«مناوشات كلامية» بين مصر وإثيوبيا حول مفاوضات السد «المتعثرة»

وزير الري والموارد المائية السودانية ياسر عباس يطلع الصحفيين على تطورات مفاوضات سد النهضة (إ.ب.أ)
وزير الري والموارد المائية السودانية ياسر عباس يطلع الصحفيين على تطورات مفاوضات سد النهضة (إ.ب.أ)
TT

«مناوشات كلامية» بين مصر وإثيوبيا حول مفاوضات السد «المتعثرة»

وزير الري والموارد المائية السودانية ياسر عباس يطلع الصحفيين على تطورات مفاوضات سد النهضة (إ.ب.أ)
وزير الري والموارد المائية السودانية ياسر عباس يطلع الصحفيين على تطورات مفاوضات سد النهضة (إ.ب.أ)

تواصلت المفاوضات الثلاثية بين مصر وإثيوبيا والسودان حول «سد النهضة»، أمس، لليوم السابع، على أمل التوصل لحل للخلافات «القانونية»، الخاصة باتفاق ملء وتشغيل السد. لكن مع التكتم في تفاصيل المفاوضات، تبادلت القاهرة وأديس أبابا «مناوشات كلامية»، وردّت إثيوبيا على التهديد المصري باللجوء إلى مجلس الأمن، مؤكدة أن «موقف مصر العنيد أصبح عقبة في المحادثات».
وتجري المفاوضات عبر تقنية «الفيديو كونفرانس»، بحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا (رئيسة الاتحاد الأفريقي).
ورغم إعلان وزير الري والموارد المائية السودانية، ياسر عباس، أن المحادثات أحرزت «تقدماً كبيراً في الجوانب الفنية»، فإن القاهرة تتمسك بـ«توقيع اتفاق شامل لملء وتشغيل السد، يُلزم إثيوبيا قانونياً بحماية حقوقها المائية، قبل البدء بملء الخزان، المقرّر في يوليو (تموز) المقبل».
واتهم وزير خارجية إثيوبيا، جيدو أندارجاشيو، مصر بعرقلة المفاوضات. وقال في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء الإثيوبية (الرسمية)، أمس، إن «موقف مصر العنيد أصبح عقبة في المحادثات الجارية بشأن سد النهضة الإثيوبي الكبير... مصر تعوق المفاوضات»، مشيراً إلى «رغبة مصر وموقفها هو الحفاظ على مصلحتها فقط، وهي تتحدى المفاوضات». وقال إن مصر «اتبعت كالعادة طريقتين للمفاوضات، وضع قدمها في المفاوضات، والأخرى في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. لقد أرادوا الحصول على كل ما يطلبونه في المفاوضات، لكن لم يكن لديهم ما يقدمونه». كما رفض وزير الخارجية اتهام مصر بأن إثيوبيا لا يمكنها ملء السد إلا إذا توصلت الدول الثلاث إلى توافق.
وكان وزير الخارجية المصري، سامح شكري، قد هدّد الاثنين الماضي باتخاذ «خيارات أخرى»، إذا واصلت إثيوبيا تعنتها في مفاوضات «سد النهضة»، مؤكداً أن الموقف التفاوضي الأخير «لا يبشر بحدوث نتائج إيجابية مع استمرارية نهج التعنت الإثيوبي على نحو ستضطر مصر معه لبحث خيارات أخرى، كاللجوء إلى مجلس الأمن الدولي لكي ينهض بمسؤولياته في تدارك التأثير على السلم، والأمن الدوليين عبر الحيلولة دون اتخاذ إثيوبيا إجراء أحادياً، يؤثر سلباً على حقوق مصر المائية».
ووفق مصادر مطلعة، فإن هناك اتفاقاً على «الملفات الفنية المتعلقة بأمان السد، والملء الأول لخزان السد خلال موسم الأمطار الإثيوبي المقبل، وفي المواسم الاعتيادية، وقواعد إدارة الجفاف، بينما يدور الخلاف على عدد من النقاط القانونية، المتعلقة بصياغة تلك البنود في شكل إلزامي، وآلية حل المنازعات بشأنها».
واقترح السودان رفع التفاوض لمستوى رؤساء الوزراء إذا لم يحدث توافق، إلا أن إثيوبيا ومصر فضلتا مواصلة التفاوض على مستوى وزراء الموارد المائية والخبراء القانونيين.
وتتخوف مصر من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، بينما يحصل السودان على 18.5 مليار. في المقابل تقول إثيوبيا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الطاقة الكهربائية.
وتدور نتائج المفاوضات حول 3 سيناريوهات، وفق خبير المياه المصري، الدكتور محمد نصر الدين علام، وهي استمرار التعنت الإثيوبي، وعندها ستقوم مصر بالإعلان عن فشل المفاوضات، وإنذار إثيوبيا بعدم ملء السد، مع مزيد من التصعيد. والثاني، وهو استجابة إثيوبيا لمطالب السودان ومصر، وتوقيع مبدئي على الاتفاقية، وأخيراً استجابة إثيوبيا لبعض المطالب، والاستمرار في المناورة حول البعض الآخر، ما يتطلب وقتاً إضافياً، وهو أمر متروك لتقدير مصر لتقرر الموافقة أو الرفض.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.