لوّحت مصر بـ«خيارات أخرى» في مواجهة إثيوبيا، حال استمر فشل التوصل لاتفاق بشأن نزاع «سد النهضة». وقال وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أمس، إن بلاده ستضطر لـ«بحث خيــارات أخرى كاللجـوء إلـى مجلس الأمن، كي ينهض بمسؤولياته في تدارك التأثير على السلم والأمن الدوليين عبر الحيلولة دون اتخاذ إثيوبيا إجراء أحادياً يؤثر سلباً على حقوق مصر المائية». واستأنف وزراء مياه مصر وإثيوبيا والسودان، أمس، عبر الفيديو كونفرانس، المفاوضات بحضور مراقبين من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وجنوب أفريقيا (رئيسة الاتحاد الأفريقي)، غير أن شكري قال إن «الموقف التفاوضي الأخير مع إثيوبيا لا يبشر بحدوث نتائج إيجابية».
وتسعى مصر، ومعها السودان، للتوصل إلى اتفاق شامل لملء وتشغيل السد، قبل بدء إثيوبيا ملء الخزان المقرّر في يوليو (تموز) المقبل. وأوضح شكري، على هامش ندوة لمجلس الأعمال المصري - الكندي بالقاهرة، أمس، أن «مصر التزمت بنهج التفاوض مع الجانب الإثيوبي وتحلت بنوايا صادقة للتوصل لاتفاق منصف للطرفين، لكن تعنت إثيوبيا وتهربها من التفاوض سيضطر مصر للبحث عن خيارات سياسية أخرى».
واعتبر الوزير المصري أن «الموقف التفاوضي الأخير مع إثيوبيا لا يبشر بحدوث نتائج إيجابية مع استمرارية نهج التعنت»، مضيفاً أن ذلك «سيضطر مصر لبحث خيــارات أخرى كاللجـوء إلـى مجلس الأمن، لكي ينهض بمسؤولياته في تدارك التأثير على السلم والأمن الدوليين عبر الحيلولة دون اتخاذ إثيوبيا إجراء أحادياً يؤثر سلباً على حقوق مصر المائية».
والشهر الماضي تبادلت الدولتان إرسال الرسائل إلى مجلس الأمن الدولي، اتهم فيها كل طرف الآخر بالسعي للجور على حقوقه. قبل أن يعلنا، بمبادرة سودانية، استئناف المفاوضات المجمدة منذ فبراير (شباط) الماضي.
وأنعش انسداد الأفق الذي يواجه المسار التفاوضي للنزاع، الحديث عن الخيارات البديلة، بينها احتمالية نشوب مواجهة عسكرية، رغم رفض مصر «رسمياً» الحديث عن ذلك، والتأكيد على انتهاجها جميع السبل السلمية.
وتروج إثيوبيا لاحتمالية تعرضها لضربة عسكرية مصرية بـ«هدف انتزاع تعاطف لقضيتها»، وفق مراقبين. ويوم «الجمعة» الماضي، لوّح نائب رئيس هيئة الأركان الإثيوبي الجنرال برهانو جولا، بالحرب ضد مصر، قائلاً إن بلاده «ستدافع عن مصالحها حتى النهاية».
وأضاف في مقابلة مع صحيفة «أديس زيمن»، إن «مصر لا تعرف أن الشعب الإثيوبي شعب بطولي لا يخاف من موت بلاده، ويعلم المصريون وبقية العالم جيداً كيف يمكننا إدارة الحرب كلما حان وقتها». واتهم الجنرال مصر بـ«استخدام أسلحتها لتهديد الدول الأخرى لعدم الاستفادة من المياه المشتركة».
وتأتي تصريحات جولا، بعد أسبوع من أنباء تفيد بأن حكومة دولة جنوب السودان، وافقت على طلب مصري لإقامة قاعدة عسكرية في مدينة «باجاك»، قرب حدودها مع إثيوبيا. لكن وزارة الشؤون الخارجية في جوبا نفت ذلك، مؤكدة أنها «لا أساس لها من الصحة».
ويرى عضو البرلمان المصري مصطفى بكري، أن بلاده «تتمسك بالحل السياسي»، لكنها أيضاً «لن تفرط في حقوقها». وردّ بكري على تصريحات المسؤول الإثيوبي، في تغريدات على «تويتر»، قائلاً: «مصر لا تفرط في حقوقها ولا تقبل بالتفريط في حصتها المائية التي حددتها الاتفاقات الدولية»، معتبراً أن إثيوبيا «هي التي انقلبت على اتفاق إعلان المبادئ لأنها تنفذ أجنده تهدف إلى تركيع مصر، مصر لا تهدد ولا تركع يا هذا».
وتابع بكري: «إذا كانت مصر تفضل الحل السياسي، فليس معنى ذلك أنها غير قادرة على الحفاظ على حقوقها بكل الوسائل... أي قرار سيتخذه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي كل الشعب سيقف خلفه». وتناقش المفاوضات الدائرة «وثيقة توافقية»، أعدها السودان، بعد تفاقم الخلافات حول الجوانب الفنية لملء وتشغيل السد في المواسم الممطرة المعتادة أو خلال موسم الجفاف والجفاف الممتد. وتدور نتائج المفاوضات حول 3 سيناريوهات، وفق خبير المياه المصري الدكتور محمد نصر الدين علام،
وهي استمرار التعنت الإثيوبي، وعندها ستقوم مصر بالإعلان عن فشل المفاوضات وإنذار إثيوبيا بعدم ملء السد، مع مزيد من التصعيد.
والثاني، كما يشير علام، في تغريدة له، استجابة إثيوبية لمطالب السودان ومصر وتوقيع مبدئي على الاتفاقية، وأخيراً استجابة إثيوبية لبعض المطالب والاستمرار في المناورة حول البعض الآخر، ما يتطلب وقتاً إضافياً، وهو متروك لتقدير مصر، لتقرر الموافقة أو الرفض.
وتتخوف مصر من تأثير سلبي محتمل للسد على تدفق حصتها السنوية من مياه نهر النيل، البالغة 55.5 مليار متر مكعب، بينما يحصل السودان على 18.5 مليار. في المقابل، تقول إثيوبيا إنها لا تستهدف الإضرار بمصالح مصر، وإن الهدف من بناء السد هو توليد الطاقة الكهربائية.