ميلاد محفوظ (متحف محفوظ على فيسبوك)

احتفت مصر بالذكرى الـ113 لميلاد «أديب نوبل» نجيب محفوظ، عبر فعاليات متنوعة في متحفه وسط القاهرة التاريخية، تضمّنت ندوات وقراءات في أعماله وسيرتيه الأدبية والذاتية، واستعادة لأعماله الروائية وأصدائها في السينما والدراما.

وأعلن «متحف نجيب محفوظ» التابع لصندوق التنمية الثقافية في وزارة الثقافة، أن الاحتفال بـ«أديب نوبل» يتضمّن ندوة عن إبداعاته ومسيرته، يُشارك فيها النّقاد، إبراهيم عبد العزيز، ومحمد الشاذلي، والدكتور محمود الشنواني، والدكتور تامر فايز، ويديرها الدكتور مصطفى القزاز. بالإضافة إلى افتتاح معرض كاريكاتير عن نجيب محفوظ، وشاعر الهند الشهير رابندراناث طاغور، ومعرض لبيع كتب نجيب محفوظ.

وأوضح الكاتب الصحافي والناقد محمد الشاذلي أن «الاحتفالية التي أقامها (متحف نجيب محفوظ) في ذكرى ميلاده الـ113 كانت ممتازة، وحضرها عددٌ كبير من المهتمين بأدبه، وضمّت كثيراً من المحاور المهمة، وكان التركيز فيها على السيرة الذاتية لنجيب محفوظ».

«متحف نجيب محفوظ» احتفل بذكرى ميلاده (صفحة المتحف على فيسبوك)

ولد نجيب محفوظ في حيّ الجمالية بالقاهرة التاريخية في 11 ديسمبر (كانون الأول) عام 1911، وقدم عشرات الأعمال الروائية والقصصية، بالإضافة إلى سيناريوهات للسينما، وحصل على جوائز عدة أهمها جائزة «نوبل في الأدب» عام 1988، ورحل عن عالمنا عام 2006.

حضر الاحتفالية بعض ممن كتبوا عن سيرة نجيب محفوظ، من بينهم إبراهيم عبد العزيز، الذي له أكثر من كتاب عن «أديب نوبل»، بالإضافة إلى الطبيب الدكتور محمود الشنواني الذي رافق الأديب لمدة 30 سنة تقريباً، وفق الشاذلي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «تَحدّث كلُّ شخص عن الكتاب الذي أصدره عن نجيب محفوظ. وإبراهيم عبد العزيز كان مرافقاً له في ندواته، وتحدّث عن كتاب (أنا نجيب محفوظ)، الذي تضمّن ما قاله محفوظ عن نفسه، بيد أني أرى أن كتابه الأهم هو (ليالي نجيب محفوظ في شيبرد) لأنه كان عبارة عن كناسة الدكان، فقد رصد السنوات الأخيرة لنجيب محفوظ».

وعن كتاب الشاذلي حول نجيب محفوظ يقول: «تعرّفت عليه بصفتي صحافياً منذ بداية الثمانينات، وقد تحدّثت عن موضوعين تناولتهما في كتابي عنه (أيام مع نجيب محفوظ ذكريات وحوارات)، وهو ما أُشيع عن هجومه على العهد الناصري، خصوصاً في روايته (الكرنك)، وهذا ليس صحيحاً، وفي الحقيقة كان محفوظ يُركّز على حقوق الإنسان والحريات أكثر من أي شيء آخر، وقد أنصف عبد الناصر في كثيرٍ من كتاباته، خصوصاً شهاداته عن هذا العصر، والنقطة الثانية ما أُشيع حول الاتهامات التي وجّهها بعضهم لنجيب محفوظ بحصوله على (نوبل) بدعم إسرائيل، وهذا ليس صحيحاً بالمرّة، وكانت تُهمة جاهزة لمن أراد إهانة الجائزة أو النّيل ممّن حصل عليها».

وأشار الشاذلي إلى أن محفوظ كان له رأيُّ مهم في السينما، وقد ترأس مؤسسة السينما في إحدى الفترات، وكان يرى أنه أصبح كاتباً شعبياً ليس بفضل القراءات ولكن بفضل السينما، فكان يحترم كلّ ما له علاقة بهذه المهنة، ويعدّها مجاورة للأدب.

محفوظ وطاغور في معرض كاريكاتير (منسق المعرض)

وتحوّلت روايات نجيب محفوظ إلى أعمال سينمائية ودرامية، من بينها أفلام «بداية ونهاية»، و«الكرنك»، و«ميرامار»، و«ثرثرة فوق النيل»، وثلاثية «بين القصرين»، و«قصر الشوق»، و«السكرية»، وأيضاً «زقاق المدق»، و«اللص والكلاب»، بالإضافة إلى مسلسلات «الحرافيش - السيرة العاشورية»، و«أفراح القبة»، و«حديث الصباح والمساء».

وضمّ المعرض الذي أقيم بالتعاون بين سفارة الهند في القاهرة، ومتحف الكاريكاتير بالفيوم، ومنصة «إيجيبت كارتون»، 38 لوحة لفنانين من 12 دولة من بينها مصر والهند والسعودية وصربيا والصين ورومانيا وروسيا وفنزويلا.

وأشار الفنان فوزي مرسي، أمين عام «الجمعية المصرية للكاريكاتير» ومنسِّق المعرض إلى أن هذا المعرض اقتُرح ليُعرض في الاحتفال بذكرى طاغور في مايو (أيار) الماضي، إذ عُرض في المركز الثقافي الهندي، وكذلك في يوم الاحتفال بعيد ميلاد «أديب نوبل» المصري نجيب محفوظ.

وقال مرسي لـ«الشرق الأوسط»: «يُعدّ المعرض جزءاً من الاحتفالية التي نظّمتها وزارة الثقافة (لأديب نوبل) الكبير، واهتمّ معظم الفنانين برسم البورتريه بشكلٍ تخيُّلي، في محاولة لعقد الصلة بين طاغور ومحفوظ».

فنانون من 12 دولة رسموا الأديبين طاغور ومحفوظ (منسق المعرض)

وفي السياق، أعلنت «دار المعارف» عن إصدار كتابٍ جديدٍ عن نجيب محفوظ في الذكرى الـ113 لميلاده، وكتب إيهاب الملاح، المُشرف العام على النشر والمحتوى في «دار المعارف» على صفحته بـ«فيسبوك»: «في عيد ميلاد الأستاذ نُقدّم هدية للقراء ولكل محبي نجيب محفوظ وهي عبارة عن كتاب (سردية نجيب محفوظ) للناقد الدكتور محمد بدوي».