ازدحام وصعوبات تخنق آلية خفض الدولار في لبنان

صراف يعد ليرات في بيروت أمس (رويترز)
صراف يعد ليرات في بيروت أمس (رويترز)
TT

ازدحام وصعوبات تخنق آلية خفض الدولار في لبنان

صراف يعد ليرات في بيروت أمس (رويترز)
صراف يعد ليرات في بيروت أمس (رويترز)

أظهر الازدحام الشديد أمام شركات الصرافة اللبنانية المرخصة في اليوم الأول لتطبيق آليات جديدة لعرض الدولار من قبل البنك المركزي تنفيذاً لقرار حكومي، جانباً من مشهد سيتكرر لوقت طويل.
الطلب الشديد على العملة الصعبة في أسواق بيروت المنظمة وغير المنظمة حفزه تلقائياً حجم الأموال المضخمة المتوفرة في السوق، بما يتجاوز 20 تريليون ليرة، نتيجة طباعة كميات كبيرة من العملة واستخدامها للسحوبات من الودائع المصرفية، بما فيها الودائع المحررة بالدولار التي تشكل نحو 80 في المائة من إجمالي مدخرات القطاع الخاص.
وحددت نقابة شركات الصرافة سعر التداول بين 3910 ليرات للمبيع كحد أقصى، و3860 ليرة للشراء كحد أقصى، فيما تراوح سعر صرف الدولار في السوق السوداء ما بين 4200 و4300 صباحاً ليعود ويرتفع بعد الظهر إلى ما بين 4500 و4700 ليرة.
ويفسر هذا سير العمليات باتجاه واحد فعلياً، إذ لم تظهر أي عروض للبيع، فيما «تزاحم» الزبائن من مدخرين وتجار في تقديم الوثائق المطابقة للشروط المسبقة التي تم التوافق على توفرها لتحصيل الدولار، رغم مخاوف تفشي «كورونا». لكن تنفيذ العمليات التي بدأت متأخرة ظهراً لم يستمر فعلياً سوى لساعتين أو ثلاث وبكميات محدودة أيضاً بسبب الوقت الإضافي لإنجاز كل عملية، ليلجأ أغلب الصرافين بعدها إلى الإقفال وتنصرف الطوابير انتظاراً ليوم جديد.
وتوقع الخبير المصرفي الدكتور جو سروع «صعوبات وتعقيدات في تصويب المبادلات الدولارية في البلاد طالما لم يتم معالجة الأسباب المحفزة لمخاوف المدخرين، وفقدانهم الثقة بالعملة الوطنية واتضاح عدم صدقية التطمينات السابقة وعدم فاعلية التدابير المتلاحقة التي تم اتخاذها».
وقال سروع لـ«الشرق الأوسط» إن «موجة الطلب لا تقتصر على السيولة المحلية للأفراد والتجار، بل تتفشى إلى الأفراد والتجار السوريين الذين يعانون أيضاً شح الدولار في بلدهم ويتخوفون من بدء تطبيق قانون قيصر الأميركي بعد أيام». وفي المقابل، فإن «الوارد الخارجي من العملات الصعبة يقتصر على تحويلات اللبنانيين في الخارج والتي تقلصت بدورها بفعل تداعيات (كورونا) على الاقتصادات وفرص العمل والمداخيل، إضافة إلى مداخيل التصدير ومصادر دولية أقل حجماً» كالسفارات والهيئات الأممية. ولفت إلى تدني احتياطيات البنك المركزي السائلة دون مستوى 21 مليار دولار، بما يشمل الاحتياطي الإلزامي للمصارف الذي يناهز 15 مليار دولار.
ورأى أن «البلاد تعاني أصلاً من وضع اقتصادي شديد التعقيد، ووضع مالي صعب وشح في السيولة النقدية بالدولار، إضافة إلى كل ذلك، هناك المؤشرات السلبية إن كان على مستوى الدين العام، أم على مستوى عجز الموازنة أم على مستوى ميزان المدفوعات أم على مستوى الميزان التجاري. ويضاف إلى ذلك كله وجود اشتباك مالي واقتصادي بين الحكومة من جهة ومصرف لبنان والمصارف من جهة مقابلة، ناهيك بارتفاع غير مسبوق في نسب الفقر والبطالة».
وتستهدف الآلية النقدية التي ستظهر نتائجها الفعلية في الأيام المقبلة، خفض متوسط السعر إلى نحو 3200 ليرة، وفقاً لما أفضى إليه الاجتماع الرئاسي والحكومي نهاية الأسبوع الماضي، والتزام البنك المركزي بضخ نحو 30 مليون دولار، يرد الجزء الأكبر منها عبر تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين من خلال شركات الأموال غير المصرفية، ويتم صرفها لأصحاب الحق بسعر 3800 ليرة.
وتمهّد هذه التدابير التي تم استعجالها بفعل خروج سعر الدولار عن السيطرة الخميس الماضي، وظهور عمليات افتراضية عند عتبة 7 آلاف ليرة لكل دولار، مما تسبب بمظاهرات عنيفة، لانطلاق المنصة الإلكترونية يوم 23 يونيو (حزيران) الحالي، وهي عبارة عن تطبيق إلكتروني لعمليات الصرافة يفرض تخصيص لوحات إلكترونية عدة للعمل داخل الشركات المرخصة الملزمة بتحديد وإدخال السعر اليومي المعتمد من قبلها للتداول بالدولار وأي عملة أخرى.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.