الدبلوماسية... في عباءة السياسة والعلاقات الدولية

ستيفن تشان يحلل أدوارها المتنوعة في كتاب صدرت ترجمته العربية

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

الدبلوماسية... في عباءة السياسة والعلاقات الدولية

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يكشف كتاب «تأملات في الدبلوماسية... حالات مقارنة في الممارسة الدبلوماسية والسياسة الخارجية» للبروفيسور الصيني ستيفن تشان، الأقنعة والأدوار المتنوعة للدبلوماسية على مدار حقبة طويلة من تاريخ العالم. وتبرز من خلاله خبرته كأستاذ للسياسة والعلاقات الدولية في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن. ويتضمن الكتاب، الذي صدر حديثا عن مكتبة الإسكندرية، وقدمت نسخته العربية المترجمتان المصريتان شيرين جابر وشريهان سعد، 12 فصلا، هي خلاصة محاضرات وتأملات ألقاها تشان في ندوة الدراسات العليا بجامعة أوروبا الوسطى في بودابست عام 2016، ودارت حول عدة محاور منها، «الدبلوماسية ونهاية السياسة الخارجية التي يعرفها العالم»، و«الدبلوماسية الشرق أوسطية التي لا يمكن التكهن بها»، و«دبلوماسية الصين الاقتصادية متعددة الأطراف»، و«قابلية الجهاد للتفكيك»، فضلا عن «الدبلوماسية الأفريقية وتنمية الوعي الذاتي»، استهدف بها المؤلف المناقشة والتحاور مع طلابه في أسمرة وجوهانسبرغ ورام الله وبودابست، وكذلك في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بلندن، ولم تنبع أفكار وتأملات الكاتب من دراسته فحسب، بل أيضا من سنوات خدمته كموظف دولي لأمانة الكومنولث، والمبادرات الدبلوماسية العديدة التي التحق بها، وتراوحت بين المفوضيات العليا التي عمل بها في مناطق الحرب بأفريقيا، والمحادثات رفيعة المستوى التي قام بها في عديد من عواصم العالم الكبرى.
تحت عنوان «الأصيل والدخيل... شياطين إسرائيل في الألفية الجديدة» قال تشان إن شعور الإسرائيليين بوجود أزمة داخلية لا تقل خطورة عن الأزمات والتهديدات الخارجية التي تواجهها، يزيد من فكرة عدم الأمان والحاجة إلى «الأمننة» الدقيقة والشعور بالتهديد الوجودي، لطبيعة الشخص اليهودي ذي الهوية اليهودية، داخل الوطن اليهودي وينبع من الخوف من تجاوز عدد الفلسطينيين داخل حدود إسرائيل عدد اليهود، وأن تؤدي الأعداد الهائلة والممارسات الثقافية، بما فيها الدينية، لتغيير الهوية اليهودية القائمة على ثقافة يهودية بحتة، وذكر تشان أن العالم اليهودي أوريل أبولوف تناول فكرة الأمننة العميقة لـ«الشيطان الديموغرافي» بإسرائيل، لافتا إلى انشغال أبولوف، بوضع تحليل تفصيلي للخطاب الإسرائيلي المتعلق بذلك التهديد، وتناول مدى خطورته، حيث يرى أن الهوية وممارستها وأمنها وضمانها على المحك، ومن هنا ينبع العداء تجاه الفلسطينيين وفكرة إقامة الدولة الفلسطينية كمفهوم وسلطة إدارية، «فلطالما كان التهديد يأتي من الخارج ولكن الآن يأتي من الداخل».
وفي فصل «العالم يتحد وينفصل: على أحدهم أن يبقيه متحداً» خصص تشان حديثه عن مخاطر اندلاع حروب عالمية، وأشار إلى أن المركز السياسي والدبلوماسي لم يكن أكثر ما يميز الأمم المتحدة، وإنما امتازت بوكالاتها المتخصصة. فكانت اليونسكو بطريقة ما محاولة لاسترضاء الطبقات الثقافية التي قدمت المنطق المعياري للحرب ضد الفاشية، والافتراض بأن الحروب تبدأ في عقول البشر، وكذلك الوكالات المعنية بالصحة العالمية والتنمية العالمية وتقديم المساعدات للاجئين وممارسات العمل في هيكل عالميا يهتم بالتعاون الوظيفي الموجه في الأغلب نحو الدول النامية حديثا، لافتا إلى أن هذه المنظمات بقدر ما كانت مساعدة لتقديم تقنية واقتصادية منظمة من الأعلى إلى الأسفل، كانت في المقام الأول تعبيرا عن الهيمنة.
