«صافر» تهدد 125 ألف صياد يمني بتلوث بحري لأكثر من 30 عاماً

{الشرعية}: الحوثيون يتحملون مسؤولية أضرار الناقلة

«صافر» تهدد 125 ألف صياد يمني بتلوث بحري لأكثر من 30 عاماً
TT

«صافر» تهدد 125 ألف صياد يمني بتلوث بحري لأكثر من 30 عاماً

«صافر» تهدد 125 ألف صياد يمني بتلوث بحري لأكثر من 30 عاماً

في الوقت التي تتوالى فيه التحذيرات الدولية والمخاوف العالمية من تسرب أو انفجار وشيك لناقلة النفط «صافر» التي تسيطر عليها ميليشيا الحوثي قبالة ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر في مدينة الحديدة، علمت «الشرق الأوسط» أن الناقلة غير مؤمن عليها منذ ما يزيد على 5 سنوات؛ حيث قامت هيئة الإشراف على التأمين بسحب شهادات الباخرة بسبب تعذر قدوم مفتشيهم إليها.
وكشف وزير النفط والمعادن في اليمن، أوس العود، أن الخزان العائم «صافر» لا يخضع لإشراف هيئة التأمين، وبسبب تعنت الحوثيين ومنع الفريق الفني الأممي من الوصول للخزان لعمل الصيانة الأزمة، لم يوافق نادي الحماية والتعويض ‪P&I CLUBS‬ على تجديد التأمين، فيما قامت الهيئة بسحب شهادات الباخرة بداية عام 2016.‬
وبيّن العود في حديث مع «الشرق الأوسط» أن التأمين الذي كان يغطيه نادي الحماية والتعويض، الذي امتنع عن تجديد تأمين ناقلة صافر، كان فقط للمطالبات وتعويض الغير، وليس تأميناً على المنشأة نفسها التي تحمل على متنها 140 مليون ألف برميل من النفط الخام.
ونظراً لوجود هذه الناقلة في منطقة سيطرة الميليشيات الحوثية، وهي المسؤولة عنها منذ الانقلاب، وحيث إنها هي التي تمنع المفتشين وفرق الصيانة للوصول إليها لتقييم أوضاعها وعمل الصيانة اللازمة لها، فإن المسؤولية تقع عليها كاملة، وتتحمل تبعات حدوث أي كارثة بيئية ناتجة عن تسرب نفطي أو انفجار أو حريق، لكن ميليشيا الحوثي التي تسيطر على السفينة، غير معترف بها دولياً، فهي لا تخضع لأي قوانين وأعراف، وعلى المجتمع الدولي الضغط عليهم وإيجاد وسيلة لوصول فريق الصيانة الأممي حتى لا يستيقظ العالم على كارثة بيئية ليس لها مثيل.
وذكرت مصادر مسؤولة لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة اليمنية قبل الانقلاب الحوثي كانت وضعت مقترحاً وبدأت جدياً بأعمال لاستبدال خزان صافر العائم المتهالك بوحدة تخزين أرضية، وفُتحت مناقصة خاصة بهذا الأمر إلا أنها لم تستكمل نظراً للاجتياح الحوثي.
وبعد الانقلاب طالبت الحكومة الشرعية بإفراغ النفط من الناقلة لتغطية الالتزامات التي على «صافر» للخارج من مواد صيانة، أو أن يبقى في حساب ما حتى تطمأن الميليشيا أن الشرعية لن تستفيد منه، وهذا يعد شعوراً بالمسؤولية لمنع حدوث أي كارثة يتسبب فيها وجود النفط الخام داخل الخزانات، إلا أن الميليشيا رفضت ذلك، ولم تتخذ الأمم المتحدة أي إجراء حقيقي تجاههم.
وفي هذا الصدد، يقول لـ«الشرق الأوسط» كبير المهندسين البحريين، المهندس صلاح الشامي، إن العمر الافتراضي للناقلات يكون ما بين 15 إلى 20 عاماً، وما فوق ذلك تعتبر في عداد الخردة، لأنها بعد هذا العمر يبدأ هيكلها الخارجي وألواح خزاناتها بالتحلل نتيجة تفاقم الصدأ والتفاعل مع ماء البحر، وخصوصاً مياه البحر الأحمر المرتفعة الملوحة.
وبيّن أن خطورة ناقلة صافر الآن تكمن في الحمولة البالغة 138 ألف طن من البترول الخام التي ما زالت في جعبتها، والتي يجب أن يتم تفريغها من الخزانات، وليكن ما يكون بعد ذلك للسفينة، فإما أن يتم قطرها بسفينة أخرى ثم بيعها خردة إلى أي جهة، أو إغراقها في منطقة عميقة من البحر الأحمر.
وقال الشامي: «إذا تفاءلنا قليلاً فإن احتمالية الانفجار قد تضعف إن كانت الناقلة لا تزال تحتفظ بالغاز الخامل داخل خزاناتها، بينما ينحصر الخطر في إمكانية تسرب البترول خارج خزانات الناقلة، وهذه الفرضية هي الأقرب، نتيجة تحلل البدن وألواح الخزانات والأنابيب».
وعن أضرار الناقلة صافر على البيئة البحرية، أوضح تقرير حديث صادر عن موقع «حلم أخضر» أن البيئة اليمنية البحرية والساحلية ستتعرض للتدمير الكلي الذي سيمتد من سواحل البحر الأحمر حتى سواحل خليج عدن والبحر العربي. وستخسر البيئة اليمنية كل مقدراتها. وستتلوث سواحل اليمن بمادة النفط الخام الثقيلة التي تمنع وصول الأوكسجين والشمس لأعماق البحر.
ووفقاً للتقديرات التي جاءت في التقرير، فإن اليمن سيحتاج بعد وقوع التسرب النفطي الوشيك إلى معالجة أضرار كارثة التلوث البحري لفترة طويلة من الزمن، ولمدة تزيد عن 30 سنة مقبلة كي تتعافى بيئة البحر الأحمر. كون الأضرار وخيمة للغاية.
ورصد موقع «حلم أخضر» المعني بالتقارير المتخصصة في شؤون البيئة، قدرات البيئة اليمنية التي ستواجه الكارثة، مستنداً إلى بيانات الجهات الرسمية، مبيناً الكلفة البيئية والاقتصادية والإنسانية التي ستخسرها اليمن في حال وقوع انفجار للناقلة أو تسرب للزيت الخام وسط البحر، وهي كالتالي...
115 جزيرة يمنية في البحر الأحمر ستفقد تنوعها البيولوجي، وستخسر موائلها الطبيعية، وأكثر من 125 ألفاً من الصيادين اليمنيين سيفقدون مصدر دخلهم بمناطق الصيد اليدوي، وأكثر من 67 ألفاً من الصيادين في محافظة الحديدة سيفقدون مصدر دخلهم الوحيد جراء الكارثة، كذلك سيتضرر المخزون السمكي الموجود في المياه اليمنية، والذي سيتعرض للتلف داخل البحر الأحمر، ومضيق باب المندب، وخليج عدن، بأكثر من 800 ألف طن.


