الروس يسحبون من حساباتهم المصرفية مع نمو ديونهم

نتيجة تأثيرات «كورونا»

التعطل عن العمل نتيجة فيروس «كورونا» زاد الضغط على البنوك الروسية (رويترز)
التعطل عن العمل نتيجة فيروس «كورونا» زاد الضغط على البنوك الروسية (رويترز)
TT

الروس يسحبون من حساباتهم المصرفية مع نمو ديونهم

التعطل عن العمل نتيجة فيروس «كورونا» زاد الضغط على البنوك الروسية (رويترز)
التعطل عن العمل نتيجة فيروس «كورونا» زاد الضغط على البنوك الروسية (رويترز)

يبقى الوضع في مجال «دخل المواطنين الروس» عرضة لتأثير «تداعيات كورونا»، خلال مرحلة الخروج من «الحجر الصحي» واستئناف النشاط الاقتصادي، وهو ما دفعهم للاستمرار في سحب المدخرات من حساباتهم المصرفية بالروبل الروسي، لكن بوتيرة أقل من السحب في بداية جائحة «كورونا»، بعد سحب قياسي من الحسابات بالعملات الصعبة. وفي الوقت ذاته يتجهون مجدداً للاعتماد على القروض الاستهلاكية، وفق ما يتضح من البيانات التي نشرها أخيراً البنك المركزي الروسي، وأشار فيها إلى استمرار «هروب الأموال» من الحسابات المصرفية للمواطنين، بينما سجلت ديونهم عن البطاقات الائتمانية نمواً قياسياً، وفق ما جاء في بيانات أعدتها مؤسسات ائتمانية روسية.
وقال «المركزي» إن الأموال في ودائع المواطنين خلال شهر مايو (أيار) الفائت انخفضت بنسبة 0.1 في المائة، ورأى أن هذا الانخفاض «طبيعي بالنسبة لهذا الشهر من السنة»، في إشارة إلى زيادة إنفاق المواطنين الروس عادة خلال أعياد مايو، التي تستمر نحو 10 أيام، ويستغلونها إما للتنزه أو للسفر وقضاء الإجازة في مناطق سياحية، وغيرها من نشاطات. وعلى الرغم من أن المواطنين لم يتمكنوا هذا العام من ممارسة أي من تلك النشاطات، وأمضوا فترة الأعياد في منازلهم، دون عمل، ضمن ظروف «قيود (كورونا) والحجر الصحي»، رأى بنك روسيا أن تراجع حجم المدخرات في الحسابات المصرفية جاء نتيجة «الإنفاق الكبير خلال الأعياد»، ومن ثم «تراجع الدخل، ولأن أيام العمل في مايو قليلة». وكان المواطنون الروس سحبوا مع بداية جائحة «كورونا» في شهر مارس (آذار) حجما قياسيا، بلغ خلال الفترة من 15 ولغاية 25 مارس 2 في المائة من إجمالي حجم تلك الودائع بالروبل، فضلا عن 5 مليارات دولار سحبوها من حساباتهم بالعملات الصعبة، التي تراجع إجمالي حجمها في البنوك الروسية من 94.31 مليار دولار في الأول من مارس، حتى 89.32 مليار دولار في بداية أبريل (نيسان)، وفق بيانات سابقة عن المركزي الروسي. ويرى مراقبون أنه، وبغض النظر عن الأسباب التي تدفع المواطنين للاستمرار في سحب مدخراتهم، فإن معدل السحب من الحسابات المصرفية بالروبل خلال شهر مايو، مقارنة بالوضع في مارس وأبريل، يُعد واحدا من المؤشرات الأولية حول بداية تعافي الاقتصاد الروسي بشكل عام، وفي مجال معيشة المواطنين واستعادة دخولهم بشكل خاص، وإن كان من السابق لأوانه الحديث عن استقرار عام في هذا المجال.
وتدعم وجهة النظر حول «عدم استقرار الوضع في مجال دخول المواطنين» بيانات أخرى حول الإقراض. إذ أشارت بيانات «المركزي» إلى عودة المواطنين للاستفادة من القروض الاستهلاكية، بعد عزوف عنها في الفترة الماضية، وقال إن تلك القروض ارتفعت بمعدل 0.2 في المائة في شهر مايو، بعد تراجع بمعدل 0.7 في المائة في أبريل. وكان لافتاً تزامن نشر بيانات عن انتعاش الإقراض الاستهلاكي، مع صدور بيانات أخرى تشير إلى نمو عبء ديون المواطنين الروس خلال الفترة الماضية. وكشفت دراسة أعدتها «رابطة وكالات التحصيل الروسية»، التي تحصل ديون المواطنين للبنوك، بالتعاون مع «وكالة السيرة الائتمانية»، عن نمو بنسبة 11 بالمائة في حجم ديون المواطنين المستحقة على بطاقات الائتمان المصرفية، خلال الفترة منذ يناير (كانون الثاني) ولغاية مايو الماضي، موضحة أن قيمة تلك الديون مطلع العام لم تتجاوز 125.2 مليار روبل، وارتفعت في شهر مايو حتى 139 مليار روبل، ما يعني نموها 110 مرات مقارنة بحجمها في الفترة ذاتها من العام الماضي. وأحالت هذا النمو القياسي إلى إقبال كبير من جانب المواطنين على استخدام تلك البطاقات لتوفير احتياجاتهم في بداية تفشي «كورونا» في روسيا، ومن ثم عجزهم عن التسديد، نتيجة تراجع ملموس على دخولهم بسبب «قيود كورونا» وتوقف النشاط الاقتصادي.



لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
TT

لاغارد: عملية خفض التضخم تسير على المسار الصحيح

رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)
رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد تعقد مؤتمراً صحافياً في فرنكفورت 12 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي، كريستين لاغارد، إن قرار مجلس الإدارة بخفض أسعار الفائدة الرئيسية الثلاثة للمركزي الأوروبي بمقدار 25 نقطة أساس، يستند إلى التقييم المحدث لآفاق التضخم، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. وأشارت، في المؤتمر الصحافي عقب إصدار القرار، إلى أن عملية خفض التضخم تسير وفق المسار المخطط لها.

ويتوقع موظفو البنك أن يكون متوسط التضخم الرئيسي 2.4 في المائة خلال 2024، و2.1 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة خلال 2026، و2.1 في المائة خلال 2027، عندما يبدأ العمل بنظام تداول الانبعاثات الموسّع في الاتحاد الأوروبي. وبالنسبة للتضخم، الذي يستثني الطاقة والطعام، يتوقع الموظفون متوسطاً يبلغ 2.9 في المائة خلال 2024، و2.3 في المائة خلال 2025، و1.9 في المائة في كل من 2026 و2027.

وأضافت لاغارد: «يشير معظم مقاييس التضخم الأساسي إلى أن التضخم سيستقر حول هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة بشكل مستدام. وعلى الرغم من انخفاض التضخم المحلي قليلاً، فإنه لا يزال مرتفعاً. ويرجع ذلك، في الغالب، إلى أن الأجور والأسعار في بعض القطاعات لا تزال تتكيف مع الزيادة السابقة في التضخم بتأخير ملحوظ».

وتابعت: «جرى تسهيل شروط التمويل، حيث أصبح الاقتراض الجديد أقل تكلفة للشركات والأُسر تدريجياً نتيجة خفض الفائدة الأخير. لكن هذه الشروط لا تزال مشددة؛ لأن سياستنا النقدية تظل تقييدية، والفوائد المرتفعة السابقة لا تزال تؤثر على رصيد الائتمان القائم».