وفي حديثه عن «نظريات السياسة الخارجية والعلاقات الدولية» يقول تشان إن الدبلوماسية ليست أمرا حديثا، ولكنها اكتسبت العديد من الخصائص في العصر الحديث، أما فكرة إرسال مبعوثين لنقل رسائل لدول أخرى فتعتبر قديمة وشائعة في العديد من الثقافات، مؤكدا على أن الدبلوماسية تعد سمة أساسية للحداثة، وقد عملت على إنهاء حقبة من الاضطرابات.
وتأسيس واحدة من أهم المبادئ الدولية، وهي أن الدولة العضو في النظام الدولي يجب أن تكون لها سيادة مُعترف بها، ورغم أن هذه المبادئ تم اختراقها أكثر من ممارستها الفعلية في السنوات التالية، إلا أن ذلك جلب حقبة من الدستورية، كان فيها للمواطنين حقوق أمام حكامهم، وتطور الأمر فيما بعد للسعي لأن تصبح تلك الحقوق قاعدة عابرة للدول.
ولفت تشان إلى أن مفهوم الدول القوية ما عاد مرتبطا فقط بمصالحها السيادية، ولكن أيضا بمصالحها في السيطرة على العلاقات الدولية، وقد أصبح مفهوم الدول القوية هو الأساس لنظام جديد تم تأسيسه بعد الحرب العالمية الأولى، وما نتج عنها من دمار دفع الرئيس الأمريكي وودرو ويلسون إلى مغادرة بلاده لمدة ستة أشهر كاملة لفرض رؤيته بكيفية إدارة النظام الدولي، على أسس مبنية على الشفافية الدبلوماسية والتعاون الدولي.
وحسب وجهة نظر تشان، لم تكن السلطة الواقعية قائمة بذاتها في أي وقت من الأوقات، إنما كانت دوما تحت ظل معياري يكتنفه القانون الدولي. وكانت دائما تتعامل مع العلاقات الدولية كعلم والسياسة الدولية كممارسة، وكأنهما وجهان لعملة واحدة.
وأشار تشان إلى إقرار المفكر السياسي الأمريكي «جراهام أليسون»، في دراسة له بعنوان «جوهر القرار» عام 1971 بأنه لا يوجد طريق عقلاني مستقيم وحاسم، وتحدث عن ثلاثة نماذج دعا لها لصياغة السياسة الخارجية، لا تزال تستخدم كأدوات تحليلية حتى يومنا هذا، وهي «الفاعل العقلاني» الذي نسبته الولايات المتحدة إلى الرئيس كينيدي خلال أزمة الصواريخ الكوبية، ونموذج «العملية التنظيمية»، حيث تسعى الحكومة وقت الأزمات إلى تقسيمها، وإسناد كل جزء إلى وكالة أو إدارة حكومية متخصصة، ونموذج «السياسة الحكومية» وأهميته تظهر في لحظات الأزمات الحالكة، حيث يجب على أقوى الرؤساء وأكثرهم ثقة أن يتفاوض أو يستخدم الأساليب السياسية من أجل إتمام ما يشاء، لتجنب إساءة فهم أوامره أو تنفيذها بطريقة لم يقصدها، أما في الدول الديمقراطية، فعليه أن يستخدم الأساليب السياسية لإقناع الهيئة التشريعية والجمهور بأنه على صواب.
ولتوضيح الفكرة حول النماذج الدبلوماسية الثلاثة تحدث تشان عن فشل غزو كوبا عام 1961، وفضيحة خليج الخنازير، وحالة عدم الثقة التي انتابت كينيدي في نصائح وكالة الاستخبارات المركزية، وهجومه على الحلول الدبلوماسية من أجل الحفاظ على تأييد المستشارين العسكريين، ثم اتجاهه إلى زحزحة الرأي نحو الحصار بدلا من الضربات الجوية، وهكذا حسب تشان، نشأت فكرة الحصار البحري من خلال عملية سياسية، قام خلالها كينيدي ببعض الإيماءات السياسية حتى يتمكن الرئيس السوفييتي نيكيتا خروشوف من إنقاذ ماء وجهه السياسي، فوافق على عدم غزو كوبا، كما أصدر تعليمات لشقيقه روبرت كينيدي بأن يعد السوفييت سرّا بسحب الصواريخ الأميركية الموجهة إلى بلدهم من تركيا.
ويخلص تشان إلى أن «جوهر القرار» الذي اتخذه الرئيس الأميركي بشأن حصار على كوبا، ينطوي على جوانب من النماذج الثلاثة. فقد كان له، رغم قلة مخاطره مقارنة بالهجوم الجوي، صعوباته الهائلة ومخاطره الحتمية. وكان حجم ونطاق تلك المخاطر من النوع الذي لا يمكن معه ضمان نجاح أية عملية لصنع القرار من دون غطاء دبلوماسي حاذق.