مقالات ذات صلة

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

العالم العربي استعراض الجماعة الحوثية لقدراتها العسكرية في العاصمة صنعاء والتي تتضمن أسلحة نوعية (رويترز)

تقرير أُممي يتّهم الحوثيين بالتنسيق مع إرهابيين وجني عشرات الملايين بالقرصنة

تقرير جديد لفريق الخبراء الأُمميّين المعنيّ باليمن يكشف عن تعاون الحوثيين مع تنظيم «القاعدة»، و«حركة الشباب» الصومالية، وابتزاز وكالات الشحن الدولية.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي توقعات بإقصاء من يرفضون المشاركة في فعاليات الجماعة الحوثية من وظائفهم (رويترز)

انقلابيو اليمن يستكملون «حوثنة» المؤسسات بهياكل إدارية جديدة

بدأت الجماعة الحوثية بإعداد آلية لدمج عدد من مؤسسات الدولة وتقليص الهيكل الإداري لها وتغيير مهامها في سبيل المزيد من السيطرة والنفوذ عليها وأدلجتها.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي بمعية محافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان في زيارة سابقة للخطوط الأمامية بمأرب (سبأ)

الجيش اليمني يحذر من محاولة حوثية للعودة للحرب وإجهاض جهود السلام

تتصاعد حدة التوترات في عدة جبهات يمنية في ظل استمرار جماعة الحوثي في تحشيد عناصرها وحفر الخنادق، خصوصاً بمحافظة الحديدة على ساحل البحر الأحمر.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
خاص المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الشرق الأوسط)

خاص مكتب غروندبرغ لـ«الشرق الأوسط»: نناقش مع صنعاء وعدن تجنب انهيار اقتصادي أعمق

قال المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن إن مشاوراته ونقاشاته مستمرة مع مسؤولي «البنك المركزي» في صنعاء وعدن؛ لإيجاد حلول تقنية ومستدامة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
TT

لا موعد لعودة هوكستين ولا مكان للتقدم لتطبيق الـ1701

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يستقبل المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكستين قبل اجتماعهما في مكتب رئيس الوزراء في القدس (د.ب.أ)

الترويج لمعاودة الوسيط الأميركي آموس هوكستين تحركه بين بيروت وتل أبيب للتوصل لوقف النار يبقى في إطاره الإعلامي، ما دام رئيسا المجلس النيابي نبيه بري وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي لم يتبلغا بموعد عودته ولا بتحقيق بعض التقدم في زيارته الأخيرة لإسرائيل، وإلا فلماذا اضطر للعودة إلى واشنطن بدلاً من أن يعرج على بيروت لإطلاعهما على الأجواء التي سادت اجتماعه برئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو؟

وساطة هوكستين وسباق الرئاسة الأميركية

وتؤكد مصادر سياسية لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مصير الوساطة التي يتولاها هوكستين لنزع فتيل التفجير بين إسرائيل و«حزب الله» يتوقف على من سيحسم السباق الرئاسي الأميركي. وتقول إن انتخاب هاريس من شأنه أن يسهّل مهمته ويتيح له الاستقواء بوصولها إلى البيت الأبيض على نحو يمكّنه من وضع حد للابتزاز الذي يمارسه نتنياهو؛ لأنه سيكون في وسعها الاستعانة بالرئيس الحالي جو بايدن لوضع تطبيق الـ1701 على نار حامية، حتى قبل أن تبدأ ممارسة صلاحياتها الرئاسية في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، هذا في حال أنها حسمت أمرها وقررت إخراج الوساطة من المراوحة، أسوة بتلك التي أصابت مفاوضات غزة.