ويتوقع الموظفون، الآن، تعافياً اقتصادياً أبطأ من التوقعات السابقة في سبتمبر (أيلول) الماضي. وعلى الرغم من تسارع النمو، خلال الربع الثالث من هذا العام، تشير المؤشرات إلى تباطؤه خلال الربع الحالي. ويتوقع الموظفون أن ينمو الاقتصاد بنسبة 0.7 في المائة خلال 2024، و1.1 في المائة خلال 2025، و1.4 في المائة خلال 2026، و1.3 في المائة خلال 2027.

وقالت لاغارد: «نحن ملتزمون بضمان استقرار التضخم بشكل مستدام عند هدفنا متوسط المدى البالغ 2 في المائة. سنتبع نهجاً يعتمد على البيانات ويعتمد على الاجتماع تلو الآخر لتحديد السياسة النقدية المناسبة. بشكل خاص، ستكون قراراتنا بشأن الفائدة مبنية على تقييمنا لآفاق التضخم في ضوء البيانات الاقتصادية والمالية الواردة، وديناميكيات التضخم الأساسي، وقوة انتقال السياسة النقدية. نحن لا نلتزم مسبقاً بمسار معين للفائدة».

النشاط الاقتصادي

نما الاقتصاد بنسبة 0.4 في المائة، خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وكان النمو مدفوعاً أساساً بزيادة الاستهلاك، جزئياً نتيجة العوامل الفريدة التي عزّزت السياحة في الصيف، وبناء الشركات للمخزونات. لكن أحدث المعلومات يشير إلى فقدان الاقتصاد الزخمَ. وتشير الاستطلاعات إلى أن التصنيع لا يزال في حالة انكماش، وأن نمو الخدمات يتباطأ. وتُحجم الشركات عن زيادة الإنفاق على الاستثمار في ظل الطلب الضعيف وآفاق غير مؤكَّدة. كما أن الصادرات ضعيفة، مع مواجهة بعض الصناعات الأوروبية صعوبة في الحفاظ على قدرتها التنافسية.

ووفق لاغارد، لا تزال سوق العمل مرنة، حيث نما التوظيف بنسبة 0.2 في المائة خلال الربع الثالث، متجاوزاً التوقعات. وظلَّ معدل البطالة عند أدنى مستوى تاريخي له بنسبة 6.3 في المائة خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وفي الوقت نفسه، لا يزال الطلب على العمل في تراجع، حيث انخفض معدل الوظائف الشاغرة إلى 2.5 في المائة خلال الربع الثالث، وهو أقل بمقدار 0.8 نقطة مئوية من ذروته. وتشير الاستطلاعات أيضاً إلى تقليص خلق الوظائف في الربع الحالي.

تقييم المخاطر

أشارت لاغارد إلى أن المخاطر الاقتصادية تظل مائلة نحو الجانب السلبي، حيث يمكن أن تؤثر الاحتكاكات التجارية والتوترات الجيوسياسية على نمو منطقة اليورو، وتقلل من الصادرات وتضعف الاقتصاد العالمي. كما قد يعوق تراجع الثقة تعافي الاستهلاك والاستثمار. في المقابل، قد يتحسن النمو إذا أسهمت الظروف المالية الميسَّرة وانخفاض التضخم في تسريع التعافي المحلي.

وأضافت: «قد يرتفع التضخم إذا زادت الأجور أو الأرباح أكثر من المتوقع، كما أن التوترات الجيوسياسية قد تدفع أسعار الطاقة والشحن إلى الارتفاع، وتؤثر سلباً على التجارة العالمية. علاوة على ذلك، قد تؤدي الأحداث المناخية المتطرفة إلى زيادة أسعار المواد الغذائية بشكل أكبر. في المقابل، قد ينخفض التضخم إذا أدى انخفاض الثقة والمخاوف الجيوسياسية إلى إبطاء تعافي الاستهلاك والاستثمار، أو إذا كانت السياسة النقدية تعوق الطلب أكثر من المتوقع، أو إذا تفاقم الوضع الاقتصادي عالمياً. كما يمكن أن تزيد التوترات التجارية من عدم اليقين بشأن آفاق التضخم في منطقة اليورو».