مقالات ذات صلة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

ثقافة وفنون أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أربع ساعات مع إيزابيل الليندي في محبة الكتابة

أطلّت الكاتبة التشيلية الأشهر إيزابيل الليندي، عبر منصة «مايسترو»، في «هيئة الإذاعة البريطانية»، من صالونها الهادئ الذي يضم تفاصيلها الشخصية والحميمية

سحر عبد الله
يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
TT

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)
الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة من خلال حديث مطول أدلى به لمحرر المذكرات ومؤلف الكتاب الصحافي سيد محمود سلام. ورغم أن حديث الذكريات هنا يشمل محطات مختلفة، فإن الكتاب يركز بشكل خاص على مرحلة النشأة والطفولة وما اكتنفها من اكتشاف الفنان في سنوات التكوين الأولى لعالم الأدب وخصوصية مدينته بورسعيد، مسقط رأسه.

ويشير محمود ياسين إلى أن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر، وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها. ويرى أنه كان طفلاً محظوظاً لأنه نشأ في أسرة تعد الثقافة جزءاً مهماً من تكوين أبنائها، وكان ترتيبه السادس بين أشقائه العشرة، وقد تأثر في طفولته بشقيقه الأكبر فاروق: «إذ فتح عيني على شيء اسمه الكتاب بمعناه الواسع. كان يتسلم الكتب ويذهب إلى المدرسة، لكن فاروق كانت له في البيت مكتبة خاصة عبارة عن خزانة كبيرة في الحائط صُممت على الطراز الفرنسي تضع فيها الوالدة الفخار وقطع الخزف الصيني وكؤوس الزجاج وأشياءها الخاصة، فصنع منها مكتبة بعرض الحائط بعد أن أقنعها بذلك حيث كانوا يقطنون في فيلا من دورين تابعة لشركة قناة السويس التي كان يعمل بها والده، وعاشوا فيها ما يزيد على 25 عاماً».

ظل فاروق يشتري الكتب باستمرار مثل سلسلة «اقرأ» التي كانت تصدر ملخصات لعيون الأدب العربي والعالمي والسير الذاتية مثل السيرة الذاتية لطه حسين ودوستويفسكي ومكسيم غوركي وأنطون تشيخوف، فضلاً عن عيون الأدب الفرنسي مثل مؤلفات غي دي موباسان. كانت السلسلة تصدر كتيبات لكل كتّاب ومفكّري العالم، فالتراث الإنساني كله أنتجته سلسلة «اقرأ»، وقد جمعه فاروق في مكتبته وأيضاً سلسلة أخرى بعنوان «كتابي» جمعها أيضاً في المكتبة.

قرأ محمود ياسين في صغره معظم دواوين الشعراء العرب وعبقريات العقاد في مكتبة شقيقه، فضلاً عن كتب سلسلة «الكتاب الذهبي» التي تعرّف فيها على محمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ ويوسف إدريس ويوسف السباعي. كما كان الشقيق الأكبر فاروق شغوفاً باقتناء الكتب والمطبوعات الثقافية مثل مجلة «الهلال» حتى إنه يشتري الكتب بمصروفه الشخصي المحدود. ولم يكن الطفل محمود يشغل نفسه بشراء الكتب، لكن يده بدأت تمتد إلى مكتبة شقيقه، فغضب بشدة من استعارته كتبه؛ وذلك خوفاً من ألا تلقى الاحترام ذاته الذي تلقاه عنده تلك المكتبة التي كوّنها واشتراها من مصروفه. لكن عندما اطمأن لشقيقه، بدأ يشجعه مع بعض النصائح خوفاً على هذه الكتب. وبدأ الشقيق الأصغر في متابعة المسرحيات المترجمة بشكل خاص، لا سيما أعمال وليام شكسبير وهو ما أثار دهشة وإعجاب فاروق حين رأى شقيقه لا يفوّت نصاً للكاتب العالمي، سواء في سلسلة «كتابي» أو نظيرتها «اقرأ».