وترى المصادر ذاتها أن فوز ترمب بالرئاسة قد يؤدي إلى تمديد أمد المراوحة التي يحاول نتنياهو الإفادة منها لمواصلة تدمير القرى الأمامية التي لم تعد صالحة للإقامة فيها.

فوز ترمب يمدد فترة تفلت نتنياهو

وتخشى المصادر نفسها أن انشغال ترمب في تشكيل إدارته بالبيت الأبيض سيؤدي حتماً إلى تمديد فترة «السماح» لنتنياهو لترتيب الوضع في القرى الأمامية الحدودية، ولكن على طريقته، بما يمكّنه من انتزاع موافقة الحكومة اللبنانية للتسليم بتفسيره لتطبيق القرار الدولي استباقاً لإعادة ترتيب الوضع في المنطقة، آخذاً بعين الاعتبار إطباق الحصار على إيران والقضاء على أذرعها، بدءاً بـ«حزب الله»، بقطع كل أشكال الإمداد العسكري والمالي له، بالتلازم مع استهدافه للبنية الاقتصادية، ليس للحزب فقط، وإنما للطائفة الشيعية، وهذا ما يفسّر تدميره للأسواق والمصانع والمؤسسات والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها للنهوض مجدداً بهذه المناطق.

وفي هذا السياق، تسأل المصادر عمّا إذا كان وصول ترمب يشكل محطة لاختبار مدى جديته بإنهاء الحروب، بدءاً بإعادة الهدوء المستدام إلى الجنوب، انسجاماً مع وعوده التي قطعها في لقاءاته مع الاغتراب اللبناني. فهل يضغط على إسرائيل لتطبيق الـ1701 بكل مندرجاته؟

استعصاء نتنياهو

وتستغرب المصادر السياسية وضع اللائمة على لبنان بتحميله مسؤولية إضاعته للفرص التي أتيحت لتطبيق الـ1701، وتقول إن نتنياهو هو من يستعصي ويتمرّد على الإدارة الأميركية برفضه التجاوب مع الإطار العام الذي اتفق عليه هوكستين مع بري لتسهيل تنفيذ القرار، وذلك بمطالبته بإدخال تعديلات عليه غير قابلة للتنفيذ، من وجهة النظر اللبنانية، كونها تجيز له استمرار تحليق الطيران الحربي والاستطلاعي في الأجواء اللبنانية، وتعطيه الحق بالتوغل في منطقة جنوب الليطاني ولو من باب الشبهة، بذريعة أن هناك من يعدّ لتحرك يراد منه تهديد أمن إسرائيل.

وتكشف المصادر عن أن هوكستين كان قد أبلغ مسؤولين لبنانيين، وهو في طريقه إلى تل أبيب للقاء نتنياهو، أن الأجواء إيجابية وتفتح الباب أمام التوصل لوقف النار. وتقول إنه تحدث لاحقاً عن حصول تقدُّم بقي إعلامياً، مع أنه، كما نُقل عنه، أمهل نتنياهو بعض الوقت نزولاً عند رغبته، ما أوحى له بأن للبحث صلة على طريق إنهاء الحرب.

نتنياهو يسعى لترتيبات أمنية

لكن، تبين بحسب المصادر أن لا أساس للتقدم الذي تحدث عنه هوكستين، وإلا فلماذا يوسع نتنياهو تدميره وحرقه للقرى؟ ما يدعو للتساؤل عمّا إذا كان يود خوض المفاوضات على طريقته، وتحت النار، للضغط على لبنان للتسليم له بإدخال «ترتيبات أمنية» على الـ1701، يمكن أن تسمح له بتفريغه من مضامينه، مع أن لبنان أقر بأن لا مفر من تطبيقه على قاعدة الاعتراف بالاستعداد للدخول في مرحلة سياسية جديدة غير تلك القائمة حالياً، وأدت إلى تعطيل تنفيذ القرار.

وترى المصادر أنه لم يعد من مبرر للربط بين جبهتي غزة والجنوب، وأنه لا بد من الفصل بينهما لعدم توفير الذريعة لنتنياهو للتفلت من وقف حربه على لبنان بتطبيق الـ1701، مع أنه لم يكن من ضرورة لإسناد «حزب الله» لغزة، الذي شكل بتفرُّده بقرار السلم والحرب إحراجاً للحكومة عربياً ودولياً، باعتبارها صاحبة الصلاحية في اتخاذه، فيما افتقد الحزب إلى من يناصره، بخلاف وحدة الساحات التي يدعو لها محور الممانعة بقيادة إيران، وهذا ما ألقى عليه عبء المواجهة منفرداً.