دقلو يبحث في أديس أبابا التوتر الحدودي والهجرة و«سد النهضة»
يجري نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دقلو «حميدتي» مباحثات مع كبار المسؤولين الإثيوبيين في العاصمة أديس أبابا، التي وصلها أمس في زيارة «غير معلنة»، هي الأولى للرجل للجارة إثيوبيا منذ تسنمه مهام منصبه. ولم تعلن الخرطوم عن الزيارة التي يتوقع أن يبحث خلالها الرجل مع رصفائه الإثيوبيين قضايا الحدود، ومكافحة الإرهاب، والمفاوضات على سد النهضة، والعلاقات الثنائية بين البلدين، في حين نقلت وكالة الأنباء الرسمية الإثيوبية (إينا)، أن دقلو وصل إثيوبيا، واستقبله نائب رئيس الوزراء دمغي موكونن، ورئيس أركان الجيش الجنرال آدم، إضافة إلى وزير الخارجية غدواندر جاتشو، ولم تظهر الصور التي أوردتها «إينا» للحظة الاستقبال مشاركة أي مسؤول أو دبلوماسي سوداني برفقة دقلو. وتوترت العلاقات بين كل من أديس أبابا والخرطوم في الآونة الأخيرة، على خلفية اعتداءات قامت بها ميليشيا إثيوبية مدعومة من الجيش الإثيوبي، بالهجوم على قوات من الجيش السوداني في منطقة «الفشقة» السودانية التي تسيطر عليها إثيوبيا، رغم اعترافها بتبعيتها للسودان. وفي شهر مايو (أيار) الماضي، اشتبكت القوات السودانية بالميليشيا الإثيوبية؛ ما أدى إلى مقتل قائد قوة حرس الحدود برتبة النقيب، وجرح عدد من أفرادها، في حين لم تذكر إثيوبيا عدد قتلاها في تلك المعركة، إلا مصادر سودانية ذكرت أن سبعة من المهاجمين الإثيوبيين - على الأقل - لقوا مصرعهم في تلك المواجهات، ورغم التهدئة لا يزال التوتر هو سيد الموقف في منطقة الفشقة والحدود بين البلدين. ولم تكشف «إينا» أجندة الزيارة، بيد أن مصادر صحافية ذكرت أن الرجل سيبحث مع كبار المسؤولين الإثيوبيين، بمن فيهم رئيس الوزراء آبي أحمد، قضايا الحدود المشتركة بين الدولتين، والعلاقات الثنائية، والقضايا المشتركة، بما في ذلك مباحثات سد النهضة الجارية بين كل من السودان وإثيوبيا ومصر؛ للوصول إلى توافق على ملء سد النهضة، بالإضافة إلى قضايا مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية. وتجمع قوات الدعم السريع التي يقودها حميدتي علاقة ملتبسة مع الاتحاد الأوروبي، بمشاركتها في مكافحة الإرهاب والهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، متجاهلة بذلك التحفظات الغربية الكثيرة على تلك القوات ودورها في دارفور على عهد نظام الرئيس المعزول عمر البشير. وكان دقلو قد زار العاصمة المصرية القاهرة في 14 مارس (آذار) الماضي، بدعوة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بحث خلالها «ملفات مكافحة الإرهاب» ودعم مصر للسودان وتنسيق ودعم أجهزة المعلومات السودانية، وأزمة سد النهضة. بيد أن الرجل حسبما نقلته وكالة «أنباء الشرق الأوسط» وقتها، وعد بالتوسط بين مصر وإثيوبيا في سد النهضة، بيد أنه شدد على أن «ملف سد النهضة» تقع مسؤوليته على مجلس الوزراء. وهي المرة الثانية التي يزور فيها الرجل مصر، وأول زيارة له للقاهرة كانت في يوليو (تموز) 2019، وبصفته نائباً لرئيس المجلس العسكري الانتقالي، وقبيل توقيع الوثيقة الدستورية وتشكيل مجلس السيادة الانتقالي، في حين تعد زيارته لإثيوبيا هي الأولى منذ تسنمه مهام منصبه.
الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكةhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A/5084337-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%85%D9%86%D9%8A-%D9%81%D9%8A-%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%AC%D9%87%D8%A9-%D8%A7%D9%86%D9%87%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A7%D8%AA-%D9%83%D8%A7%D8%B1%D8%AB%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%B4%D9%8A%D9%83%D8%A9
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.
وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.
ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.
وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.
يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.
ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.
أدوات الإصلاح
طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.
ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.
وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.
ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.
ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.
الحل بالتنمية المستدامة
وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.
إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.
واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.
وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.
وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.
ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.
وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.