ويشير محمود ياسين إلى أن أبناء بورسعيد يتشابهون في ملامحهم وتكوينهم؛ لأن هذه المدينة تترك بصماتها على أبنائها، فهي بلد مفتوح على الدنيا ويُطل على أوروبا، فهناك شاطئ بحر وفي الأفق عالم آخر يجب أن تحلم به. إنها مدينة وسط جزر من المياه، فتأثر بهذه الخصوصية الجغرافية وما أكسبته لسكانها من حس حضاري لافت.

يقول محمود ياسين في مذكراته إن الطفولة مفتاح كل بوابات العمر وقد عاش طفولته في أسرة محافظة مثقفة محبة للفن ولتراب الوطن حيث أثرت كثرة الحروب التي خاضتها المدينة على تعميق الحس الوطني لأبنائها.

امتزجت شخصية محمود ياسين بالبحر المتوسط الذي تطل عليه مدينته، فهو مثله تراه شديد الهدوء تارة، شديد الصخب تارة أخرى. يقول: «إن أخلاقي كأخلاق البحر وطبيعتي تشبهه، فأنا في شهري سبتمبر وأكتوبر أكون هادئاً هدوءاً غريباً وعندما تنظر إليّ تشاهد ما في أعماقي، وإذا تحدثت إليّ يمكنك أن تكتشف كل شيء. أما الشخص الصاخب العصبي فهو أيضاً أنا ولكن في شهر يناير، وكذلك البحر بـ(نواته) وأمواجه المتلاطمة. لا أحب شهر يناير، قد يكون لأنه بداية عام لا أعلم ما يخبئه، وحين راقبت نفسي وجدت أنني في مواسم أكون هادئاً وأخرى أكون صاخباً وهذا هو حال البحر».

كانت حياة الصبي محمود ياسين قبل التمثيل غير مستقرة، كأنه يبحث عن شيء يسعده. كان يراقب شقيقه فاروق، الممثل العظيم بقصور الثقافة، وتعلم منه كيف يحب الريحاني. يشاهده فيشعر بأنه يمتلك عالم التمثيل بين عينيه، نظراته، تأمله، صوته حتى وهو يغني بصوتٍ أجش تستسيغ غناءه من هذه الحالة التي لاحظها وتأثر بها. أحبَّ التمثيل وشعر بأنه الشيء الذي يبحث عنه، إنه عالمه المفقود، به ستكتمل حياته.

اللافت أن التمثيل منذ البدايات الأولى بالنسبة لمحمود ياسين «حالة»، إنه بمثابة «عفريت» يتجسد في الشخص المحب له، فكان يسعد بالمشاهد التي يمثلها في نادٍ يسمى «نادي المريخ» ببورسعيد وهو طفل. وكوّن هو وزملاؤه فرقة مسرحية، مع عباس أحمد الذي عُرف بأشهر مخرجي الثقافة الجماهيرية، وله باع طويل وأثر في حياته كصديق ورفيق رحلة كفاح، هو والسيد طليب، وكانا أقرب صديقين له، سواء على مستوى هواية التمثيل أو الحياة.

ويروي كيف كان يقدم مسرحية على خشبة مسرح صنعوه بأنفسهم من مناضد وكراسي متراصة، وفي قاعة تسع 100 شخص، فلمح والده، وكانت المرة الأولى التي يمثل فيها ويشاهده أبوه، وإذا به يبتسم له ابتسامة هادئة، اعتبرها أول تصريح رسمي منه بموافقته على دخوله هذا المجال. ويذكر أيضاً أن من بين العمال الذين تأثر بهم محمود عزمي، مهندس الديكور العبقري، الذي لم يحصل على أي شهادات دراسية ولم يلتحق بالتعليم، لكنه كان يهوى الرسم ويصمّم ديكورات أي نصوص سواء عربية أو عالمية ببراعة مدهشة.